بحسب معلومات حصلت عليها “الأخبار”، يقوم عدد من مرافقي وزير الاتصالات بطرس حرب، ومقربون منه، بخرق القرارات المنظمة لآلية وشروط الحصول على أرقام الخلوي المميزة وبيعها في السوق السوداء بمبالغ خيالية.
قد يتساءل كثير من اللبنانيين عن كيفية حصولهم على أرقام مميزة، غافلين عن أن ذلك من حقوقهم من دون منّة من أحد، إذ يوجب القانون على وزارة الاتصالات أن تتيح الفرصة بالتساوي لجميع المواطنين في الحصول على أرقام مميزة، شرط التأكد من عدم استخدامها لأغراض تجارية.
قبل الغوص في التفاصيل، لا بدّ من الإشارة إلى ثلاثة أمور أساسية:
أولاً، في تاريخ 15-01-2010 أصدر وزير الاتصالات شربل نحاس قرار (7518/1) القاضي بضرورة التشدد في تطبيق أصول بيع بطاقات الخلوي، ولا سيما المسبقة الدفع. هذا القرار جاء بعدما بلغ وزارة الاتصالات عبر الأجهزة الأمنية أن أفراداً وجماعات يمارسون أعمالاً جرمية كالخطف والسرقة وترهيب المواطنين من خلال بطاقات الخلوي التي يشترونها من دون إبراز وثائق ثبوتية أو عبر وثائق مزورة. لذلك، ألزم القرار الشركتين والموزعين والوكلاء المعتمدين بوجوب التأكد من هوية الشخص أو جواز سفره (الصالح)، والتأكد من صورته. كل تلك الإجراءات كانت بالتزامن مع تركيب كاميرات مراقبة في مراكز البيع لتسجيل صورة كل شارٍ للبطاقات الخلوية وحفظها لمدة محددة من الوقت. علاوة على ذلك، منع القرار حيازة أي شخص أكثر من ثلاثة خطوط، أكانت مسبقة الدفع أم لاحقة الدفع.
ثانياً، في 9-11-2012 أصدر وزير الاتصالات نقولا الصحناوي قراراً يحصر بموجبه عدد الخطوط التي يحق لكل شخص امتلاكها باثنين فقط من كل شركة، وجاءت هذه الخطوة بهدف منع احتكار الأرقام الخلوية المميزة والإتجار بها، كذلك حرّم القرار تنازل شخص عن خط ثابت إلا بعد مرور ما لا يقل عن سنة من تاريخ امتلاكه وبموجب وكالة بيع رسمية.
ثالثاً، بعد أن تبين للوزير حرب العام الماضي عدم ملاءمة المعايير المتبعة للحصول على الأرقام المميزة على الشبكتين، وبناءً على الدراسة المعدة من قبل هيئة المالكين بموضوع اعتماد طريقة منصفة وشفافة للحصول على الأرقام الخلوية المميزة مع زيادة موارد للخزينة العامة منها، ومنعاً لاحتكار الأرقام المميزة وللحد من الإتجار بها، أصدر حرب قراراً تضمّن تنظيم آلية الخطوط الخلوية المميزة. إذ ألزم في الكتاب الذي وجهه لشركتي الخلوي، التنسيق مع “هيئة المالكين” قبل أي استخدام للأرقام المصنفة، بغية إضفاء الشفافية وإعطاء الفرصة بالتساوي لجميع المشتركين في الحصول على أرقام مميزة. وبحسب القرار عينه، تُسدَّد فواتير اشتراكات الأرقام المميزة بواسطة توطين مصرفي باسم المشترك، فيما يحق للزوجة أو الأولاد وحدهم تقديم توطين مصرفي باسم رب العائلة، وفي حال إلغاء التوطين المصرفي أو تعديله إلى اسم آخر، يقطع الاشتراك فوراً. هذا منع الحصول على الأرقام المميزة بواسطة الموزعين.
