Site icon IMLebanon

ربع مليار دولار لبلدية بيروت “في ذمّة” سوكلين


حنان حمدان

لم تتقاضَ بلدية بيروت بدل إيجار العقارات التي تستخدمها مجموعة “أفيردا”، (سوكلين وسوكومي)، منذ العام 1994 حين إلتزمت المجموعة خدمة النفايات في منطقتي بيروت وجبل لبنان بموجب عقد رضائي. ومُنحت المجموعة مساحة تقدر بـ 25 ألف متر مربّع لبناء منشآت خاصة بها، وهي عبارة عن مكاتب إدارية وسكن للعمال، وتوسعت بعد ذلك لتصبح نحو 50 ألف متر مربّع، من دون أن تتكلف المجموعة دفع أية أموال مقابل ذلك، رغم أنه كان في إمكان الحكومة أن تحسم قيمة بدل إيجار العقارات من فاتورة خدمة النفايات الخاصة بمنطقة بيروت الإدارية.
اليوم، أثارت أزمة النفايات التي عصفت بلبنان مؤخراً موضوع هذه العقارات مجدداً، إذ من غير المبرر منح شركة خاصة إلتزمت بتأمين خدمة معينة عقارات دون أي مقابل، لذلك طرحت العديد من علامات الإستفهام حول هذا الموضوع، منها: لماذا لم يفرض على الشركة دفع قيمة الإيجار؟ ومن يتحمل مسؤولية هذا التهاون؟ وبكم تقدر القيمة التأجيرية لهذه العقارات؟
لا يمكن تحميل بلدية بيروت هذه المسؤولية، لسبب بسيط وهو أن البلديات لم تكن طرفاً أو شريكاً حين تم التعاقد مع مجموعة “أفيردا”. ولم تتمكن البلدية من فرض شروط خاصة بها، إذ “تم منح هذه العقارات بقرار إتخذته الحكومة آنذاك، بإعتبار أن الأمر شكل من اشكال المساهمة التي يمكن أن تقدمها البلدية للشركة مقابل تأمين خدمة النفايات”، وفق ما أكده نائب رئيس بلدية بيروت نديم أبورزق في حديث لـ”المدن”. والحال، أن صيغة منح هذه العقارات لم تتبدل في كل مرّة كان يتمّ تمديد العقود مع المجموعة، أي في الأعوام 2007 و2011 و2014، وبقيت العقارات تستخدم من قبل الشركة من دون أي مقابل، رغم إمكانية اشتراط البلدية تقاضي مبلغ من الأموال لقاء ذلك في المرات التي مددت فيها عقود الشركة.
من جهته يرمي رئيس بلدية بيروت بلال حمد، مسؤولية “هذا التراخي مع المجموعة على من أبرم معها العقود”، قائلاً: “لقد أجازت الدولة إستخدام هذه العقارات من دون أن تقوم بحسم بدل إيجارها من الأموال المقتطعة من مستحقات البلديات لتسديد مستحقات سوكلين، فيما أبعدت البلديات عن هذا الملف”. ويرفض تحميل الشركة مسؤولية عدم دفع بدل الإيجار الى البلدية. مؤكداً على نية البلدية “استعادة هذه العقارات بعد إنتهاء عقود سوكلين وسوكومي”، أي بعد عام ونصف. وينفي حمد وجود أي نية لدى البلدية لتحصيل حقوق لم تضمنها العقود المبرمة سابقاً”، ولكنه يعِدُ بأن تكون هذه العقارات “بنداً أساسياً في العقود التي ستبرم في المستقبل القريب، مع الشركات التي ستفوز بالتزام خدمة النفايات بعد تسليم البلديات إدارة ومعالجة نفاياتها بنفسها”.
موقف الشركة في هذا الشأن، اختصرته المسؤولة الإعلامية لشركة “سوكلين” باسكال نصار في حديث مع “المدن” بتأكيدها أن “هذه العقارات قد منحت لمجموعة أفيردا من دون أي مقابل عند إلتزام الشركتين خدمة النفايات في بيروت وجبل لبنان، وفق العقدين اللذين تم توقيعهما مع مجلس الإنماء والإعمار حينها ويحملان الرقم 2378 و1348. والشركة تستخدم حالياً ثلاث عقارات، الأول تقيم عليه “سوكلين” مركزها الرئيسي، والثاني يضم مركز شركة “سوكومي”، أما الثالث فقد أنشىء عليه مبنى لسكن العمال، والعقارات الثلاثة في منطقة الكرنتينا.
في عملية حسابية تقريبية للأموال التي كان يمكن تحصيلها جراء إلزام مجموعة “أفيردا” بدفع بدل إيجار العقارات التي منحت لها، نجد أن السعر الوسطي للمتر المربّع في مدينة بيروت ما قبل العام 2006 كان يقدر بـ5000 دولار، فيما يقدر السعر الوسطي ما بعد العام 2006 وحتى اليوم بـ10000 دولار. فيما تقدّر القيمة التأجيرية للعقار بـ3 في المئة من مجمل قيمة الأرض، وإذا كانت قيمة عقار بمساحة 50 ألف متر مربّع ما قبل العام 2006 تقدر بـ250 مليون دولار فإن قيمته التأجيرية ستبلغ 7 مليون و500 ألف دولار للسنة الواحدة، وإذا ما احتسبنا هذه القيمة على مدى 12 عاماً (أي الفترة الممتدة من العام 1994 وحتى العام 2006) فإنها ستبلغ 90 مليون دولار. وإذا أجرينا العملية الحسابية نفسها في الفترة بين العام 2006 والعام 2015، يتبيّن أن قيمة عقار بالمساحة نفسها ستبلغ 500 مليون دولار، وقيمته التأجيرية 15 مليون دولار عن كل عام، وبذلك يصبح مجموع هذه القيمة على مدى 9 أعوام 135 مليون دولار. وبذلك تقدر القيمة التأجيرية للعقار على مدى 21 عاماً، وفقاً لهذه الأسعار، بنحو 225 مليون دولار. وهي بدل إيجار العقارات التي كان يمكن أن تحصلها البلدية من مجموعة “أفيردا”، وفق ما أكده أمين سر نقابة المقاولين في لبنان سليم مشعلاني في حديث لـ”المدن”.