تقرير “العرب”: مدينة دبي تحول نفاياتها إلى حديقة بيئية تتزين بالمجسمات العملاقة وتجذب أنظار آلاف الزائرين من العالم حيث تأخذهم بين معالم خيالية وأخرى ساحرة.
في صحراء مدينة دبي، تقع أول حديقة متوهجة في الشرق الأوسط، وهي الأكبر من نوعها في العالم. حديقة تمتد على مساحة تبلغ 160 ألف متر مربع، وكل متر فيها متوهج بمجسمات تشع منها مختلف أنواع الإنارة، بشتى الألوان.
وفي المساء، تتحول الحديقة إلى ما يشبه الشعلة، تجذب أنظار المارة في الشوارع، وركاب السيارات، بل وتجذب أنظار ركاب الطائرات حين هبوطها أو إقلاعها من مطار دبي القريب من الحديقة.
وتحمل الحديقة اسم “دبي غاردن غلو” وافتتحت قبل أسابيع قليلة، وتجذب يوميا ما يزيد عن خمسة آلاف زائر من مختلف الجنسيات.
والمثير أن المجسمات العملاقة التي تتزين بها الحديقة، وتشع منها مختلف أنواع الإضاءة، مصنوعة من نفايات معاد تدويرها.
وتوصف الحديقة، بأنها حديقة السحر والخيال كونها تأخذ زائرها بين معالم خيالية، وأخرى ساحرة، من بينها أشجار ناطقة، ونباتات تشع منها الأنوار، وتتحرك فيها ديناصورات، أو بالأدق مجسمات ديناصورات بالحجم الطبيعي، بين الزوار، وإلى جوارها مجسمات من الأنوار لحيوانات الغابات، أسود وزرافات وقرود وتماسيح وطيور تبهر الجميع.
فكرة الحديقة مستوحاة من محمية ماساي مارا الأفريقية، وتقدم لزوارها مشاهد عن هجرة الحيوانات البرية بتفاصيلها المتنوعة. وبمجرد أن تنتهي من مشهد الفيلة والنمور تجد نفسك أمام ممر أزهار الزنبق الهولندية، وعلى الجانب تتوسط تلك الشجرة الناطقة والتي يلتف حولها مخيم الديناصورات وجزيرة الباندا ومدينة الحلوى والكثير من التحف التي تجذب الكبار والصغار.
تتفنن الحديقة في إبهار وجذب زوارها، فبين الفعاليات والعروض المباشرة وأداء الفرق الموسيقية والفنية العالمية التي تم استقدامها لتقديم المتعة لرواد الحديقة، يقضي الزائر ساعات بين معالم سياحية وعمرانية مضاءة بألوان مبهرة.
وتجمع الحديقة إلى جانب مجسمات معالم الإمارات الشهيرة المصنوعة من النفايات والمواد المعاد تدويرها الكثير من الأشكال الأخرى كالزهور المنتشرة في الدول الأوروبية، والحيوانات كالجمال والديناصورات والدراجات النارية والأشجار والشخصيات الكرتونية والهياكل.
وتعد دبي غاردن غلو من أهم المشاريع الحضارية التي ولدت ضمن توجهات الإمارات نحو تعزيز السياحة البيئية لاستثمار المقومات الطبيعية والسياحية التي تمتلكها، في محاولة لجذب هواة الطبيعة وعشاق البيئة الهادئة والأضواء المبهجة والزهور، خاصة خلال أشهر الشتاء المميزة من العام التي تتسم باعتدال الأجواء والشمس الساطعة.
وتوفر الحديقة باقة من الخدمات التي تكفل راحة الزائرين، وتمت مراعاة أن يناسب تصميم الحديقة كل الشرائح التي تزورها بما في ذلك ذوو الاحتياجات الخاصة وكبار السن بشكل يكفل لهم سهولة الحركة والتجول والاستمتاع بالمكان، كما تم توفير مواقف للسيارات لاستيعاب عدد كبير من الزوار خاصة في الأعياد والعطل الأسبوعية، بالإضافة إلى توفير أكبر قدر ممكن من معايير الأمن والسلامة المطلوبة.
وتعد حديقة دبي المتوهجة أول حديقة للترفيه والتعليم تحمل رسالة اجتماعية في خفض الانبعاثات الكربونية والحفاظ على العالم من خلال إعادة التدوير لتقدم تجارب متنوعة تحت شعار “فنون في النهار وتألق في الليل”.
ويعد المشروع أحد أهم إنجازات بلدية دبي، ويضم مجسمات مستوحاة من عجائب الدنيا السبع، وتضم الحديقة العديد من الألعاب والأنشطة الترفيهية التفاعلية وممشى يقدم مأكولات من مطابخ مختلف أنحاء العالم.
كما تعرض الحديقة تحفا تستعد لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية، منها نسخة مصغرة من مسجد الشيخ زايد الكبير مصنوعة من 90 ألف كأس وصحن وملعقة من الخزف بطول 14 مترا، ونسخة من برج خليفة مصنوعة من 330 ألف زجاجة دواء صغيرة معبأة بمياه ملونة تمتد على ارتفاع 16 مترا، كما تضم الحديقة هياكل ومرافق مثيرة للأطفال منها الشجرة الناطقة وجنة الباندا ومخيم الديناصورات ومدينة الحلوى.
واستطاعت الحديقة المتوهجة خلال أسابيع قليلة أن تكون معلما ترفيهيا مهما في الإمارة، والمشروع رسالة مهمة للجمهور وهي التزام دبي نحو إعادة التدوير وخفض الانبعاثات الكربونية، حيث تم بناء مجسمات مختلفة من مواد تمت إعادة تدويرها مثل قناني الماء والدواء والأطباق، بالإضافة إلى عروض الليزر والإضاءة وتم استخدام حوالي 3 ملايين مصباح إضاءة للحديقة والمجسمات، وهذا النوع من الإضاءة يستهلك كمية ضئيلة من الكهرباء مقارنة بالأنواع الأخرى.
وقال مدير عام بلدية دبي، المهندس حسين ناصر لوتاه، إن دبي غاردن غلو جاءت التزاما برؤية الإمارة نحو توفير المزيد من مرافق الترفيه والتسلية للمقيمين والسياح، حيث تسعى الإمارة لتحقيق الريادة في قطاع الترفيه والتسلية بهدف جذب جمهور أوسع من السياح من جميع الفئات العمرية، مشيرا إلى أن الحديقة تهدف أيضا إلى تشجيع الزوار على استخدام المنتجات المعاد تدويرها بهدف الحد من انبعاثات الكربون وهي رؤية فريدة تعليمية وترفيهية أصبحت حقيقة ملموسة، وذلك باستخدام أحدث التقنيات وخبرات عدد من أفضل الفنانين الموهوبين في العالم.
وأشار لوتاه إلى أن إقامة هذه الحديقة، يهدف إلى تعزيز الصحة العامة، فالأنشطة التي تمارس في الهواء الطلق من شأنها أن تكون عنصرا مهما في الحفاظ على الصحة وزيادة الشعور بالسعادة، مؤكدا أن هذا المشروع هو نتاج بلدية دبي لتعزيز مبدأ الاستدامة والمساعدة في إبراز جمال المدينة للأجيال الناشئة، مؤكدا الالتزام بالاستثمار والابتكار لتقديم مشروعات ترفيهية مخصصة للعائلات.