يستضيف مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، مساء الأربعاء 24 شباط 2016، جلسة الحوار الثنائي بين «تيار المستقبل» و «حزب الله» في نسختها الـ26، في ظل أجواء سياسية محلية وإقليمية محمومة، وخروقات أمنية بدأت تنذر بإمكانية ترجمة التصعيد الكلامي في الشارع، وما حصل مؤخراً في السعديات شكل نموذجاً واضحاً لذلك.
حتى مساء أمس، لم يعلن «حزب الله» أي موقف سلبي تجاه مشاركته في الجلسة، ما يشير الى أنه سيشارك فيها كالعادة، خصوصاً أن أجواء سياسية أكثر سخونة سبقت جلسات ماضية، وتم عقدها والخروج منها بتبريد الأجواء، وذلك بفعل إصرار الحزب من جهة والرئيس سعد الحريري من جهة ثانية على أهمية استمرار هذا الحوار بعناوينه التقليدية المتعلقة بتخفيف الاحتقان ومنع الانزلاق نحو الفتنة، والسعي لانتخاب رئيس للجمهورية، فضلاً عن معالجة الأمور الطارئة التي تحصل بين كل جلسة وأخرى.
ويشير مطلعون على أجواء الفريقين الى أنه من المفترض أن يكون الطبق الرئيسي على طاولة الحوار هو وقف الهبة السعودية لتسليح الجيش اللبناني، وموقف المملكة السلبي الأخير تجاه لبنان وما رافقه من تضامن عربي معه، لا سيما القرار السعودي الذي صدر أمس بمنع رعاياها من السفر الى لبنان، وقيام الإمارات العربية المتحدة بالحذو حذوها، فضلا عن البحث الجدي في التصدي لأي خلل أمني يمكن أن يحصل على خلفية التصعيد السياسي الحاصل، لأن أي تهاون في الوضع الأمني من شأنه أن يؤدي الى فلتان لا يعود من السهل ضبط تداعياته.
ويلفت هؤلاء الانتباه الى أن التسوية السياسية التي شهدها مجلس الوزراء بشأن البيان، من شأنها أن تبرد أجواء طاولة الحوار الثنائي وأن تنعكس إيجابا على النقاش حول بعض الثوابت التي يجب أن تتبع في هذا الظرف تجاه الحساسية العربية وفي مقدمتها السعودية، حيث من المفترض أن يسهب أعضاء فريق «المستقبل» في شرح مخاطر استمرار المملكة في إجراءاتها السلبية ضد لبنان، والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية الكارثية التي ستنتج منها لتصيب كل شرائح المجتمع اللبناني، ومحاولة إقناع «حزب الله» بأن لا مصلحة لأي مكوّن لبناني في الخروج على الإجماع العربي، أو خلق حساسيات مع دول الخليج.
وتقول مصادر قيادية في تيار «المستقبل»: «يجب أن نتوصل مع حزب الله الى صيغة تنهي الأزمة العربية القائمة مع لبنان، خصوصا أن السيد الخامنئي والدولة الإيرانية استنكرا الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، فلماذا ننأى بأنفسنا ونخرج عن الإجماع العربي، ونعرّض مصالح لبنان واللبنانيين المقيمين في دول الخليج للخطر؟ وأي قضية نخدم في هذا الموقف؟ وما هي مصلحة لبنان في كل ذلك؟».
وتلفت هذه المصادر الانتباه الى أن «أي اعتداء على أي سفارة شقيقة أو صديقة يجب أن يتم استنكاره وإدانته، فكيف بالسعودية التي تربطنا بها أفضل العلاقات، ولها أياد بيضاء لا تعد ولا تحصى على لبنان؟».
ومن المفترض أن تناقش طاولة «الحوار الثنائي» أيضا، الوضع الأمني بهدف وضع حد لبعض حالات الفلتان، لا سيما في السعديات، ولمرة أخيرة، فضلاً عن استمرار النقاش في كيفية الخروج من الفراغ الرئاسي، والتشديد على السعي الى استمرار تفعيل العمل الحكومي من أجل معالجة القضايا الحياتية الملحة للمواطنين وفي مقدمتها أزمة النفايات، وذلك انطلاقاً من أنه لا توجد أية مصلحة لأي طرف سياسي في لبنان بانهيار الحكومة أو استقالتها في ظل الفراغ الرئاسي الحاصل، لأننا بذلك نكون قد أدخلنا البلد في المجهول الذي قد يجر تداعيات كارثية لا قدرة لأي كان على تحملها.
من جهته يقول النائب سمير الجسر لـ «السفير»: نحن سنواصل الحوار مع «حزب الله» الى أن نصل الى نتائج إيجابية مرجوة، ولو كنا لا نرى أن هذه النتائج قريبة، ولكن المصلحة الوطنية التي نضعها فوق كل اعتبار تقتضي ذلك، ونحن لم نصل بعد الى الطريق المسدود، وإذا وصلنا فعندها لكل حادث حديث.
ويضيف الجسر: الرئيس سعد الحريري ما يزال مقتنعاً باستمرار الحوار مع «حزب الله»، وهو عبّر عن موقفه بوضوح صراحة في خطاب «البيال»، وانطلاقا من هذه القناعة سنكمل المشوار، ونأمل أن نصل الى القواسم المشتركة التي تحمي البلد، وتحافظ على استقراره، وعلى اقتصاده وعلى علاقاته العربية والدولية.