Site icon IMLebanon

دولة لبنان تحت احتلال “حزب الله”(بقلم رولا حداد)

hezbollah-flag-new-1

 

كتبت رولا حداد

لم تعد تنفع كل عمليات التجميل لما يحصل، ولم يعد ينفع تدوير الزوايا في توصيف الصورة الحقيقية للواقع اللبناني. القرار السعودي بوقف المساعدات العسكرية للجيش والقوى الأمنية في لبنان، وتأييد الإمارات العربية المتحدة والبحرين وكل دول مجلس التعاون الخليجي لعملية إعادة نظر شاملة بالعلاقات مع لبنان، أسقطا ورقة التوت الأخيرة عن حقيقة أن لبنان بات علناً دولة يحتلها “حزب الله” بشكل كامل ويسيطر على كل قراراتها، والأمثلة أكثر من أن تُحصى، وخصوصاً بعدما فضحت استقالة وزير العدل اللواء أشرف ريفي واقع سيطرة “حزب الله” على مفاصل القرار اللبناني:

ـ “حزب الله” لا يريد إجراء انتخابات رئاسية في لبنان، ولذلك يُعطل نصاب الجلسات من 21 شهراً، متذرّعاً بأن مرشّحه هو العماد ميشال عون. ويوم أعلن رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع تبنّيه ترشيح عون في 18 كانون الثاني الماضي، عرّى حقيقة ما يريده “حزب الله” والمتمثّل بإبقاء الفراغ الرئاسي، لأن المنافس الحقيقي الوحيد لعون أصبح “نور عيون” السيد حسن نصرالله النائب سليمان فرنجية الذي رشّحه الرئيس سعد الحريري. وعندما يعلن “حزب الله” أنه لن يطلب من حليفه اللصيق سليمان فرنجية الانسحاب لإيصال “الجنرال”، فإنه بذلك يؤكد المؤكد بأنه لا يريد رئيساً في لبنان، ويفضّل إبقاءه دولة محتلة ومعلقة حتى إشعار آخر.

ـ “حزب الله” يسيطر على المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية في لبنان. كل محسوب على “حزب الله” هو فوق القانون، تماماً كـ”القديسين” الخمسة، كنوح زعيتر وماهر طليس، وكالوزير السابق ميشال سماحة الذي يُحكم بـ4 سنوات سجن فقط رغم تحضيره لعمليات إرهابية تقتل عشرات اللبنانيين، مسؤولين سياسيين وروحيين ومواطنين، وهذا ما يضطر وزير العدل تحديداً للجوء الى القضاء الدولي بسبب معرفته بواقع المحكمة العسكرية التي أعلن أنه لا يثق بها.

ـ “حزب الله” يسيطر على مجلس الوزراء، وهو من يضع سياسة لبنان الخارجية. وأكبر دليل على ذلك مسارعة رئيس الحكومة تمّام سلام إلى تغطية موقف الوزير جبران باسيل في الاجتماع الأخير والطارئ لوزراء الخارجية العرب لبحث الاعتداء الإيراني على السفارة السعودية في طهران. والأسوأ انه حين يطالب وزيرا “التيار الوطني الحر” بعدها بمناقشة سياسة لبنان الخارجية على طاولة مجلس الوزراء لا يقبل بذلك سوى وزير العدل أشرف ريفي، في حين يتهرّب الآخرون..

ـ “حزب الله” يسيطر أيضاً على مساحات كبيرة من الأراضي اللبنانية من دون وجه حق، وبما يشبه “الاستملاك بالقوة” الذي يُفترض ان يحق للدولة وحدها أن تمارسه، من مساحات شاسعة في سلسلة جبال لبنان الشرقية، مرورا بـ”غيتوات” ضمن السلسلة الغربية، وصولا الى مناطق شاسعة من الجنوب. يكفي للدلالة على ذلك المساحات المصادرة بالقوة في سفوح جزين حيث يُمنع الأهالي من تفقّد أرزاقهم.

التعداد لا يمكن أن ينتهي، والأمثلة أكثر من أن تُحصى عن الدولة اللبنانية الخاضعة لسطوة “حزب الله” وسلاحه، تماماً كما كانت خاضعة لسطوة الاحتلال السوري. هذا لا يلغي أن ثمة رفضاً ومقاومة للاحتلال الجديد، تماماً كما حصل أيام الاحتلال القديم، وربما تكون استقالة أشرف ريفي من الحكومة إحدى تجلياتها. يبقى أن يتوحّد اللبنانيون ويؤمنوا بأن عين إيمانهم بلبنان قادرة على مواجهة مخرز المشاريع الإيرانية في وطنهم.

ربّ سائل: ماذا ستغيّر استقالة ريفي من الحكومة؟ والجواب البسيط أن ثمة أحداً في مكان ما يجب أن ينتفض لتبدأ الشرارة… فعلّ وعسى تشكل خطوة ريفي الشرارة التي تؤدي الى تغيير بعض المعادلات الجامدة التي فرضها “حزب الله”.

وهذا أيضاً ما يستلزم من الدول العربية، وفي طليعتها المملكة العربية السعودية، قراءة الواقع اللبناني من هذا المنظار مع تفهّم الوقائع المذكورة، لمساعدة اللبنانيين على المواجهة رغم كل التحديات.