كتبت هدى شديد في صحيفة “النهار”:
في وزارة الخزانة كما في وزارة الدفاع لغة أميركية واحدة سمعها الوفد البرلماني اللبناني، هي نفسها التي أُبلغ بها في وزارة الخارجية وفي مجلس الامن القومي: الجيش والقطاع المصرفي في لبنان هما عمودا الاستقرار الذي تحرص الولايات المتحدة الاميركية على صونه وحمايته. اما “قانون منع تمويل حزب الله” فإجراءاته التطبيقية قيد الإعداد، ولا تراجع عن عقوباته، ولكن ثمة فصلاً تاماً بين “حزب الله” كمكوّن رئيسي في التركيبة اللبنانية الشعبية وفي المؤسسات الرسمية وبين نشاطاته الخارجية، تماماً كما جاء في نص القانون بعدما توصلت جمعية المصارف اللبنانية بالتواصل مع المسؤولين الاميركيين الى فكّ الارتباط بين “حزب الله” والدولة اللبنانية وازالة اي ذكر للبنان او لمؤسساته في هذا القانون.
داخل حصن البنتاغون عقد اللقاء بين الوفد البرلماني اللبناني ومساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط اندرو آغزوم الذي ابدى علمه بأدقّ التفاصيل المتعلقة بالملف اللبناني، وهو الذي يفاخر بأنه خريج الجامعة الاميركية في بيروت. وعلم انه استمع الى شرح مفصل من النواب اللبنانيين للأعباء التي يحملها لبنان الذي يقاتل جيشه الارهاب على الحدود، والذي ينوء تحت حمل مليون ونصف مليون نازح سوري على ارضه. وفي المقابل، اكد المسؤول في البنتاغون التزام الولايات المتحدة دعم الجيش وتسليحه وتقويته، بمعزل عن الهبة السعودية التي كان يمكنها ان تسرّع خطة تجهيز الجيش التي لن تتوقف بتوقّف الهبة، كما ان الولايات المتحدة جاهزة للتدخل في اي لحظة دفاعاً عن لبنان، “فالأميركيون لن يقفوا متفرجين، في حال تعرض لبنان لأي خطر وجودي ارهابي على حدوده”.
وعلم ان المسؤول في وزارة الدفاع سأل الوفد النيابي عن مصير الاستحقاق الرئاسي: “كيف لنا ان نساعدكم فيما انتم لا تساعدون بانتخاب رئيس لاعادة انتظام عمل المؤسسات؟”.
اما في وزارة الخزانة التي منها تدار الحرب الاميركية العالمية من خلال ما تنفّذه من عقوبات، فكان “لقاء الحقيقة” مع دانيال غلايزر مساعد وزير الخزانة لشؤون تمويل الارهاب: “صحيح ان الادارة الاميركية مدركة لمدى تداعيات تطبيق عقوبات قانون منع تمويل “حزب الله” على لبنان الذي تعدّ آلياته التطبيقية، الا انها تسعى للمضي بتنفيذ هذه العقوبات بطريقة لا تؤثر سلباً على الوضعين الاقتصادي والمالي في لبنان”.
ولكن ماذا عن معاملات نواب ووزراء “حزب الله” في المجلس والحكومة؟ “هذا السؤال لا جواب عنه لدى الادارة الاميركية”، وفق مصادر الوفد اللبناني.
وينقل رئيس الوفد النائب ياسين جابر عن المسؤولين في الادارة الاميركية انهم مدركون لواقع لبنان الهش والرازح تحت اعباء كثيرة، ولكنهم أكدوا حرصهم على عدم تعريضه لأي اذى وعلى الا يتأثّر فيه القطاع المصرفي او الاقتصادي، والا يشعر أي مكوّن لبناني بأنه مستهدف. فهم كسلطة تنفيذية مجبرون على تنفيذ ما يقرّه الكونغرس وعلى التعاطي مع القانون وهم في طور اعداد تعليماته التطبيقية، والوفد اللبناني لم يأتِ ليسأل عن اصدار القانون بل نبه الى ما يواجهه لبنان في حربه مع الارهاب وفي قتاله “داعش” التي يمنع وصولها الى البحر المتوسط، كما انه يعاني تعثراً في كل قطاعاته، وتراجعاً اقتصادياً وزراعياً وتجارياً، فضلاً عن تحمله عبء النازحين، وليس بإمكانه تحمل المزيد من الاعباء والتضييق، فيما لم يبق لديه قطاع ناجح الا القطاع المصرفي”.
ويقول النائب روبير فاضل: “ان الزيارة جاءت في وقتها، والتواصل الذي بدأته اللجنة اثبت فعاليته وسيترك اثره على الاجراءات التطبيقية للقانون الجاري اعداده. فالجانب الاميركي اكد ادراكه لمدى تداعيات القانون على لبنان وثمة سعي للمضي بتنفيذ هذه العقوبات من دون ان تؤثر سلباً على اقتصاده ووضعه المالي وبالحدّ من أضراره الجانبية. وهذ التوجُّه هو قيد البحث في وزارة الخزانة، بحيث يُزال كل التباس او غموض في التطبيق”.
الوفد اللبناني الذي وجد فائدة فورية في التواصل مع المسؤولين الاميركيين، يركز على تحويل حملته الى نوع من “لوبي لبناني – اميركي” بعدما بدأ يكتشف الروابط العائلية التي تجمع نحو عشرة اعضاء في مجلسي الشيوخ والنواب الاميركيين مع لبنان، والتفاعل الذي يتركه تكوين الوفد اللبناني من تنوّع طائفي ومذهبي وسياسي. وقد عبر النائب رالف ابراهام الذي يتحدر من اصل لبناني، والذي التقى الوفد اللبناني، عن التزامه العمل على كل ما يقوّي لبنان ويحمي مناعته في كل المجالات من خلال التواصل مع زملائه في مجلسي النواب والشيوخ، إيماناً منه ومن كثيرين مثله بأن المسّ باستقرار لبنان قد يؤدي الى تفجير الشرق الاوسط برمته، ولذلك يجب مساعدته على تجاوز كل الضغوط التي تُمارس عليه والمشاكل التي يعاني منها. وهذا التوجُّه سيتوضّح اكثر في اللقاءات التي يستكملها الوفد مع عدد كبير من اعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ، وأبرزهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية.