كتبت ألين فرح في صحيفة “النهار”:
لشهور خلت، لم يكن موقف رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أو أي من نوابه ومسؤوليه على قدر من الليونة التي يعتمدها حالياً حيال “حليفه” الجديد “التيار الوطني الحر”، وتحديداً رئيسه جبران باسيل.
لم يشأ جعجع أن يحمّل باسيل مسؤولية وقف الهبة السعودية والاجراءات السعودية والخليجية المتخذة في حق لبنان نتيجة موقف وزير الخارجية في جدة والرياض “والخروج عن الإجماع العربي انحيازاً الى “حزب الله” وإيران” وفق كلام 14 آذار، “فالقضية ليست قضية وزير بل مسؤولية الحكومة مجتمعة”، كما تؤكد مصادر “القوات”.
فعل فعله “إعلان النيات” بين الطرفين، ثم استتبع بالاتفاق بينهما وتبنّي جعجع ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، فتغيّرت طريقة تعامل “القوات” مع “التيار الوطني”، والعكس. غابت الانتقادات والمواقف الحادة بين الطرفين، وأصبحت العلاقة أقوى وأمتن بين الحزبين المسيحيين، مما يدل على أن الاتفاق ليس ظرفياً كما يحلو للبعض اعتباره، بل هو متماسك أكثر من أي وقت مضى، والتنسيق شبه يومي بينهما في كل القضايا، ولا شك أنه كذلك في هذه القضية المهمة بالنسبة الى لبنان أيضاً، كما يؤكدان. وفي حين قيل انه في اجتماع قوى 14 آذار في “بيت الوسط” مساء الأحد الفائت، أصرّ ممثل “القوات” النائب جورج عدوان على عدم تسمية “التيار الوطني الحر” أو الوزير باسيل في البيان الذي صدر، لم تشأ مصادر “القوات” التوقف عند هذا الأمر، واعتبرت أنه لم يطرح من الأساس للاعتراض عليه.
لا تنكر “القوات” أنها تراعي حساسية العلاقة المستجدة مع “التيار الوطني الحر”، لكنها في الوقت عينه تؤكد أن الحكومة مجتمعة تتحمّل مسؤولية ما حصل. وتضيف المصادر لـ”النهار”: “إذا اعتبرنا ان وزير الخارجية أخطأ، فعلى الحكومة أن تتصرف لأنها هي من ترسم سياسة لبنان الخارجية، وخصوصاً بعد اتفاق الطائف، وهذا ما طالب به وزير الخارجية نفسه. فلماذا الهجمة على باسيل في الوقت الذي اجتمع مجلس الوزراء وأصدر بياناً كأنه “شعر بشعر”، وبالتالي غطّى فيه الوزير بالإجماع؟”.
تسأل المصادر “القواتية” كيف يكون ثلثا الحكومة من 14 آذار والمستقلين، وترضخ للثلث المتبقي منها وتقول إنها تحمّل وزيرا بعينه المسؤولية، “مما يعني أن هذه الحكومة متخاذلة ولا تستطيع أن تفعل شيئاً”. علماً أن “القوات” لا تنفك تنتقد سياسة حليف الحليف، أي “حزب الله”، وتحمّله تبعة فشل الحكومة نتيجة “تدخله في سوريا ودول عربية أخرى”.
وتشدد المصادر على أنه “لهذه الأسباب وسواها مما ملّت “القوات” تكراره منذ تشكيل هذه الحكومة الفاشلة، تعود لتؤكد صوابية قرارها بعدم المشاركة فيها”.
في المقابل، فإن خطاب “التيار” بعد “إعلان النيات” والبنود العشرة الواردة في اتفاق 18 كانون الثاني، دخلت عليه الديبلوماسية في ما يتعلق بالمملكة العربية السعودية وبعض الملفات الأخرى، والدليل بيان “تكتل التغيير والاصلاح” أول من أمس الذي ورد فيه حرفياً: “لا يمكن أحدا أن يزايد علينا في حرصنا على المملكة العربية السعودية ودول الخليج، من منطلق أنها دول عربية شقيقة، وهذا الحرص هو بالتأكيد بمقدار حرص هذه الدول على لبنان المُقيم أو المنتشر في أرجاء هذه الدول، مهاراتٍ عاملة ورساميل ومشاريع”. إضافة الى التعميم الذي أصدره العماد عون على وزراء “التيار” ونوابه ومسؤوليه ووسائل إعلامه بعدم مهاجمة السعودية، وعدم الخوض في سجالات تؤدي إلى انتقاد قرارات الرياض وسياساتها.
منذ اتفاق معراب، يعمل جعجع على إيصال مرشحه الى رئاسة الجمهورية ودعمه داخلياً وخارجياً، وخصوصاً لدى السعودية، وثمة من يرى في “الهجمة” على باسيل كأنها على ترشيح عون للرئاسة. تكتفي “القوات” بتكرار تأكيدها أن السعودية لا تضع فيتو على أي من المرشحين للرئاسة، بمن فيهم عون، وكل ما يهمّها إنهاء الشغور الرئاسي.
وفق مراقبين لحركة الحزبين المستجدّة، فإن اللافت ان 18 كانون الثاني هو بداية تكوّن خط جديد وطني وسيادي أساسه مكوّنان حزبيان كبيران ينسجان صداقات عميقة، ولكن ندّية مع دول عربية وغير عربية.