Site icon IMLebanon

هل تنجح مباردة السيسي لحل أزمة الدولار؟


أحمد حسن

دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي المصريين بالخارج، والبالغ عددهم نحو 9 ملايين، بتحويل 100 دولارٍ لذويهم بمصر،على أن تكون التحويلات للبنوك المصرية بالعملة الصعبة “الدولار”، وذلك لتوفير سيولة نقدية لدى البنك المركزي للتغلب على أزمة التناقص الحاد للاحتياطي النقدي للدولة، وقد تزامن ذلك مع المبادرة التي تبنتها النائبة البرلمانية غادة عجمي، والتي طالبت المصريين بالخارج بتحويل 200 دولارٍ إلى ذويهم، وذلك لتوفير احتياطي نقدي للدولة المصرية. وقد لاقى هذا الأمر قبولًا لدى المصريين بالخارج، إضافة إلى عدد من الحركات الناشطة بين المصريين بالخارج، حيث أعلنت حركة “صوت مصر في الخارج” عن بدء تفعيل مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكشفت الحركة في بيان لها عن وجود عدة اتصالات مكثفة في هذا الشأن مع قيادات الأزهر الذين يعملون بالخارج، وتم الاتفاق على تفعيل هذه المبادرة، وستقوم الحركة مع بداية الشهر المقبل بتصوير تحويلات المصريين بالخارج، مشيدًا بوطنية أبناء الأزهر في الخارج وحبهم لوطنهم وسرعة الاستجابة لكل ما يتطلبه الوطن، كما قام ممثلي المصريين بالخارج في البرلمان بأعضائه الثمانية بتكثيف نشاطهم بين الجاليات المصرية لدعم هذا الاتجاه. هذا ويعاني الجهاز المصرفي من نقص الدولار، مما أدى إلى أزمة في الاستيراد من الخارج الذي يمثل نحو 70% من حجم احتياجات المصريين, فيما دفعت هذه الأزمة إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي “السوق السوداء” ليتخطى 9 جنيهات مقابل 7,83 في السوق الرسمي بالبنك المركزي، وبلغ صافي الاحتياطي من العملة الأجنبية نحو 16,5 مليار دولار بنهاية يناير 2016.

نفاذ الاحتياطي
وفي تصريح خطير لوسائل الإعلام قال أشرف سالمان وزير الاستثمار: “إن الحكومة بدأت خلال العام المالي الحالي تنفيذ إجراءات لخفض عجز الموازنة لأقل من 11,5 % “، معترفًا بأن توسع الحكومة في الاقتراض الداخلي من البنوك يؤدي إلى مزاحمة القطاع الخاص ورفع الفائدة”، وأضاف خلال جلسة نقاش مع مجلس الأعمال المصري الأوروبي بتاريخ 6 فبراير الجاري، “إننا نلجأ إلى طبع الأموال وهذا ليس في صالح الاقتصاد”، مشيرًا إلى أن مصر احتلت المركز 131 ضمن 189 دولة على مستوى العالم في تقرير بيئة الأعمال الذي أطلقه البنك الدولي عن عام 2016، وتراجع ترتيب مصر 19 مركزًا في تقرير ممارسة الأعمال لعام 2016 إذ احتلت المركز الـ 131 من بين 188 دولة مقابل المرتبة 112 في تقرير العام الماضي وفقًا لما أعلنته مؤسسة التمويل الدولية الـ IFC التابعة للبنك الدولي. وأوضح الوزير، أن الحكومة لن تستطيع الإسراع في معدلات النمو الاقتصادي بسبب وصول عجز الموازنة إلى نسب تتخطى 11,5% من الناتج المحلي الإجمالي، وتابع حديثه قائلًا: “مصر لا تستطيع جذب استثمارات أجنبية واحتياطها الأجنبي يكفي 3 شهور فقط”، مضيفًا أن المجلس التنسيقي للسياسات المالية والنقدية يستهدف من خلال برنامج الإصلاح الذي يجريه مع الحكومة الوصول بمعدلات التضخم بين 6 و8%، مقارنة بمعدل تضخم يتراوح بين 10 و12% خلال 2014/2015.

حالة من الارتباك
من جانبه، يرى الدكتور أكرم بسطاوي الخبير الاقتصادي، أن الحكومة اتخذت قرارات سريعة لمواجهة استمرار صعود سعر الدولار وتجاوزه حاجز الـ 9 جنيهات في “السوق السوداء”، ولعل أهم تلك القرارات تقييد استيراد العديد من السلع أو رفع نسبة الضرائب عليها بنسب تصل إلى 40% منها بعض السلع الغذائية، حيث تمت مراجعة قائمة الواردات غير الأساسية بهدف الحد منها، وتقليل الإنفاق على استيراد بنود معينة ليست حيوية لقطاع كبير من المصريين، وقد بلغ إجمالي فاتورة واردات مصر في العام المالي الماضي 2014/2015 إلى 60,84 مليار دولارٍ، كما قررت الحكومة غلق سبع شركات صرفة تقوم بشراء الدولار بأسعار مرتفعة عن المعلن في البنوك الحكومية الرسمية. وقال الخبير الاقتصادي ﻟ “إيلاف”: “إن الحكومة سوف تتخذ قرارات اقتصادية صعبة خلال الفترة المقبلة، وهو ما قد لمح به رئيس الحكومة مؤخرًا، حيث ينتظر تخفيف الدعم المتاح لعدد من السلع، وسيتم تنفيذ الخطة بشكل تدريجي خلال هذا العام بعد إقرارها من البرلمان، ومن المستبعد أن تقبل الحكومة على رفع الدعم لبعض السلع الهامة، بما في ذلك الغاز المنزلي والكهرباء”، مشيرًا إلى أن الحكومة تستعد لتكثيف التفاوض المباشر من أجل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لرفع الاحتياطي الأجنبي بالبنك المركزي.

رفع الأسعار
في السياق ذاته، أكد الدكتور محمود جمال، الخبير الاقتصادي، أن الدعوة التي أطلقها الرئيس تعتبر حلًا مؤقتًا لأزمة نقص الدولار في البنوك المصرية، خاصة وأن العائد الاقتصادي قد يظهر بعد عدة شهور، والسوق المصرفي حاليًا يمر بحالة من الارتباك الشديد، وسيكون من الضروري النظر في بدائل سريعة في ظل قيام بعض الشركات بزيادة أسعار منتجاتها وخدماتها قبل بداية العام الجاري 2016، بناءً على توقعاتها لسعر الدولار. وقال ﻟ “إيلاف”: “إن أزمة نقص الدولار وانخفاض الاحتياطي الأجنبي أثر بشكلٍ مباشرٍ على بعض الأنشطة الحيوية، حيث تواجه عمليات استيراد الأدوية بعض العراقيل، وتعاني السوق المحلية حاليًا من أزمات نقصٍ في بعض العقاقير الرئيسية بالصيدليات، كما ارتفعت سلع أخرى، أهمها القمح والسكر والزيوت، بجانب المواد الخام التي تدخل في السلع الغذائية، بمعدلات تراوحت بين من 10 إلى20 في المائة”.