Site icon IMLebanon

اعادة فتح مطمر الناعمة: هل تنقذ ليونة “الأهالي” الوضع؟

حنان حمدان

عادت الحكومة إلى خيار المطامر مجدداً بعد فشل خيار الترحيل، كمخرج وحيد لأزمة النفايات التي تعصف بلبنان منذ نحو ثمانية أشهر بسبب إقفال مطمر الناعمة وتوقفه عن استقبال نفايات بيروت وجبل لبنان. خيار المطامر سبق أن جوبه بالرفض مراراً من قبل الجمعيات الأهلية والبيئية وحتى القوى السياسية في المناطق التي أعلن عن نقل النفايات إليها لطمرها فيها. اليوم يعود الحديث عن إعادة تفعيل مطمر الناعمة في أي خيار جديد لحل الأزمة، فهل سيبدي القيمون على المطمر اليوم، وبعد فشل خيار الترحيل، أي ليونة على هذا الصعيد؟

مبدئياً تتوافق الجمعيات الأهلية والبيئية على رفض إعادة فتح المطمر. أمّا عملياً، فقد بدأت تظهر بعض الليونة في مواقف كانت حتى أمد قريب مصرّة على عدم فتح المطمر. والحقيقة أن هناك موقفين أساسيين في هذا الموضوع. الموقف الأول، يتجاهل حقيقة الأزمة التي نعيشها، ويرفض قطعاً إعادة إدخال النفايات الى المطمر ولو خلال فترة زمنية محددة، وقد عبرت عن هذا الموقف أكثر من جهة فاعلة في المنطقة. إذ تعتبر المسؤولة الإعلامية في تجمع “كفانا نفايات” راغدة الحلبي، في حديث لـ “المدن”، أن “الحكومة سعت بنفسها إلى إفشال جميع الخيارات التي طرحت سابقاً بهدف إعادة فتح المطمر مجدداً، حرصاً منها على إبقاء عقود سوكلين”، ولذلك “نرفض الحديث عن إعادة فتح المطمر”. في حين اعتبر الناشط البيئي زياد المهتار، أنه “لا نية لدى الأهالي لإعادة فتح المطمر مجدداً”، مشيراً في حديث لـ “المدن” ، إلى “صعوبة تقبل الاهالي في المنطقة، نقل أطنان من النفايات المتحللة في الشوارع والمكبات العشوائية إلى المطمر، بعد أن تم إقفاله نهائياً”.
الموقف الثاني، بدأ يتعاطى مع الأزمة بعقلانية وواقعية أكثر، وقد تبنى خيار “القبول بالحقائق”. هذا التعاطي الإيجابي بات يعتبر أن المطامر هي جزء من الحل وليس هناك بديلاً منها على المدى المنظور. إذ إن “حل المطامر هو الأسلم بيئياً وإقتصادياً وتنموياً، في حال تأمنت له آليات رقابة فاعلة، وتم الفرز من المصدر”، وفق ما عبّر عنه أحد الناشطين في المنطقة، رافضاً تسجيل موقف رسمي في الوقت الراهن، بإنتظار أن تتبلور صورة واضحة تمثّل هذا الفريق خلال اليومين المقبلين.
إلا أن إعادة فتح المطمر لن يتّم تمريره من دون ضمانات، وللغاية يشترط أصحاب هذا الموقف” بأن يكون خيار المطامر مدخلاً للحل وليس الحل نفسه، أي أن يُعتمد خلال المرحلة الآنية إلى حين إنشاء مراكز لمعالجة النفايات، وأن يتزامن ذلك، مع نقل النفايات الى مطامر أخرى، وأن يتبلور ذلك ضمن خطة عمل واضحة وشاملة يتم من خلالها تحديد مواعيد محددة لفتح وإقفال المطمر، وتحديد كمية ونوعية النفايات التي ستطمر فيه”.

يؤكد الناشط، أن وجهة النظر هذه لا تعني التخلي بسهولة عن المواقف السابقة، كما لا تعني منح الثقة لمن يتحمل مسؤولية الفساد في إدارة ملف النفايات على مدى اعوام. وإنما هو موقف تبلور مؤخراً بعد أن وصلت الحلول المطروحة جميعاً إلى حائط مسدود، وباتت النفايات المتكدسة في الشوارع، سبباً أساسياً للتلوث والأمراض، ما سينعكس سلباً على صحة جميع المواطنين.

لا يختلف موقف رئيس إتحاد بلديات الغرب الأعلى والشحار وليد العريضي، في هذا الشأن كثيراً، إذ يؤكد لـ “المدن” موقف البلديات الثابت تجاه القبول بالشراكة في الحل، حتى لو أعيد فتح المطمر، ولكنّ ذلك سيكون مشروطاً بإنشاء مراكز لمعالجة النفايات في المنطقة لكي يكون بديلاً من المطمر بعد إقفاله، إنطلاقاً من أن قبول إعادة طمر النفايات في المطمر سيكون مشروطاً بفترة محددة إلى حين تتمكن البلديات من معالجة نفاياتها بنفسها. في المقابل، يؤكد العريضي أن المشكلة الأساسية تكمن في كيفية إقناع الأهالي، إذ بات يخشى معظمهم أن لا يلتزم المسؤولون بالفترة المحددة لإقفال المطمر.

من ناحية أخرى، تشير أوساط متابعة لـ”المدن” إلى أن عرض الـ 100 مليون دولار الذي كان قد اعلن عنه الوزير أكرم شهيب لأهالي منطقة الناعمة قبل نحو شهرين، لتنفيذ مشاريع تنموية مقابل إعادة فتح مطمر الناعمة لفترة زمنية محددة، وتم رفضه حينها بعد خلاف على وجهة صرف الأموال بين الجمعيات الأهلية والبلديات، أعيد طرحه مجدداً في اليومين السابقين، ما يرجح تبلور مواقف أكثر إيجابية يعلن عنها في الأيام القليلة المقبلة.

ولذلك بات من الواضح، أن الأمور بدأت تأخذ منحى مختلفاً بالنسبة للقرى المجاورة لمطمر الناعمة، من غير أن يعرف بعد مدى تطورها. لاسيما بعد الحديث عن صيغة “مطمر لكل طائفة”. إذ لم يعد مقبولاً تسجيل المواقف التي تدين السلطة والمسؤولين عن الفساد من دون إيجاد بديل. ما يطرحه الخبراء البيئيون من ضرورة الفرز من المصدر وإنشاء مراكز معالجة، هيو الطرح الأصح والأسلم، ولقد تقصدت الحكومة يوماً بعد يوم إفشال الحلول المطروحة وتمرير الصفقات، إذ لو بدأت منذ أشهر بإنشاء مراكز معالجة لكنا تخلصنا من أزمة النفايات اليوم. ولكن في الوقت نفسه، لا بد من تدارك خطورة الأزمة واتخاذ قرارات عقلانية وموزونة، نستطيع من خلالها فرض شروط تضمن إيجاد آلية معالجة سليمة للنفايات بعد أشهر قليلة. وفي حين يستبعد إستخدام القوة في تمرير خيار المطامر، نظراً للإعتبارات الطائفية والسياسية وانطلاقاً من حساسية كل منطقة، فقد بات ضرورياً التعاطي مع أزمة النفايات بمنطق المسؤولية لا بمنطق النأي بالنفس!.