مع استمرار «العزف» على وتر الفراغ السياسي، ومع استمرار الأزمات البيئية والحياتية وفي مقدمها ملف النفايات الذي عاد إلى المربع الأوّل، وهذه الأجواء يبقى الاقتصاد اللبناني في مربع عدم اليقين، وتالياً في دائرة التردد المشوب بأداء ضعيف امتدت تداعياته إلى وضع المالية العامة التي تراجعت ايراداتها بفعل التباطؤ الاقتصادي، بينما تمضي نفقاتها في الارتفاع.
المشهد الاقتصادي غير مطمئن وينذر بمضاعفات غير سليمة ما لم يُصَر، وسريعاً إلى إعادة ترتيب وضع المؤسسات الدستورية بملء الشواغر (رئاسة الجمهورية) وتفعيل بقيتها وتحديداً على مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية. اما الحديث أو رهان البعض على ما يجري في سوريا لترتيب البيت الدستوري الداخلي، بما يناسب مصالحه، فهو رهان خاسر لن يؤدي الا إلى مزيد من التدهور الاقتصادي والمالي، وإلى تفجير أزمات بيئية واجتماعية ومحلية.
وحده القطاع المصرفي، ومن امامه مصرف لبنان يوفران الدعم للاقتصاد، ويحولان تالياً دون الدخول في مربع الانهيار، وهما أيضاً يحميان الوضع المالي للدولة من أزمة قد تكون مدمرة للجميع، إذ انه لم يعد من الجائز الاستمرار في سياسة الانفاق العشوائي غير المنظم، والمطلوب فوراً العودة إلى قوننة سياسة الانفاق من خلال موازنات عامة يتم اقرارها حسب الأصول الدستورية.
في غضون ذلك نقل التقرير الاقتصادي الأسبوعي الصادر عن مجموعة «بنك الاعتماد اللبناني» عن النشرة الشهرية لجمعية مصارف لبنان ان الميزانية المجمعة للمصارف التجارية سجلت زيادة سنوية بنسبة 5.86 في المئة (15.516 مليار ليرة) إلى لـ280.379 مليار ليرة (185.99 مليار دولار) في نهاية العام 2015، مقابل 264.863 مليار ليرة (175.70 مليار دولار) في نهاية العام 2014. وقد بقيت السيولة في القطاع المصرفي عالية بحيث ازدادت نسبة السيولة الأوّلية إلى 78.22 في المئة من ودائع الزبائن، مقارنة مع 78.06 في المئة في العام 2014.
على صعيد المالية العامة، تظهر إحصاءات جمعية مصارف لبنان ووزارة المالية انكماشاً في الدين العام الإجمالي بحوالى 124.05 مليون دولار خلال شهر كانون الأوّل من العام 2015 إلى 70.31 مليار دولار، مقابل 70.44 مليار دولار في شهر تشرين الثاني. أما على صعيد سنوي فقد ازداد الدين العام الإجمالي بـ3.74 مليار دولار، مقارنة بالمستوى الذي كان عليه في نهاية كانون الأوّل 2014، والبالغ حينها 66.57 مليار دولار. يجدر الذكر في هذا السياق ان حصة القطاع المصرفي من الدين العام الإجمالي قد وصلت إلى 517،76 في المئة. ووفقاً لاحصاءات جمعية المصارف في لبنان، سجل مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية ارتفاعاً سنوياً بلغت نسبته 1.40 في المئة في شهر كانون الأوّل من العام 2015، مقابل تراجع نسبته 0.17 في المئة في شهر تشرين الثاني وزيادة بنسبة 0.41 في المئة في شهر تشرين الأوّل.
في مقلب آخر أظهر مؤشر الحركة الاقتصادية في لبنان والذي يتضمن سلة من المؤشرات، الا وهي استيراد المشتقات النفطية وانتاج الكهرباء وحركة مقاصة الشيكات وتسليمات الاسمنت وحركة المسافرين الاجانب وحركة التجارة الخارجية والكتلة النقدية (M3) تحسناً بنسبة 4.16 في المئة خلال شهر تشرين الثاني من العام 2015 إلى 293.1 مقارنة بنتيجة 281.4 في شهر تشرين الأوّل. اما على صعيد سنوي فقد تطوّر هذا المؤشر بنسبة 9.08 في المئة مقارنة بالمستوى الذي كان عليه في شهر تشرين الثاني من العام 2014 والبالغ حينها 268.7، الأمر الذي يعكس تحسناً معتدلاً للنشاط الاقتصادي.
إلى ذلك، واستناداً إلى إحصاءات جمعية مستوردي السيّارات، وصلت مبيعات السيّارات الجديدة في لبنان إلى 2.409 سيّارة خلال شهر كانون الثاني من العام 2016، مقارنة مع 3.440 سيّارة في شهر كانون الأوّل 2015. اما على صعيد سنوي فقد انخفضت مبيعات السيّارات الجديدة بنسبة 1.11 في المئة مقارنة بالمستوى الذي كانت عليه في شهر كانون الثاني من العام 2015، والبالغ حينها 2.436 سيّارة، يعود ذلك بالاخص إلى التراجع بنسبة 3.40 في المئة في مبيعات السيّارات اليابانية إلى 937 سيّارة والانكماش بنسبة 0.95 في المئة في مبيعات السيّارات الأوروبية إلى 624 سيّارة والانخفاض بنسبة 9.52 في المئة في مبيعات السيّارات الأميركية إلى 133 سيّارة، الأمر الذي طغى على التحسّن بنسبة 4.12 في المئة في مبيعات السيّارات الكورية إلى 707 سيّارة.
واستناداً إلى إحصاءات نقابة المهندسين، انخفضت مساحات البناء المرخصة في لبنان، والتي تعكس توقعات مستوى العرض في القطاع العقاري، إلى 666.675 متراً مربعاً خلال شهر كانون الثاني من العام 2016، مقارنة مع 918.049 متر مربع في شهر كانون الأوّل 2015. على صعيد سنوي تراجعت مساحات البناء المرخصة بنسبة 8.95 في المئة عند مقارنتها بالمستوى الذي كانت عليه في الشهر نفسه من العام 2015، والذي بلغ حينها 0.73 مليون متر مربع.
من جهة ثانية، تظهر ميزانية مصرف لبنان زيادة بقيمة 119.76 مليون دولار في الموجودات بالعملة الأجنبية خلال النصف الأوّل من شهر شباط 2016 إلى 37.14 مليار دولار، مقابل 37.02 مليار دولار في نهاية شهر كانون الثاني. وتبين ميزانية مصرف لبنان ارتفاعاً في قيمة احتياطات لبنان من الذهب بـ887.65 مليون دولار خلال النصف الأوّل من شهر شباط إلى 11.16 مليار دولار.
استناداً إلى تعميم جمعية المصارف في لبنان رقم 045/2016 المؤرخ في 11 شباط 2016، أوصى مجلس إدارة جمعية المصارف في لبنان خلال اجتماعه الأخير المصارف اللبنانية بإبقاء معدل الفائدة المرجعية في السوق على التسليفات بالليرة اللبنانية ثابتاً على 8.71 في المئة ابتداءً من مطلع شهر آذار 2016. في السياق نفسه، حثّ مجلس إدارة الجمعية المصارف اللبنانية على رفع معدل الفائدة المرجعية في السوق على التسليفات بالدولار بنقطتي أساس إلى 6.21 في المئة.