في اللقاء الدوري الذي يعقده مع الاعلاميين الاقتصاديين، جدد رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه الدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية وانتظام عمل المؤسسات الدستورية، مع تأكيده على النتائج الايجابية التي حققها القطاع المصرفي اللبناني «في ظلّ الأحداث التي شهدتها البلاد، من اضطرابات أمنية متنقّلة ومن فراغ في سدّة الرئاسة الأولى وتعثّر كبير في عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية «.
وفي اجاباته على اسئلة الصحافيين خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بالامس في مبنى الجمعية وحضره نائبه سعد ازهري والامين العام للجمعية مكرم صادر، لم يشأ طربيه الحديث عن الغموض الذي يغلف تطبيق القانون الاميركي الذي اقره الكونغرس أخيرا ضد «حزب الله» ومصير رواتب نواب «حزب الله» التي تودع بالليرة خصوصا وان مصارف تعمد الى اقفال هذه الحسابات، مكتفيا بالرد على سؤال «المستقبل»: «ان القطاع المصرفي يخدم المجتمع اللبناني بكل مكوناته، وهذا الموضوع تمت معالجته بالتفاهم مع كل اللاعبين السياسيين ومع السلطة النقدية، ونأسف ان يقال اننا نشارك في استهداف لاي طائفة او فريق وهذا امر غير صحيح. ان القطاع المصرفي اللبناني يطبق القواعد المعروفة والصادرة الان بقوانين بالتعاون مع مصرف لبنان. نحن نتعاطى فقط مع اللوائح الرسمية الصادرة عن مرجعيات دورية سواء اكانت اميركية او اوروبية ام اجنبية، والتي تعين اشخاصا بالاسم. نحن لسنا اجهزة تحقيق، والاسماء التي تدرج على اللوائح محدودة جدا مقارنة مع حجم المودعين في القطاع المصرفي».
واوضح طربيه لدى سؤاله عن مصير السرية المصرفية في ظل التطورات والقوانين الجديدة، «ان القوانين لم تعد تسمح للسرية المصرفية بان تحمي الاموال غير النظيفة»، معتبرا ان السرية باتت «مهذبة» لا تغطي اموال الجريمة.
في مسألة البنك الاهلي السعودي الذي قرر اقفال فرعيه في لبنان، قال طربيه ان هذا الموضوع مبالغ فيه. وفي معلومات «المستقبل» في هذه النقطة ان ودائع البنك الاهلي السعودي في لبنان لا تزيد عن 9 ملايين دولار معظمها لمودعين لبنانيين، ويعمل لديه 24 موظفا فيما تسليفاته اقل من 200 الف دولار. اما حصته من السوق فلا تتعدى نسبة 0,03 في المئة.
وفي ما يتعلق باداء القطاع المصرفي في العام 2015، يمكن التوقف عند الايجابيات التالية:
– وصلت رساميل القطاع وأمواله الخاصة الى مستوى تاريخي بلغ 16,7 مليار دولار.
– سجَّل القطاع المصرفي نمواً في الودائع قدره 5 في المئة عام 2015. ويعني هذا المعدَّل ازدياداً في حجم الودائع بما مقداره 7,3 مليارات دولار عام 2015.
– بلغت القروض للقطاع الخاص، المقيم وغير المقيم، من دون احتساب قروض مصارف الأعمال والاستثمار، 54,2 مليار دولار في نهاية العام 2015، بزيادة قدرها 3.3 مليارات دولار ونسبتُها 6.5 في المئة مقارنةً مع نهاية العام 2014.
– بقيت نوعية محفظة الإقراض للقطاع الخاص جيدة، إذ بقيت نسبة الديون الصافية غير العاملة(NNPLS) إلى إجمالي المحفظة في مستوى متدنٍّ وبحدود 3 في المئة، علماً أن نسبة المؤونات إلى الديون المشكوك بتحصيلها تحديداً تخطَّت 70 في المئة.
في تفاصيل المؤتمر، قال طربيه ان لبنان يمرّ حالياً في فترة سياسية حرجة تنعكس على عمل المؤسّسات الدستورية مع فراغ متمادٍ في الرئاسة الأولى، لافتا الى ان الاقتصاد، يسجل معدّل نمو ضعيفاً قارب 1 في المئة عام 2015. في حين تمثلت الايجابيات في تراجع طفيف في أسعار السلع والخدمات، واستقرار في مستوى الاجور وفي معدّلات الصرف والفوائد.
واوضح طربيه ان الاوضاع التي يمر بها لبنان تترافق مع اختلالات متكرّرة في المدفوعات الخارجية حيث سجّل ميزان المدفوعات في العام 2015 عجزاً بلغ 3,4 مليارات دولار رغم تراجع العجز في الميزان التجاري بما يقارب المليارَيْ دولار، ما يعني أن ثمّة تراجعاً ملحوظاً في التدفقات المالية الوافدة، وبخاصة في حجم الإستثمارات الأجنبية المباشرة.
وعرض لاداء القطاع المصرفي في ظل هذه المعطيات، اذ «سجَّل قطاعنا المصرفي نمواً في الودائع قدره 5 في المئة عام 2015، ويعني هذا المعدَّل ازدياداً في حجم الودائع بما مقداره 7,3 مليارات دولار عام 2015، وهو أكثر من كافٍ لتغطية الاحتياجات التمويلية للإقتصاد الوطني بقطاعَيْه العام والخاص، والتي لم تتعدَّ في مجملها ما يقارب 3.1 مليارات دولار خلال العام 2015.«
أما رساميل المصارف وأموالها الخاصة، فقد قاربت مستوىً تاريخياً بلغ 16,7 مليار دولار إذ تمَّت إضافة 937 مليون دولار عام 2015. وبحسب طربيه، فان هذه الأموال الخاصة تكتسب أهمية كبرى لجهة تعزيز ثقة المودع المحلّي والأجنبي بالقطاع المصرفي اللبناني، وان هذه الإضافة إلى موارد المصارف تتّصف بكونها موارد طويلة الأجل يمكن استعمالها في عمليات الإقراض المتوسط والطويل، كما أنها تقوّي المراكز المالية للمصارف بحيث من المقدّر أن يكون معدل الملاءة في القطاع قد فاق الـ 14 في المئة حسب معايير بازل 3 في نهاية العام 2015.
