كتبت كلير شكر في صحيفة “السفير”:
ينام سمير جعجع على حرير “الثمن” الذي دفعه، والذي كان “لا بدّ منه” في دعم ترشيح العماد ميشال عون بعدما “فرضت الظروف ذلك”، قاصداً بذلك “القنبلة” التي رماها حليفه سعد الحريري بوجهه وبوجه بقية الموارنة حين اختار سليمان فرنجية مرشحه لرئاسة الجمهورية، فارضاً بذلك انقلاباً في استراتيجية قوى “14 آذار” الرئاسية.. ويرمي الكرة في ملعب الخصوم، أي “حزب الله”.
يكتفي الرجل بهذا القدر من الدفع، أو بالأحرى بهذا النوع من الضغط، لكونه يضع الحِمْل كله على كتفَيْ قوى “8 آذار” لتكون وحدها المسؤولة عن تعطيل الرئاسة، واستطراداً الحؤول دون انتخاب الجنرال، الذي هو “أقل 8 آذارية”، رئيساً للجمهورية.
يُجري “حكيم معراب” بحسبة بسيطة تقوم على أساس أنّ قوى “8 آذار” أودعت في الجلسة الانتخابية الأولى لرئاسة الجمهورية 57 ورقة بيضاء فيما يبلغ عدد كتلة “القوات” النيابية 8 أعضاء، ما يضع بنتيجتها 65 صوتاً في جيب رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” ليُنتخب سيداً على قصر بعبدا، طالما أنّ زعيم “المستقبل” حسمها بالصوت والصورة أنه لن يلجأ الى ورقة المقاطعة كي يعطّل العملية الانتخابية.
يحصر جعجع خطابه وتوجّهه السياسي بهذه المعادلة. أن يصبح خصمه التاريخي رئيساً للجمهورية لم تعُدْ مهمة مستحيلة، لا بل تطلّب توحيداً لصفوف قوى “8 آذار”.
يُصرّ الرجل على أنّ هذا السيناريو واقعي و”يمكن أن يحصل في أي وقت إذا ما أرادت الضاحية الجنوبية ذلك”.
لكن الاستنتاج المركزي الذي يخرج به من بعد سرد الوقائع كلها، هو أنّ “حزب الله” لا يريد راهناً رئيساً للجمهورية ويفضّل الشغور، ولهذا يترك لعبة “التمايزات” بين “تبنٍّ شرعي وتبنٍّ غير شرعي” تأخذ مجراها، مع أنّ الحريري وصّف الوضع بأنّ الحزب يستمهل الوقت فقط.
يفضّل رئيس “القوات” عدم التماثل مع خطاب “حلفائه الجدد”، أي “التيار الوطني الحر” الذي يحاذر تجاوز الميثاقية وبالتالي احترام رأي الأكثرية المسيحية لتكون ممراً إلزامياً الى القصر، لأن “الأمور تقف عند سقف العودة الى الاصطفافات المذهبية والطائفية التي تُنذر بحروب وخيمة لا نريد العودة إليها”. ويكتفي بلغة “الإرشاد”: “لو كنت مكان سعد الحريري، لما زعّلت الأكثرية المسيحية منّي”.
ولهذا، يرفض جعجع نبش قبور “الخلافات” مح حلفائه وتحديداً مع سعد الحريري الذي اتفق معه على أن الاختلاف لا يُفسد للودّ قضية، ولا ينظر الى كوب يوم 14 شباط وتحديداً الى خطاب زعيم “المستقبل” بما تضمّن من “نكتة قد تكون سمجة”، إلا الى نصفه الملآن: إنّ أهم ما جاء في الخطاب هو تأكيد الحريري رفضه مقاطعة جلسات الانتخاب ونفيه وجود أي فيتو على أي مرشح. من هذا “الخرم” ينظر بإيجابية الى إمكانية تغيير المعادلة الرئاسية، وإقناع الحريري بالتصويت لمصلحة الجنرال.
فهل هو متفائل بإمكانية وصول الجنرال الى بعبدا؟
يجيب أنّه بالمنطق يجب أن يتفاءل إذا ما التزمت قوى “8 آذار” بما سبق وأعلنته عن دعمها لرئيس “تكتل التغيير والإصلاح”. لا يقتنع “سيد معراب” بالحجج المساقة من جانب “حزب الله” بأنّه غير قادر على سحب رئيس “المردة” من السباق الرئاسي، خصوصاً أنّهم منزعجون من “دلقة” فرنجية على سعد الحريري، كما يقول جعجع. ويشير في هذا السياق الى أنّ بعض العونيين صاروا يشككون في موقف حلفائهم.
هنا، يُبدي الرجل استغرابه من المتمسكين بمقولة حصر الترشيحات بالأقطاب الأربعة، مشيراً الى أنّه “أصلاً لم يقتنع بهذه المعادلة ولم يفهم حيثيتها، إذ إنّ بطرس حرب يوازي شعبياً سليمان فرنجية، فما هو المعيار لحصر القطبية بالأربعة فقط؟ وبكل الأحوال فإنّ الأكثرية تدعم اليوم وصول العماد عون، فيما الرئيس أمين الجميل ينتظر حظوظه التي ستأتي لاحقاً!”.
وإذ يرفض “التنقير” على موقف “الكتائب” السلبي من التفاهم العوني ـ القواتي، يعود الى المفاوضات التي جرت مع “المردة” لتأكيد أنّ مسارها أظهر أنّ التباعد يحول دون التقاء الفريقين ولهذا طُويت الصفحة.
الى ذلك، أكد جعجع أنّه “لا القوات تركض وراء الحوار مع حزب الله ولا الأخير يركض وراء الحوار معنا”، مشيراً الى أنّ النقاط العشر التي وردت في التفاهم مع الجنرال “أقوى من إعلان بعبدا ومن البيان الوزاري لحكومة تمام سلام”، مؤكداً أنّه من المبكر الحديث عن التحالفات النيابية.