وقسّم القرار الأرقام المميزة إلى عدة فئات، تُضاف إليها الضريبة على القيمة المضافة: الأرقام العادية من الفئة (أ): بدل الحصول عليها 100 دولار. البرونزية: 150 دولاراً، الفضية: 400 دولار، الذهبية: 800 دولار الماسية: 5000 دولار. أما الأرقام البلاتينية، فلا يمكن الحصول عليها إلا في المزاد العلني بعد الحصول على موافقة وزير الاتصالات ممثلاً بهيئة المالكين. أما في ما يخص الأرقام العادية العشوائية، فبدلُ الحصول على هذه الأرقام وفقاً لأسعارها الرسمية هو 25 دولاراً أميركياً للخط المسبق الدفع و50 دولاراً أميركياً للخط اللاحق الدفع.
مخالفات بالجملة
هذا نظرياً، أما من خلال الممارسة العملية، فيبدو أنه يحق (لبعض) المحظيين ما لا يحق لغيرهم. فبحسب مصدر وزاري متابع، يقوم مؤهل أول في أمن الدولة (أ.ن) بالتواطؤ مع أحد الموظفين المسؤولين عن حجز الخطوط الخلوية، بالاتجار بالأرقام بطريقة علنية، ممارساً شتى أنواع الضغوطات على الشركتين للحصول على عشرات الأرقام أسبوعياً وتسلّمها بطرق مخالفة للقرارات الوزارية. يتبع (أ.ن) سياسة الترهيب باسم الوزير أحياناً ونجله أحياناً أخرى، محتكراً عدداً من الأرقام التي تُحجَب عن المواطنين. وبحسب المصدر، فإن الأرقام العادية التي حددت الوزارة سعرها بـ25 دولاراً تُعرض بمبالغ تراوح بين 150 وتصل إلى 750 و1000 دولار (بحسب جمالية الرقم). كذلك تُباع الأرقام البرونزية بما لا يقل عن 2000 دولار، فيما قد يصل سعر الأرقام الفضية إلى 4000 دولار، وقد يتخطى سعر الأرقام الذهبية 5000 دولار، بينما يصل سعر الأرقام الماسية إلى 10 آلاف دولار. لا يكتفي هؤلاء المخالفون بالاتجار بالأرقام علناً فحسب، بل عمدوا أكثر من مرة إلى تغيير تصنيف عدد من الأرقام التي بدلاً من أن تحقق إيرادات إضافية للدولة، شكلت صفقات مشبوهة وفق أهوائهم.
اللافت في الموضوع أن الاتجار بهذه الأرقام بات شبيهاً بخدمة “الديليفيري”، إذ تُعرَض على المواقع المتخصصة ببيع الأرقام المميزة، إضافة إلى عدد من صفحات فايسبوك. أبرز هذه المواقع:
Lebanese Special Numbers, Amhaz Cell, MAZAD &BUY SELL Phones Numbers
وبحسب المصدر عينه، إن غالبية هذه الأرقام يجري حجزها من الوزارة باسم (أ.ن) ويتسلمها من الشركتين اثنان من مرافقي الوزير (ج.إ) و(ش.ع) بعد نقل الحجز إلى أسماء أشخاص آخرين، أي إن هذين المرافقين يأخذان الأوراق الثبوتية لأشخاص، ويتسلمون الخطوط دون حضور أصحاب العلاقة شخصياً.
لا يقتصر هذا الأمر على الخطوط المسبقة الدفع فحسب، بل أيضاً على الخطوط الثابتة التي يكون تسلّمها دون توطين في المصرف، ومن ثمّ تُنقَل إلى أشخاص دون وكالة بيع.
الوزارة تنفي
ينفي المستشار الإعلامي للوزير حرب، يوسف الحويك قيام أحد من المحسوبين على الوزير بأي مخالفة مهما كان نوعها، “فالوزير متشدد بهذا الموضوع وحريص على أن يطبّق القانون على الجميع”، ويؤكد “أن الوزارة تقوم بكشف عدد من عمليات الاتجار بالأرقام وعرضها في إحدى الصحف المتخصصة وعلى المواقع من قبل أشخاص لا يمتون إلى الوزير بصلة”.
أما عن الخطوات التي تتخذها الوزارة في هذه الحالة، فيقول الحويك: “إن الوزارة لا تسجّل أي خط كان شراؤه بطرق مخالفة للقوانين، لذا يبقى على المواطنين أن ينتبهوا لعدم شراء أرقام من مصادر مشبوهة، لأن القانون لا يحمي المغفلين”.