أكدت أوساط نيابية مستقلة أن ملف الاستحقاق الرئاسي لن يكون بمنأى عن تداعيات القرار “الكبير” الذي اتخذته السعودية بإعادة النظر في سياسات المملكة تجاه لبنان في ضوء ما أسمته مصادرة “حزب الله” إرادة الدولة. فشظايا موقف الرياض الجديد، ستصيب مباشرة الرئاسة اللبنانية العالقة في عنق الزجاجة منذ نحو عامين، لتزيد وضعها حراجة وتعقيدا.
الاوساط توقعت لـ”المركزية” انه بعد استياء المملكة من مواقف وزير الخارجية جبران باسيل في المحافل العربية، يجب استبعاد خيار انتقال الرئيس سعد الحريري الى ضفة داعمي ترشيح رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون نهائيا من حسابات من لا يزالون يراهنون على هذا الامر. وبالتالي، ومع تمسك “حزب الله” بمعادلة “عون أو لا رئيس”، ان تكون مبادرتا الرئيس الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الرئاسيتان، بلغتا الحائط المسدود.
ولفتت الى ان “حزب الله” قد يكون أضاع “الهدية” التي قدمها اليه قطبان بارزان في 14 آذار، وأطاح فرص انتخاب رئيس من فريقه السياسي، ذلك أن الامر بات صعبا لا بل مستحيلا في ظل الواقع المستجد في الاقليم.
واشارت الى أن “حزب الله” لا زال يتصرّف على اساس ان الرئاسة تحصيل محصّل لفريقه، ويسعى حاليا، عبر تعطيله جلسات الانتخاب الى الضغط على الفريق الآخر، لانتزاع أكبر كمّ من الضمانات التي تريحه في العهد الرئاسي الجديد وتعزز حيثيته المحلية سيما في ظل التطورات المتقلبة سريعا في المنطقة. وقالت: “الحزب يريد أن يضمن ان يتمسك الرئيس المقبل كما الحكومة التي ستتشكل بعد انتخابه، بثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة”، ويسعى للتثبت من ان سلاحه لن يكون موضع مساءلة، كما لا يحبذ اعادة طرح الاستراتيجية الدفاعية، ويرفض اثارة “اعلان بعبدا” ومبدأ النأي بالنفس في العهد الجديد، لانه غير وارد في قاموسه كونه بات يعتبر نفسه لاعبا اقليميا وازنا وصاحب نفوذ لا يتوقف عند الحدود اللبنانية.
واضافت: “إن الحزب غير المستعجل ملء الشغور، يستخدم عامل الوقت لتأمين مناخ سياسي لا يكبّله ولا يزعجه في المرحلة المقبلة”، لافتةً الى ان “الحزب” ماض في سياسة مقاطعة جلسات الانتخاب، رغم ان المرشحين المتنافسين من بيته السياسي، لأن أوان الانتخاب، المضبوط في حساباته على الساعة الايرانية، لم يحن بعد، وهو لم يتلق حتى اليوم كلمة السرّ من طهران للافراج عن الرئاسة، فالجمهورية الاسلامية ترفض التنازل عن الورقة اللبنانية في هذا التوقيت، وتفضّل ابقاءها في جعبتها لاستخدامها في المفاوضات الدائرة بين القوى العظمى دوليا واقليميا حول المنطقة.
واذ إستبعدت أي خرق في الازمة الرئاسية قريبا، سيما في أعقاب التصعيد السعودي أكان في لبنان عبر وقف الهبات المخصصة للجيش أو في المنطقة مع اطلاقها مناورات “رعد الشمال”، حذّرت الاوساط مما يمكن ان يؤول اليه الوضع اللبناني اذا استمرّت سياسة الكيل بمكيالين.
واشارت الى ان الدولة المبتورة الرأس بفعل رفض الاحتكام الى اللعبة الديموقراطية لمصالح اقليمية، باتت مصالح مئات الالاف من ابنائها العاملين في الخليج مهددة، وتكاد تخرج من المظلة العربية التي احتضنتها سياسيا واقتصاديا منذ عشرات السنوات، كل ذلك بفعل تمسكها بشعار “الوحدة الوطنية”، سائلةً “لماذا تحرص الحكومة اللبنانية على الاحتكام الى هذه “الوحدة” عندما تخدم مفاعيلها أطرافا سياسية معينة في فريق 8 آذار، فيما تضرب هذه الاطراف “الوحدة” عرض الحائط عندما تتخذ قرارات كبيرة بحجم الحرب والسلم او القتال في سوريا او سواها”؟ وتختم “ماذا يبقى من الوحدة الوطنية عندما يُنبذ لبنان من محيطه العربي وتقطع أرزاق مئات الالاف من أبنائه العاملين في الخليج”؟