IMLebanon

خبير مكلّف من القضاء: مصنع «السبع» ينشر الأمراض

chekka
هديل فرفور

“استنادا الى عدد من المراجع والأبحاث العلمية، التي تطرّقت الى تأثير معامل الإسمنت على البيئة والسكان القاطنين بجوارها، سوف نشير الى أبرز الآثار السلبية المؤكدة التي تخلّفها تلك المعامل:
– يرافق عملية تحميص الإسمنت بواسطة عملية الإحتراق في المعمل إنبعاث غازات مضرّة بالبيئة وبصحة الإنسان، نذكر منها أوكسيد السولفور وغازات أوكسيد النيتروجين وغازات ثاني أوكسيد الكاربون، إضافة الى انبعاث غازات سامة أخرى بنسب متعددة، نذكر منها: الديوكسين والكلوريدا والفلورايد وأوكسيد الكربون، كما أكّدت جميع الابحاث العلمية وجود ترابط بين الأمراض السرطانية والمعوية والصدرية وتعرّض السكان المجاورين لمصادر انبعاث الغازات المذكورة.

– تنبعث مع دخان الإحتراق المنبعث في دواخين معمل الإسمنت كمية من المعادن الضارّة، نذكر منها: الرصاص lead والزئبق mercury، التي تساهم في ارتفاع نسبة أمراض الدم.
– إن اختلاط غازات النيتروجين بالمياه يؤثر سلبا في المياه من خلال خفض الرقم الهيدروجيني PH، ما يجعلها مياه أسيدية مُضرّة وغير قابلة للإستخدام.
– يرافق عملية تفتيت وطحن الصخور الكلسية في أحواض المصنع انبعاث وإنتشار الغبار الإسمنتية (PM (Particular matter بمقاسات مختلفة PM 2.5 -PM10. ومن الصعب ان تلتقط الفلاتر المُستخدمة في معامل الاسمنت حبيببات الغبار الصغيرة الحجم. واذا انتشرت الحبيبات الصغيرة في المحيط، فإنها تساهم في ارتفاع نسبة الإصابات بالأمراض الصدرية والحساسية وخاصة لدى السكان القاطنين في الجوار”.
هذا ما ورد في تقرير الخبير مروان عبدالله، المكلّف من قاضية الأمور المستعجلة في البترون مارجي مجدلاني، إجراء معاينة لتأثير مصنع الإسمنت والأتربة التابع لشركة الترابة الوطنية (السبع) في شكا، في مصنع صفائح الكرتون التابع لشركة موسى وأبنائه، المجاور له.
في 24/2/2015، تقدّمت شركة موسى وأبناؤه لدى القاضية مجدلاني، بطلب معاينة فنّية للكشف على المصنع التابع لها “وأخذ العينات وإجراء التحاليل للمواد الكيميائية والحمضية والغبار والترسبات الموجودة على الآليات والماكينات الموجودة في مصنع الشركة، وتبيان طبيعتها السمية وأثرها في صحة العمّال والموظفين”. كذلك من أجل “الكشف على مسبّبات الإرتجاجات والانبعاثات”.
استجابت القاضية مجدلاني لطلب الشركة وعيّنت الخبير عبدالله، الذي كشف على موقع المصنع في 18/8/2015 وقدّم تقريرا خلص الى التأكيد على وجود الأضرار البيئية والمادية التي يلحقها مصنع “السبع”.
8 ملايين دولار، هي كلفة الخسائر المُقدّرة لشركة موسى نتيجة تداعيات مجاورته لمعمل “السبع”، بحسب نائب مدير العام المفوض بتوقيع الشركة طوني الحاج موسى، الذي يشير الى توقف عمل مصنع الكرتون عن الانتاج بسبب الكثير من المشاكل التي ظهرت جرّاء المواد المنبعثة من مصنع الإسمنت، والتي أدت الى تعطيل القطع الإلكترونية والمولدات الكهربائية، نتيجة “عدم تجهيز محرّكات مصنع الاسمنت بكاتم صوت او بأي فلاتر بيئية”. يُضيف الحاج موسى أن الكثير من الموظفين لم يستطيعوا تحمّل الغبار الكثيف، متسائلا: “كيف لوزارة الصحة أن تقبل ترخيص مركز لشركة هوا تشيكن الغذائية، وهو لا يبعد اكثر من 200 متر عن مصنع الاسمنت؟ وماذا عن اكثر من 5 مطاعم موجودة في محيط بالمكان؟”.

