تجاوز «حلم المنطقة الصناعية في تربل» في قضاء زحلة دوامة المراجعات والتمنيات والمطالبات والحديث الإعلامي، ليتجسد على ارض الواقع التي تمتد على مساحة تقارب المليوني متر مربع، تمتد ما بين تربل وقوسايا عند اسفل السلسة الجبلية الشرقية.
منطقة تربل الصناعية التي يجري الحديث عنها منذ اكثر من سنتين، هي واحدة من ثلاث مناطق صناعية جرى أخيراً تصنيفها صناعياً مع الاعلان عن تأمين تمويل لانجاز الدراسات المطلوبة بقيمة 500 الف يورو، يضاف اليها مبلغ يقارب 7 ملايين يورو لإنشاء البنى التحتية في هذه المناطق الثلاثة وهي بعلبك وتربل في البقاع وجون في جبل لبنان.
تحت عنوان اغاثة النازحين السوريين، تكفلت «اليونيدو» اي مشروع الامم المتحدة لدعم الصناعيين بتمويل الدراسات والبنى التحتية، وعليه لم يكن التمويل اكراما للدولة اللبنانية من دون سواها، انما جرى توفير الأموال في اطار المشاريع الاوروبية الممولة لمصلحة النازحين السوريين، لاسيما أن الدراسات الأوروبية لحظت ان انشاء هذه المناطق الصناعية سيوفر مئات فرص العمل التي سيكون للعمال السوريين نصيباً وافياً فيها.
في فترة لا تزيد عن الستة اشهر ستنتهي «يونيدو» من اتمام الدراسات اللازمة والمطلوبة في المناطق الصناعية الثلاثة. بعد ذلك ستتم المباشرة وفق نتائج وخرائط هذه الدراسات بتنفيذ البنى التحتية التي تتضمن المواصفات البيئية والفنية التي تنص عليها شروط ومواصفات الاتحاد الاوروبي لضمان السلامة والمعايير البيئية.
إعفاءات ضريبية وحوافز
أولوية وزارة الصناعة تكمن في التوجة الى المزيد من هذا النموذج من المناطق الصناعية حسبما يؤكد وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن الذي يتحدث عن انماء وتطوير يرافق محيط هذه المناطق الصناعية.
وفق الحاج حسن فإن المناطق الصناعية ستعمل على تطوير واقع الصناعات اللبنانية التي ستستفيد ايضا من اعفاءات ضريبية وحوافز، مما يخفف من الاكلاف الانتاجية التي تعاني منها القطاعات الانتاجية في لبنان.
يستبشر الحاج حسن الكثير من الامل في هذه المناطق الصناعية الثلاثة التي ستعمل على تحفيز عامل الاستثمار وخصوصا في البقاع وستؤدي حكما الى خلق فرص العمل التي يحتاجها ابناء المنطقة.
استيعاب الطاقات
تعد منطقة تربل الصناعية، التي لا يفصل بينها وبين المعبر البري في المصنع سوى كيلومترات معدودة لا تزيد عن عدد اصابع اليد الواحدة، من اضخم المناطق الصناعية التي اقرت مؤخرا حسب تعبير رئيس لجنة المدن الصناعية في جمعية الصناعيين اللبنانين ميشال ضاهر الذي يصنف الراعي الصناعي لهذه المنطقة في تربل وصاحب فكرة اطلاقها.
بحسب ضاهر فان هذه المناطق تجسد الشراكة بين الدولة الممثلة بالبلدية وجمعية الصناعيين، وهي لا تبتغي الربح ومفتوحة امام كل الصناعيين اللبنانيين، لافتا الى ان ايجار المتر المربع الواحد يبلغ 25 سنتا في السنة، ويرتفع 3 في المئة سنويا، على ان يكون عقد الايـجار لمدة 50 سنة.
الهدف الاساسي للمنطقة الصناعية في تربل التي تصل مساحتها الى ما يقارب مليوني متر مربع، مرده حسب ضاهر الى استيعاب الطاقات الشبابية التي تتخرج سنويا ولا تجد اسواق للعمل في لبنان، فتتحول الهجرة سبيلا وحيدا امامها ويتم تفريغ لبنان من طاقاته الشبابية والتعليمة، وهنا يأتي دورنا كصناعيين لتثبيت هؤلاء الشباب في قراهم عبر تأمين فرص عمل لديهم.
ايجابيات المنطقة الصناعية في تربل لا تتوقف عند ما تؤمنه من فرص عمل للشباب اللبناني التي يقدر عددها ضاهر بحوالي 5 الاف فرصة عمل لابناء البقاع الاوسط ، بل سيؤدي وجود هذه المنطقة الصناعية في وسط البقاع الى انماء المنطقة وتطويرها مع توفير عائدات مالية للبلديات من جراء الفورة الاقتصادية التي سترافق انشاء هذه المنطقة.
العمل جار الآن لحصول هذه المنطقة بعد تصنيفها صناعيا على رزمة التحفيزات والاعفاءات الضريبية من مؤسسة تشجيع الاستثمار «ايدال» لتشجيع الصناعيين للاستثمار في المنطقة، وفق ما يوضح ضاهر.
على مستوى الصناعة تتيح هذه المدينة للصناعي الحصول على ارض صناعية بتكلفة زهيدة ضمن منطقة مجهزة بأفضل البنى التحتية. اما البلدية فتستفيد من استثمار الارض عبر تأجيرها، كما تستفيد من رسوم القيمة التأجيرية على المصانع التي تنشأ، فضلا عن خلق فرص عمل لاهالي المنطقة، ما يستتبع ذلك من تحقيق الانماء المتوازن وتثبيت المواطن العامل في أرضه وقريته والحد من موجة النزوح في اتجاه المدن، مع تطوير حتمي للمحيط.
الجدوى الاقتصادية
الجدوى الاقتصادية تطال ايضا القطاع الزراعي والصناعات الزراعية الغذائية التي سيكون لها حصة من الانماء والتوسع بفضل هذه المنطقة الصناعية التي صنفت منطقة صناعية فئة ثانية ضمن تصنيف الاستثمار الصناعي ،»كي نبتعد عن الصناعات الكبيرة، ومن اجل التوجه نحو الصناعات المتوسطة والصغيرة، خصوصا الصناعات الغذائية والصناعات المكملة لها» حسبما يشير رئيس البلدية المهندس فادي الخوري الذي يتحدث عن معايير بيئية وصحية صارمة في عملية انشاء هذه المنطقة الصناعية التي سيكون لها معامل لمعالجة نفاياتها مع محطة لتكرير مخلفات المياه الصناعية .