بدا كبار المسؤولين التنفيذيين لشركات النفط العالمية المجتمعون في هيوستون هذا الأسبوع متفقين على شيء واحد: أن العام الحالي سيكون مروعا حتى أن الكثيرين يتجاوزونه إلى 2017 وما بعده للحديث عن آمال استعادة السوق توازنها المستعصي حتى الآن على القطاع المتأزم.
في نيسان 2015 كان أكبر مؤتمر سنوي لقطاع الطاقة يعج بالتكهنات عن التوقيت الذي سيبلغ فيه تراجع أسعار النفط مداه وكانت فكرة أن الأسعار قد تحوم دون 60 دولارا لسنوات بعد أن هوت عن 100 دولار قبل ذلك بسبعة أشهر مدعاة للتأمل.
هذه المرة وفي ظل أسعار قرب 30 دولارا واستبدال شعار العام الماضي “سعر أدنى لفترة أطول” بشعار “بل سعر أدنى من ذلك ولفترة أطول من ذلك” فإن المسؤولين التنفيذيين لشركات النفط المشاركين في مؤتمر “آي.اتش.اس سيرا ويك” أكثر انقباضا وتحفظا في توقعاتهم.
وقال خوان كارلوس الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية الكولومبية إيكوبترول للمؤتمر “هذا العام نحن في وضع البقاء على قيد الحياة.”
وقال جون هيس الرئيس التنفيذي لهيس كورب أحد منتجي النفط الصخري الأميركي المستقلين إن القطاع لم يتجاوز سوى نصف دورة التراجع على ما يبدو.
وقال “إنها عملية ستستغرق ثلاث سنوات على الأرجح ونحن الآن في منتصف إعادة التوازن تلك.”
اتفق معه في الرأي ستيفن تشازن الرئيس التنفيذي لأوكسيدنتال بتروليوم لكنه حذر من أن الآمال في رؤية السوق تنتعش قد تجعل الناس متفائلين أكثر مما ينبغي.
وقال “عادة ما نصل إلى قاع زائف أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة.”
اختبر القطاع فجرا كاذبا كهذا العام الماضي عندما صعدت أسعار النفط في الربع الثاني من السنة لكنها ما لبثت أن تخلت عن مكاسبها في النصف الثاني ثم تهاوت أكثر إلى مستويات منخفضة جديدة في أوائل العام الحالي.
والآن يعول المسؤولون التنفيذيون على التوقعات بأن يواصل الطلب العالمي على النفط الارتفاع ليضع حدا في نهاية المطاف لتخمة المعروض التي نتجت جزئيا عن طفرة النفط الصخري الأميركي في العشر سنوات الأخيرة.
لكن في ظل التوقعات الحالية لوكالة الطاقة الدولية بأن إعادة التوازن هذه قد تبدأ العام القادم وتستمر في 2018 فإن الرسالة الباعثة على القلق هي أن شركات نفطية كثيرة ولاسيما بين منتجي النفط الصخري الأمريكي قد لا يطول بها الزمن لترى ذاك الانتعاش.
وقال مارك بابا الرئيس التنفيذي السابق لشركة إي.أو.جي ريسورسز التي كانت لها الريادة في استخراج النفط الصخري إن هذا أسوأ تراجع يشهده منذ 1986 وإنه “سيفتك بشركات كثيرة”.
وقال بابا الذي يعمل الآن شريكا في ريفرستون هولدنجز للاستثمار المباشر “أعتقد أنك سترى قطاعا أكثر استقرارا بكثير وأكثر تركيزا على الميزانية ينبعث من الرماد لكن عبور ذلك الوادي سيكون شاقا لأقصى درجة.”
ويوم الثلاثاء جمعت سيلفر ران أكويزيشن كورب وهي ذراع استثمارية ترعاها ريفرستون 450 مليون دولار في طرح عام أولي لتمويل الاستحواذ على شركات طاقة تعتبر متاحة بأسعار مخفضة.
وفقد أشهرت أكثر من 40 شركة طاقة أمريكية إفلاسها منذ مطلع 2015 ومن المتوقع إفلاس المزيد.
وزير البترول السعودي علي النعيمي الذي حضر إلى هيوستون مع تطمينات بأن المملكة لا تريد القضاء على منتجي النفط الصخري الأمريكي كان رابط الجأش في تصريحاته.
فقد قال للمؤتمر الذي يحضره نحو 2800 من المسؤولين التنفيذيين والأساتذة “عاصرت الفترة التي كان فيها سعر برميل النفط لا يتعدى دولارين والفترة التي قفز فيها السعر إلى 147 دولارا وما تخللهما من فترات شهدت الكثير من التقلبات كما شهدت فترات من وفرة الإمدادات وشحها وعايشت العديد من فترات الازدهار والكساد.
“كل هذه الخبرات والتجارب مجتمعة علمتني أن هذه الصناعة وهذه السلعة كغيرها من السلع تتأثر بأوضاع السوق صعودا وهبوطا لا محالة فالطلب يرتفع وينخفض والعرض يزيد وينقص والأسعار تصعد وتهبط.”
ما كان لهذه الكلمات أن تكون أصدق منها في مؤتمر أعلن فيه جون واتسون الرئيس التنفيذي لشيفرون قبل عامين فقط أن سعر 100 دولار لبرميل النفط سيظل هو السعر السائد، حيث قال آنذلك “100 دولار للبرميل هو المعادل الجديد لعشرين دولارا للبرميل.”
لكن في حين أبدى المسؤولون التنفيذيون للاعبين كبار مثل بي.بي البريطانية وصنكور إنرجي الكندية ثقة في تجاوز هذا التراجع مثل آخرين كثيرين فإن تلك الخبرة التاريخية تعد ترفا لا يتحمله الكثير من منتجي النفط الصخري الأمريكي.
وقال مارك بيرج نائب الرئيس التنفيذي لعمليات الشركات في بايونير ناتورال ريسورسز وهي من الشركات الكبيرة العاملة بالنفط الصخري الأمريكي “يبدو أن هناك انشغالا بسؤال ‘متى سنجتاز المنعطف؟ كم سيستغرق الأمر؟‘.. هذا مفهوم لأن هناك شركات كثيرة تواجه ضغوطا وتحاول التخطيط لمستقبل يلفه غموض كبير.”