IMLebanon

قوى سياسية تريد إفقار الشعب وضرب ما تبقى من اقتصاد

lebanese-money
الفونس ديب

في كل مرة، يكون القطاع الخاص هو فريسة المواقف التصعيدية، وهو يحاول بعد كل جولة من التصريحات النارية ان يهب لنجدة ما تبقى من اقتصاد. فلطالما نبه الى خطورة الفراغ الرئاسي وتعطيل المؤسسات الدستورية، وحذر من التعرض لمصالح اللبنانيين في الخارج كما حصل في العام الماضي حين اطلق حملة «شكراً للسعودية« على ما قدمته للبنانيين من دعم واحتضان، بسبب مواقف ضد المملكة. واليوم ايضا، فان القطاع الخاص، والمواطنين، هم المتضررون من مواقف اطراف سياسيين ضد السعودية. ويحمّل القطاع الخاص مسؤولية قرار السعودية وقف المساعدات للجيش والقوى الامنية و«التي لا ترضي الغالبية الساحقة من الشعب اللبناني«، الى بعض الافرقاء السياسيين الذين لم يأخذوا في الاعتبار علاقات لبنان الاخوية مع هذه الدولة الشقيقة ومصالح لبنان واللبنانيين الاقتصادية والاجتماعية الحيوية.

ويعرض رئيس غرفة بيروت جبل لبنان محمد شقير لـ»المستقبل» ارقاما تظهر بوضوح مخاطر التهجم على دول الخليج والسعودية والتي تهدد القطاع الخاص اللبناني. فيوجه كلامه الى القوى التي تتسبب باذى الى اللبنانيين كلهم: «نذكّر بعض هذه القوى ان التحويلات من دول الخليج الى لبنان تبلغ حوالي 6 مليارات دولار، 4،5 مليارات منها من السعودية وحدها. نذكّرهم ان 53 في المئة من الصادرات اللبنانية الصناعية والزراعية تذهب الى دول الخليج. نذكّرهم ان 85 في المئة من الاستثمارات الخارجية في لبنان هي من دول الخليج. نذكرهم ان أكثر من 550 الف لبناني يعملون في دول الخليج. نذكرهم ان استثمارات اللبنانيين في دول الخليج هي اكثر من 125 مليار دولار».

واوضح شقير انه «منذ سنوات عدة، ونحن نحذر القوى السياسية التي تهاجم دول الخليج من مغبة هذا الموضوع الذي يمكن ان يرتد على لبنان انهيارا اقتصاديا وانفجارا اجتماعيا»، مؤكدا ان دول مجلس التعاون الخليجي تشكل العمق الاقتصادي الاستراتيجي للبنان ولولاها لكان الاقتصاد اللبناني انهار منذ سنوات».

واعتبر شقير ان «التمادي في التهجم على دول الخليج وخصوصا المملكة العربية السعودية، يعني ان هناك قرارا لدى هذه الفئة السياسية بافقار الشعب اللبناني وتجويعه وضرب ما تبقى من اقتصاد وطني».

وشدد على «ضرورة اظهار الاحترام الكامل للدول الشقيقة خصوصا التي كانت على الدوام تقف الى جانب لبنان ومدت له يد العون والمساعدة واحتضنته واحتضنت شعبه، وهذا ابسط شيء ممكن ان يقدم لهذه الدول». وقال: «اليوم لا نفهم هذا العداء الذي يصدر من البعض على المملكة»، مؤكدا ان هذا الامر غير مقبول بكل المقاييس والاعراف خصوصا ان هناك جهة واحدة تعبِر عن لبنان في علاقاته الخارجية وهي الحكومة اللبنانية».

وفي هذا الاطار، حمّل شقير «الحكومة مسؤولية التردد في حسم مثل هذه القضايا الحساسة«، داعيا اياها الى «اتخاذ مواقف واضحة وصارمة تحفظ علاقات لبنان ببيئته وباشقائه».

