يبدو لافتاً للانتباه في ظلّ الظروف الاقتصادية التي تمرّ بها المنطقة العربية ككلّ، أن يستمرّ رجال الأعمال في ابتكار الآمال والبحث عن آفاق جديدة، وإن كانت الظروف كفيلةً بتخييب آمال كثيرة. فأمس، أعلن السفير المصري الدكتور محمد بدر الدين زايد مشروع «مصر – لبنان .. الى افريقيا»، الذي يبدأ مع وصول بعثة تجارية مصرية رفيعة المستوى في مجال مواد البناء والتشييد الى لبنان في الفترة الممتدة من 29 الحالي حتى 2 آذار المقبل، لبحث آفاق التعاون بين البلدين في هذا المجال، وامكانية استغلال التعاون لتعزيز تواجد شركات البلدين في افريقيا.
زيادة حجم الصادرات
ويوضح زايد لـ»السفير» أن «هناك خطّة لتوطيد التعاون المشترك في مختلف المجالات، ورؤيتنا للمرحلة المقبلة أنّ قطاع البناء هو من أبرز مجالات التعاون لزيادة حجم الصادرات بين البلدين»، مفيداً بأنّ «هناك إنتاجاً مصرياً متميّزاً لمواد البناء، مقابل سوق لبناني يستورد معظم مواد البناء». ويرى أنّ «هناك بعداً آخر للتعاون وهو الشراكة بين رجال أعمال البلدين في الدول الافريقية التي تمرّ في هذا الوقت في مرحلة بناء للبنى التحتية، وبالتالي قطاع البناء مزدهر بشكلٍ كبير فيها، ومن المهم التعاون بين رجال الأعمال اللبنانيين والمصريين لتحسين أوضاعهم في السوق الافريقي».
من جهته، يؤكد رئيس «غرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات» أحمد عبد الحميد لـ «السفير» أن «القاعدة الصناعية المصرية في مواد البناء كبيرة جداً ومعروفة ولاسيما بالنسبة للمستهلك الافريقي، إلاّ أنّ المصريين ليسوا بارعين في مجال التسويق، فبالتالي من الضروري إيجاد سبل للتعاون بين العنصر الصناعي وعنصر التسويق الذي يبرع فيه اللبنانيون، ما يسمح لرجال الأعمال بتطوير أعمالهم في السوق الافريقي». ويرى أنّ هناك قطاعات أخرى يمكن أن يحصل التعاون فيها أيضاً، خصوصاً المواد الغذائية والكيماوية.
وفي المؤتمر الصحافي أمس، في المقر الرئيسي لبنك مصر لبنان في بيروت، أعلن عن البعثة التجارية المتخصصة في قطاع مواد البناء من مصر الى لبنان والتي ستبدأ اعمالها بجلسة افتتاحية يرأسها وزير الاقتصاد والتجارة الدكتور ألان حكيم في فندق فينيسيا في بيروت وتستكمل بلقاءات ثنائية وبزيارة لكل من غرفة طرابلس وغرفة صيدا والجنوب، وذلك بالتعاون بين السفارة المصرية في بيروت واتحاد الغرف اللبنانية، وغرفة صناعة مواد البناء في اتحاد الصناعات المصرية وغرفة الصناعات المعدنية، وجمعية الصداقة المصرية ـ اللبنانية ومجموعة الاقتصاد والأعمال والمجلس التصديري لمواد البناء في مصر.
بدايةً تحدث مدير عام بنك مصر لبنان فادي الداعوق لافتاً الانتباه إلى أن البنك يمثل اقدم واهم استثمار مصري في لبنان تأسس عام 1929 وهو من خلال 18 فرعاً (وقريباً هذه السنة 20).
وأكد زايد «وجود مجال واسع في قطاع البناء أمام لبنان، وذلك بحكم ما تتمتع به مصر من علاقة قوية بالقارة الإفريقية اقتصادية وسياسية»، مشيراً إلى أن «خاصية لبنان المتمثلة في الهجرة والانتشار في أفريقيا، تفتح مجالات واسعة أمام رجال الأعمال اللبنانيين الموجودين في أفريقيا. ما دفعنا إلى التفكير في كيفية بناء شراكات معهم، ومن هنا جاءت فكرة تنظيم هذه البعثة التي يشارك فيها أكثر من 35 شركة من مصنعين ومصدّرين لمواد البناء، آملاً في أن تتمكن هذه البعثة من إعادة العلاقات التجارية بين البلدين إلى طبيعتها بعدما تراجعت حركة الصادرات والواردات مؤخراً». وأكد أنه «كلما زاد التفاعل بين رجال الأعمال اللبنانيين والمصريين زادت فرص الشراكات والمصالح المشتركة. ومشروع البعثة هو امتداد لما قامت به السفارة سابقاً. ونوّه بنشاط جمعية الصداقة المصرية اللبنانية التي يمثل الأعضاء اللبنانيون فيها 40 في المئة».
وأكد عبد الحميد أن العلاقات المصرية اللبنانية علاقات قوية راسخة بقواعد من الحديد والاسمنت. مشيراً إلى وجود فرصة ذهبية تعيد الحركة التجارية بين لبنان ومصر إلى حالتها الطبيعية قبل عامين.
كما شدّد مستشار رئيس غرفة طرابلس حسان ضناوي على إيمان الغرفة بالعلاقات اللبنانية المصرية التي تعود إلى ما قبل 1000 عام. مشيراً إلى سلسلة لقاءات تمت مع سفير مصر في لبنان للبحث في سبل تفعيل وتقوية التعاون بين الجانبين.
رئيس غرفة صيدا والجنوب محمد صالح رأى أن «الاجتماعات المتكرّرة للقطاع العام والخاص في مصر ولبنان تُترجم حرص الطرفيّن على تعزيز العلاقات الاقتصاديّة واقتناص فرص جديدة من شأنها زيادة التّبادل التجاري وتحفيز الاستثمارات الثنائيّة بين بلديْنا وتذليل العقبات الاداريّة واللوجستيّة في المجالات الاقتصاديّة كافّة».
من جهته، أوضح الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبوزكي أن زيارة الوفد التجاري المصري المتخصص إلى لبنان هي ثمرة من ثمرات الجهود المشتركة التي قامت بها السفارة المصرية في بيروت برئاسة السفير محمد بدر الدين زايد منذ أوائل العام الماضي وذلك بالتنسيق والتعاون مع مختلف الوزارات المختصة والهيئات الاقتصادية المعنية في مصر ولبنان ومع مجموعة الاقتصاد والأعمال».
وأثار رئيس لجنة العلاقات الخارجية في اتحاد الغرف اللبنانية ناجي مزنّر مسألة زيادة مصر لما نسبه 25 في المئة على السلع المستوردة وما إذا كانت ستشمل اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية. وأوضح السفير محمد بدر الدين زايد عدم شموليتها لاتفاقية التيسير وبأن هذه الرسوم مؤقتة.