IMLebanon

الحريري يواجه “الرؤوس الحامية”.. بالعريضة

 

saad-al-hariri-1

 

 

كتبت دنيز عطاالله حداد في صحيفة “السفير”:

هل لا تزال «14 آذار» مشروعاً سياسياً في البلد؟ هل يبدو منطقياً، وقابلا للتصديق، الكلام عن «إعادة اللحمة» أو «ضخ الروح» أو «استرجاع نبض 14 آذار»، أو أي من التساؤلات والتوصيفات التي سرت منذ عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان؟

لا يعطي الحريري مؤشرات جدية على اهتمامه بذلك، فكيف بالأحرى معالجته؟ فاجتماع «14 آذار» الاستثنائي والطارئ كان عنوانه سعودياً. والحدث الذي أقامه في منزله ودعوته الى التوقيع على العريضة، كان عنوانه أيضاً سعودياً. وفي المشهدين استعراضية أكبر من المضمون.

يبدو واضحاً أن الحريري يحتاج الى إثبات الحجم والقدرة على التأثير وتغيير بعض الموازين لبنانياً. لا يصعب فهم ذلك وتفهمه وإن كان يصعب هضمه، حتى عند بعض الحلفاء قبل الخصوم. فكل ما أصاب «14 آذار» من ترهل وتخبط وضياع البوصلة والأهداف، لم يدفع الحريري الى العودة والحراك. كما لم يفعل لا الفراغ الرئاسي ولا استقبال لبنان أكبر عدد من اللاجئين السوريين، ولا الأزمات الاقتصادية المتوالدة، أو الخضات الأمنية المركّزة. لم يستدع كل ذلك من الحريري الإقامة في لبنان ومحاولة البحث عن حلول وتوافقات وتقريب في وجهات النظر.

ومع ذلك، فتحت عودته باب أمل. كثرت التكهنات والرهانات من الملف الرئاسي الى الملف الاقتصادي، وصولا حتى إلى إحياء الأمل بترجمة السعودية وعودها الملكية. سرعان ما ذهبت الأمور مذهباً مناقضاً. فطارت المساعدات الموعودة، وتمسك الحريري بترشيح خصمه سليمان فرنجية بطريقة بدت أكبر من تمسكه بحليفه سمير جعجع. أما «14 آذار»، فوظفت للدفاع عن السعودية في وقت تحتاج الى من يدافع عنها وعن وجودها وتماسكها.

لا يُحسد الحريري على موقعه وموقفه، فتحدياته على أكثر من جبهة. هو مطالب بالكثير من قاعدته وتياره، من حلفائه وخصومه، من السعودية وبعض دول الخليج، إضافة إلى أصدقائه في أكثر من عاصمة. كيف يوفق بين رغبات وطلبات مرشح بلدية في بلدة بقاعية نائية، ومواجهة الفكر المتطرف الذي يتسلل الى بعض قاعدته المتروكة، والاستحقاقات الرئاسية والمالية، والإرادات الملكية والمصالح الإقليمية والدولية؟

اذا كان بعض الغيارى من «14 آذار» يجزمون أنه «لا يمكن أن يفعل ذلك من خلال التوقيع على عريضة»، فإن كثراً من «تيار المستقبل» يسألون «ما هي البدائل؟». يقول أحد النواب من «المستقبل» إن «من يزايدون علينا لجهة الدفاع عن السعودية، هل يمكنهم أن يتحملوا التداعيات الاقتصادية لتوتر العلاقات مع المملكة ودول الخليج عموماً؟ اذا تجاوزنا علاقتنا الخاصة وتقديرنا ووفاءنا لكل الأعمال الإيجابية التي قامت بها المملكة تجاه لبنان من دون مقابل يذكر، فهل يمكننا كلبنانيين تحمل كلفة مثل هذا الخلاف والقطيعة؟ لا نحتاج الى دراسات لمعرفة الجواب، لكننا نحتاج الى عقلاء يقدمون مصلحة البلد وأبنائه على حساباتهم الحزبية ومصالحهم الضيقة».

يضيف النائب المستقبلي «أما من ينتقد اعتمادنا على البيانات واللقاءات وتوقيع العرائض، فليتفضل بإطلاعنا على سبل المقاومة السلمية. نحن اخترنا الانحياز الى الدولة، والبقاء تحت سلطة القوانين، فكيف وبماذا نواجه؟ إما هذا الأسلوب السلمي الديموقراطي الحضاري، وإما البديل المرّ وهو الحرب الأهلية أو الفتنة. وإذا كان أصحاب بعض الرؤوس الحامية يستسهلون هذا الأمر ويستخفون به، فإننا اختبرنا هذه المأساة ولا نزال نتشاركها مع مآسي إخوتنا السوريين. لذا فخيارنا واضح ونهائي.. سنستخدم كل سبل المواجهة، إلا ما يوصلنا الى مأزق الاقتتال».

لا يملك الكثير من نواب «المستقبل» ومسؤوليه تصوراً عن الخطوات المقبلة. يرتاحون لوجود الحريري في البلد. ينتظرون حصول شيء ما. يتوقعون أن «تنتهي أزمة العلاقات مع السعودية قريباً، وننصرف إلى حل قضايانا الكثيرة العالقة».

أما كيفية حل تلك القضايا وتراتبيتها في سلّم الأولويات، فتلك مسألة يكثر الاجتهاد حولها لغياب النص الواضح.