وعن التداعيات التي يمكن ان تحصل في حال سحبت المملكة وديعتها من المصرف المركزي اللبناني، قال شقير: «اليوم وضعنا الاقتصادي على المحك، فمجرد ان تتخذ دولة داعمة وحاضنة للبنان اي اجراء اقتصادي سلبي تجاهه، فان الاقتصاد معرض للاهتزاز»، محذرا من ان «اي قرار آخر ممكن ان تتخذه المملكة تجاه لبنان سيكون له ارتدادات اقتصادية اكبر من حجمه انطلاقا من موقعها الاقتصادي بالنسبة للبنان».

ودعا شقير الجهات السياسية التي تعرض مصالح لبنان ومستقبله للخطر، الى «اجراء مراجعة منطقية ووطنية لكل مواقفها، وتصحيح الخطأ لان لبنان وشعبه يبقيان أهم من اي قوى سياسية مهما علت شأنها».

رزق

اما رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية السعودية ايلي رزق، فاشار الى ان «المشكلة الاساسية لدى اللبنانيين الآن هي لدى الشعب السعودي الذي لم يعد متحمسا للبناني، بل هناك نقمة على اللبنانيين، وهذا بدأ يظهر بوضوح من خلال وقف كفالات السعوديين للكثير من اللبنانيين». ولفت الى ان «هذه الظاهرة توسعت خلال الاسبوعين الاخيرين حيث تغص قنصلية لبنان في جدة يوميا باللبنانيين الذين تركوا عملهم بسبب الكفالة او عدم تجديد الاقامة».

واكد رزق انه «مع تبدل نظرة السعوديين للبنانيين، هناك خوف حقيقي ان تتطور الامور بشكل دراماتيكي، مثلا استبدال اللبنانيين بجنسيات اخرى، اقفال المشاريع امام اللبنانيين، تصعيب التأشيرات وتجديد الاقامات».

وبالنسبة لسحب الوديعة السعودية، قال رزق: «معنويا هذا الاجراء ليس جيدا للاقتصاد اللبناني. ونأمل ان لا يحصل».

وطالب الحكومة بتحمّل مسؤوليتها الوطنية كاملة وتصحيح الخطأ الحاصل عبر اتخاذ موقف واضح يلتزم الاجماع العربي وادانة التعدي على السفارة السعودية في طهران».

غبريل

من جهته، اعتبر مدير مركز الدراسات وكبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس نسيب غبريل في تصريح لـ»المستقبل» ان سحب الوديعة السعودية من المصرف المركزي، «في حال ما زالت موجودة»، ستؤثر معنويا على الاقتصاد، «لكن لن يكون لها اي ارتدادادت سلبية على سعر صرف الليرة اللبنانية وثباتها».

وقال: «في كل الاحوال، هذه الامور غير معروفة لأن مصرف لبنان لا يكشف عن مثل هذه العمليات الا إذا تحدثت عنها السعودية، لكن علينا ان ننتظر لنراقب نتائج الميزانية المجمعة للمصارف لا سيما لجهة تراجع الموجودات بشكل كبير او بقائها تراوح في هوامش محدودة».

زمكحل

الى ذلك، أمل رئيس تجمّع رجال الأعمال فؤاد زمكحل أن يكون قرار المملكة العربية السعودية الأخير تجميد هبة الـ4 مليارات دولار، «مجرّد ردة فعل سياسية من دون أي تنفيذ«. وقال زمكحل لـ»المركزية»: مرة أخرى يدفع الإقتصاد اللبناني ورجال الأعمال اللبنانيون ثمن الصراعات السياسية الداخلية والإقليمية. وذكّر بأن «كل لبناني مغترب ترك بلده لدوافع اقتصادية بحتة من أجل تحسين وضعه الإجتماعي والمعيشي، وبالتالي لم يغادر لأسباب سياسية أو طائفية أو مذهبية«، آملاً «تجنيب المغتربين الصراع السياسي الذي نتفهّمه ونحترمه، لكن يجب ألا يدفع الإقتصاد اللبناني وخصوصاً الجالية اللبنانية، ثمن هذا الصراع مرة أخرى».