كشفت صحيفة “الحياة” أن رئيس الحكومة تمام سلام أجرى مراجعة للعلاقة بين لبنان والمملكة خلال لقائه السفير السعودي علي عواض عسيري مؤكداً المواقف التي أعلنها في الأيام الماضية عن امتنان لبنان للدعم السياسي والاقتصادي الذي تلقاه منها على مدى عقود. وشدد على أن حصول خطأ النأي بالنفس عن إدانة الاعتداء على المملكة لا يستوجب التخلي عن لبنان بهذه السرعة، وأن العلاقة التاريخية بين البلدين تسمح بإعطاء لبنان ورئيس الحكومة الوقت لتصحيح الموقف.
كما شدد رئيس الحكومة على أن المملكة دولة كبرى، ولدورها ونفوذها الإقليمي في ظل هذه الظروف أبعاد كبيرة وواسعة قياساً إلى وضع لبنان كبلد صغير، ودعا إلى تفهم ظروفه. وقالت مصادر مطلعة إن سلام أوضح لعسيري أنه إذا كان هناك فريق (“حزب الله”) ومن ورائه إيران يسعيان للسيطرة على القرار اللبناني، فإن حرص المملكة على لبنان، يفترض مواجهة هذه المساعي بدعم الدولة اللبنانية والجيش والمؤسسات الأمنية، لا الانسحاب منه وسحب الدعم، حتى لا يترك وحده في مواجهة الضغوط. فمعاناة الحكومة من محاولات الهيمنة على قرارها والمؤسسات معروفة، وسلام في صلب هذه المعاناة التي بدأت بالشغور الرئاسي، والمعالجة تكون في الضغط لإنهاء هذا الشغور، لوقف استفادة البعض منه.
وذكرت مصادر مواكبة لمواقف سلام أنه سعى إلى إصدار بيان الحكومة الإثنين الماضي بالإجماع تجنباً لخضة بداخلها ما أدى إلى الأخذ ببعض ملاحظات “حزب الله”، لتأكيد التزام لبنان الإجماع العربي، لأن هناك محطات مقبلة، أبرزها القمة الإسلامية المرتقبة في تركيا في شهر نيسان المقبل، والقمة العربية بعدها، واللتين سيستند فيهما إلى بيان الحكومة لتأكيد التزام لبنان الإجماع العربي، بإدانة الاعتداء على سفارة المملكة وقنصليتها في إيران، بدل موقف النأي بالنفس.
ورفض عسيري الكشف عن مضمون الرسالة التي حمله إياها سلام، لكنه قال أن الأخير “عبّر فيها عن همومه، وطلب مني نقل مضمونها نصاً وجوهراً إلى قيادتي”. واعتبر أن ما قامت به الحكومة اللبنانية “لم يكن كافياً وشافياً عن موقف لبنان في المحافل الدولية تجاه المملكة”، مضيفاً: “هذا البلد يرتبط بعلاقة وثيقة وتاريخية مع المملكة… كنا نتوقع منه أفضل من ذلك”.
واتهم “أحد كبار المسؤولين في الحكومة اللبنانية (قاصداً وزير الخارجية جبران باسيل) بارتكاب خطأين متتاليين حيال المملكة… ومفروض أن يعالج هذا الأمر بحكمة وشجاعة”.
وأعلنت مصادر وزارية لصحيفة “الأنباء” الكويتية أنّ دعوة رئيس الحكومة تمام سلام للسفير السعودي علي عواض عسيري الى السراي الكبير تناولت رغبة سلام في زيارة المملكة على رأس وفد وزاري لتوضيح الموقف اللبناني خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب والمسلمين في القاهرة، ثم في جدة.
وكشفت “الأنباء” ان الرياض وافقت على مبدأ الزيارة، على ان تتم مطلع الاسبوع المقبل، بعد التفاهم على أعضاء الوفد الذين يفترض ان يمثلوا المكونات الطائفية للبلد، إضافة الى موقف أقوى من مجلس الوزراء اليوم، وهنا يقول الوزير وائل أبوفاعور، ان لبنان مستعد لمعالجة الأخطاء المرتكبة، وهي أخطاء لا تعبر عن موقف لبنان.
ومن اجل وقف تداعيات الموقف اللبناني من الاعتداء على السفارة السعودية، في ضوء معطيات “الأنباء” بأن المملكة قد تلجأ الى الخيار “الإماراتي” بخفض مستوى التمثيل، اذا لم ينجح الوفد الوزاري في مهمة اقناع المسؤولين السعوديين بأن موقف باسيل في مؤتمر القاهرة وجدة لا يمثل الحكومة اللبنانية.
وقد لوحظ ان عسيري اصطحب معه الى السراي الحكومي القائم بأعمال السفارة السعودية ماجد الشراري.
وذكرت صحيفة “السياسة” الكويتية، أن الإجراءات الخليجية التي اتخذت في الساعات الماضية، خففت بعض الشيء من اندفاعة رئيس الحكومة الذي كان يجري تحضيراته للجولة الخليجية لشرح حقيقة الموقف اللبناني.
وكشفت أوساط وزارية لـ”السياسة” أن لبنان قلق لأن الأزمة مرشحة للتفاقم، سيما أن هناك تحذيرات وصلت إلى بيروت، بأن الغضب الخليجي مرشح للتصاعد أكثر فأكثر، بعدما تجاوز بعض اللبنانيين الخط الأحمر في الحملة على المملكة وأشقائها، الأمر الذي قد يرخي بظلاله على الجولة المرتقبة لسلام ويؤخر موعدها خلافاً لما كان يأمل رئيس الحكومة.