إلا أن شركة موسى لم تتقدّم حتى الان بدعوى إلحاق الضرر. تقول القاضية مجدلاني في اتصال مع “الأخبار” إنه ليس هناك قرار متخّذ في هذا الصدد، “استجبنا لطلب المعاينة وجرى انجاز التقرير”، لافتةً الى أنه من الممكن أن يُبنى على أساس التقرير للتوسع في التحقيقات في ما بعد.
يقول الحاج موسى إنه تردّد في استكمال المسار القضائي “لان من نواجههم يتمتعون بنفوذ معروف”، لافتا الى ان هناك الكثير من الضغوط التي يتعرّض لها.
مع ظهور تقرير الخبير، لجأت شركة الترابة الوطنية الى مضايقة شركة موسى لدفعها الى الاغلاق، اذ شهرت فجأة وثائق تثبت ملكيتها لعقارين تستخدمهما شركة موسى لوضع معدّاتها منذ ان استأجرت العقار، حيث يقوم المصنع. وتقدّمت شركة “السبع” بشكوى ضد شركة موسى لـ”استرداد” العقارين ونزع معدّات الشركة تمهيدا لتسييج عقاراتها.
يقول المدير الإداري لشركة الترابة الوطنية روجيه حداد في حديث مع “الأخبار” إن حق الملكية ثابت ومُقدّس ومن حق الشركة تسييج عقاراتها، لافتا الى “ان هناك محاكم مختصة ستنظر في الدعاوى القائمة بيننا”. ويُضيف: “كون هذا الواقع كان سائدا منذ سنوات لا يعني اننا لا نملك الحق في تغييره”، مُشيرا الى ان كل ما يصدر عن شركة موسى هو بمثابة “افتراء وتضليل”.
من جهته يقول موسى ان شركته لم تكن تعرف ان العقارين تابعان لـشركة الترابة، ذلك أننا “كنا نستخدم نحو7 عقارات للمالك الذي استأجرنا منه العقار المخصص للمصنع، لوضع الماكينات والامدادات اللازمة ولم نسمع اي اعتراضات فلماذا لم يشتك من قبل؟”.
مصادر معنية في وزارة الصناعة لم تهتم بالبيئة بقدر ما اهتمت بمسايرة “السبع”، تساءلت هذه المصادر: “لماذا لم تشتك شركة موسى على مصنع الاسمنت من قبل؟ ولماذا لم يُقدَّم لنا تقرير الخبير المكلّف”، لافتة الى أن هناك شكوى وصلت لنا من الشركة حول الواقع الراهن هناك، لكنها “أتت بعد شكوى مقدّمة من شركة الترابة ضدّها تفيد باستخدامها عقارين لها”. وتُضيف المصادر: “طلبنا من معمل الاسمنت بعض التغييرات، لكن هناك تغييرات تحتاج الى وقت ولا يمكن ان تكون جذرية بوقت قصير”.
فعليا قرار التسييج يعني “إقفال مصنعنا، إذ إننا لن نستطيع بعد الآن ان نؤمن مداخل ومخارج للبضائع”، بحسب الحاج موسى، الذي يلفت الى أن هناك قرارا أصدرته المحامية العامة الاستئنافية في الشمال القاضية أماني حمدان، التي أمهلت شركة موسى أسبوعا لازالة البضائع والمعدات قبل ان يُتخذ قرار التسيج. تقول القاضية حمدان في اتصال مع “الأخبار” أن ما من قرار نهائي في هذا الخصوص، مشيرة الى “سرية التحقيق الذي لا يزال مفتوحا”.