احمد منصور
… أخيراً، وبعد نداءات ومناشدات واتصالات عديدة، كسر أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة بعضاً من جشعهم، فعدّلوا تسعيرة فاتورة الاشتراك الشهري، وخفّضوها.. لكن بنسب ضئيلة، في محاولة لامتصاص نقمة المشتركين، التي ارتفعت وتصاعدت وتيرتها في الآونة الأخيرة بشكل لافت للانتباه في المنطقة، ووصلت الأمور الى حدود التصادم وتبادل التهديدات بقطع الاشتراكات، لكن أصحاب المولدات فتحوا باباً جديداً للاستمرار في جني الأرباح من جيوب المواطنين، فمنهم من لجأ الى اعتماد تسعيرة الاشتراك من خلال عدادات توضع لكل مشترك مقابل رسم شهري قيمته 20 الف ليرة، وخارج إطار المصروف الشهري، ومن ثم تُحتسب الفاتورة على سعر كيلو الكهرباء 400 ليرة، فيما البعض الآخر اتجه الى احتساب المقطوعية لكل 5 امبير تتراوح ما بين 65 و75 ألف ليرة، و40 ألف ليرة لكل 2 أمبير، والبعض الآخر خفض الى 100 ألف ليرة كل 5 امبير، بعد أن كانت 135 الف ليرة.
لم تخفّف تلك التخفيضات المحدودة من نقمة الأهالي، الذين يعتبرون هذه الخطوة «متأخرة مقارنة مع سلم التراجع الكبير في أسعار المحروقات، والذي بلغ اكثر من 70 و80 في المئة، حيث وصل سعر صفيحة المازوت الى 9500 ليرة، وقياساً مع الفارق الكبير في تسعيرة فاتورة مؤسسة كهرباء لبنان، التي تعتمد على تسعيرة 35 ليرة لكل كيلو كهرباء، مع الإشارة إلى أن معظم الاشتراكات المذكورة تمّت بينما كان سعر صفيحة المازوت أكثر من 25 ألف ليرة».
جشع واستغلال
عكس هذا الوضع استياءً عارماً لدى أبناء المنطقة، الذين «يحمّلون الدولة ووزاراتها الغائبة عن المتابعة والملاحقة والمراقبة مسؤولية جشع أصحاب المولدات واستغلالهم، على الرغم من أنهم يستخدمون أعمدة مؤسسة كهرباء لبنان لتمديد شبكاتهم، بالإضافة الى التلوّث الذي تُحدثه المولدات بشكل عشوائي، من دون حسيب أو رقيب، بل إن همهم يبقى ملء جيوبهم بالمال الذي يجنونه على حساب صحة المشتركين وأوضاعهم». ويُبدي الأهالي أسفهم للهجة التهديد القاسية وغير اللائقة التي يواجههم بها أصحاب المولدات، لدى مراجعاتهم بالنسبة لقيمة الفواتير، حيث يهدّدونهم بالقطع فوراً في حال إثارة هذا الموضوع»، وينقل عدد من المشتركين عن أصحاب المولدات قولهم «إنها فرصة لهم لجني الأرباح، على اعتبار أنهم يخفضون من «الجمل أُذنه» عند انخفاض أسعار المازوت، ويرفعون الأسعار تدريجياً مع كل ارتفاع ولو بسيط للمازوت».
مزاج أصحاب المولدات
وفيما يئن أبناء المنطقة بفعل الضائقة الاقتصادية الصعبة، التي تمرّ بها البلاد على مختلف المستويات والأصعدة، يبدي الأهالي سخطاً كبيراً من الأوضاع التي وصلوا اليها، والتي وضعتهم تحت رحمة مزاجية أصحاب المولدات وسياساتهم الاحتكارية، ويُطلق الأهالي صرخة استغاثة للوزارات والمؤسسات المسؤولة عن المراقبة والمحاسبة بضرورة إثبات وجودها على أرض الواقع والقيام بالخطوات المطلوبة منها في مكافحة مكامن الفساد والاحتكار والسمسرة، خصوصاً أن جميع اسعار المواد الغذائية واللحوم ومشتقاتها والأطعمة ما زالت على أسعارها المرتفعة، ولم تشهد أي تخفيض على الرغم من تراجع أسعار المحروقات كافة، بالإضافة الى ثبات تسعيرة نقل تلامذة المدارس على حالها من دون أي تغيير يُذكر.
تراجع فترات التغذية
وما يزيد من تفاقم الوضع على صعيد الكهرباء، تراجع ساعات التغذية بالتيار الكهربائي التابع لمؤسسة كهرباء لبنان في المنطقة، والذي وصل الى ساعتَيْ تغذية كل ست ساعات، مما يعطي أصحاب المولدات الذرائع والمبررات لعدم تخفيض التسعيرة للحد الأدنى المطلوب، على اعتبار أنهم يزيدون من تشغيل مولداتهم كل ساعة انقطاع للكهرباء.
ويشير عدد من اصحاب المولدات في بلدة شحيم التي تعتبر عاصمة إقليم الخروب، الى انهم «يتبعون سياسة تخفيض الفاتورة مع انخفاض سعر المحروقات، ورفعها مع ارتفاع الأسعار»، ويؤكدون أنهم خفضوا تسعيرة العدادات الى 400 ليرة للكيلو الواحد بعد ان كانت 600 ليرة، ورسم العداد 20 الفاً بعد ان كان 25 ألفاً».
أرباح لا تتأثر بالمتغيّرات
ويلفتون الانتباه الى انهم «يؤمّنون التغذية 24 ساعة من دون انقطاع»، ويوضحون أنهم إذا اعتمدوا تسعيرة الدولة التي تطالب بها، فإنها ستبلغ بحدود 100 ألف ليرة لكل 5 أمبير، لكونهم يشغلون مولداتهم حوالي 500 ساعة في الشهر، وأما المولدات التي تعمل على العدادات فتصل فواتيرها الى حدود 40 و50 ألف ليرة وما فوق، بحسب استهلاك كل مشترك». وعن تأثير انخفاض سعر صفيحة المازوت، يؤكدون أنهم لا يمكن ان يعملوا بالخسارة، وأن أرباحهم ما زالت هي هي»، ويلفتون الانتباه الى «ان الكلفة ناتجة عن أجور العمال والصيانة المستمرة للمولدات بفعل التشغيل المستمر»، ويؤكدون ان كلفة ارتفاع فاتورة المولد على المواطن هي بسبب تراجع التغذية بالتيار الكهربائي حيث تصل الى ساعتين كل ست ساعات».
أما أصحاب المولدات الذين يعتمدون المقطوعية في معظم قرى الإقليم وبلداته، والذين يتقاضون 75 و80 الف ليرة لكل 5 أمبير، يلجأون، مع «انخفاض سعر المازوت الى زيادة ساعات التغذية بسبب انقطاع التيار المستمر لفترات طويلة خلال الأشهر الأخيرة، ارتباطاً بعوامل عدة مناخية وغير مناخية»، ويشيرون الى ان «تشغيل مولداتهم بشكل متواصل، يكبدهم نفقات ومصاريف المازوت والزيوت والعمال والصيانة»، ويُجمعون على انهم يشغلون مولداتهم في اليوم الواحد حوالي 15 ساعة».