وفي المقابل، وصل إجمالي قروض المصارف للقطاع الخاص، المقيم وغير المقيم، من دون احتساب قروض مصارف الأعمال والاستثمار، الى نحو 54,2 مليار دولار في نهاية العام 2015، أي بزيادة قدرها 3.3 مليارات دولار ونسبتُها 6.5 في المئة مقارنةً مع نهاية العام 2014. واوضح طربيه في هذه النقطة انه مع تراجع الاستثمارات الخاصة المحلية الوافدة، فان التسليف المصرفي يصبح السبب الأول والأهم للنمو الاقتصادي في لبنان، ولو بنسبة ضئيلة (1 في المئة)، لافتا الى انه «لولا هذا النشاط التسليفي لكان الناتج المحلي الإجمالي للبلد قد سجَّل معدّل نمو سلبيّاً بحدود 1.5 في المئة».
وشدد على نوعية محفظة الاقراض للقطاع الخاص، اذ لم تترافق زيادة التسليفات المصرفية مع أيّ تدهور في نوعية هذه المحفظة. وبقيت نسبة الديون الصافية غير العاملة(NNPLS) إلى إجمالي المحفظة في مستوى متدنٍّ وبحدود 3 في المئة، علماً أن نسبة المؤونات إلى الديون المشكوك بتحصيلها تحديداً تخطَّت 70 في المئة.
وبحسب النتائج الاولية غير المدققة، فان معدّل الربحيّة على الأموال الخاصة فاق 9 في المئة، فيما بقيَ بحدود 1 في المئة على متوسط الموجودات.
اما على صعيد تمويل القطاع العام، فذكر طربيه بان العام 2015 شهد إصدارين (في شباط وتشرين الثاني) لسندات يوروبوند بقيمة إجمالية قدرها 3,8 مليارات دولار، لآجال تراوح بين 10 و20 سنة، والتي اكتتبت المصارف بجزء كبير منها، وباتت تحمل في ميزانياتها 70 في المئة من محفظة سندات اليوروبوندز ونسبة تقارب 54 في المئة من مجمل مديونية الدولة العامة بالليرة والعملات الأجنبية.
وشدد طربيه على ان القطاع المصرفي يشكل الركيزة الأساسيّة للاستقرار الإقتصادي والمالي والإجتماعي في البلاد، وهو أيضاً دعامة دائمة للاستقرار الأمني الذي يضمنه ويظلّله الجيش اللبناني وسائر المؤسّسات العسكرية والأمنية الشرعية. وقال «ان القطاع المصرفي اللبناني، المؤلّف من 69 مصرفاً في نهاية العام 2015 يساهم بنحو 6 في المئة في تكوين الناتج المحلي الإجمالي، وهو يستخدم نحو 24 ألف موظف، بينهم 46 في المئة من الإناث و75 في المئة من حمَلة الشهادات الجامعية. كما أنه يقدّم لموظفيه، من خلال عقد العمل الجماعي، شروط عمل لائقة تُعدّ من الأفضل في البلاد.«
ونوه مجددا باقرار المجلس النيابي للقوانين المالية نهاية العام الماضي، معتبرا ان «النصوص التشريعية الجديدة تُوفّر إطاراً قانونياً صلباً للمصارف من أجل مكافحة الجرائم المالية ولتعاون لبنان مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال، وتوجّه رسالة قوية حول جدّية التزام الدولة اللبنانية والقطاع المصرفي على هذا الصعيد، كما أنها تعزّز تعامل القطاع المصرفي اللبناني مع الأسواق العالمية والمصارف المراسلة، بحيث تستمرّ مصارفنا بكفايتها المعهودة في تأدية دورها الناشط والحيوي في خدمة الإقتصاد الوطني وفي صون سمعة لبنان المالية عربياً ودولياً«. ولفت الى لبنان حصل بعد اقرار هذه القواينن على تنويه مجموعة العمل الدولية لمكافحة تبييض الاموال (غاف) بانه «استكمل الاجراءات اللازمة لمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب».
اضاف«ان القطاع المصرفي اللبناني استطاع أن يبرهن مرةً أخرى عن مناعة راسخة في وجه التحدّيات الداخلية والخارجية، وعن قدرة واضحة وأكيدة على التكيّف مع أصعب الظروف السياسية والأمنية والإقتصادية وأكثرها تعقيداً. فالنتائج التي حقّقها قطاعنا إيجابية وجيّدة في ظلّ الأحداث التي شهدتها البلاد، من اضطرابات أمنية متنقّلة ومن فراغ في سدّة الرئاسة الأولى وتعثّر كبير في عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية. يُضاف الى ذلك تلبّد الأجواء الإقليمية المنعكسة سلباً على مختلف مجالات الإستثمار في لبنان، بما فيه الإستثمار المالي«. وختم قائلا «مصارفنا قويّة بقاعدة مودعيها الصلبة! وهي قويّة بنوعية محافظ إقراضها، وقويّة بقاعدة رساميلها العريضة، وأخيراً قويّة بشبكة انتشارها الداخلية والخارجية، وكفاءة مواردها البشرية«.