الضغط يتزايد ليُصبح موجة في صناعة الصفقات في قطاع الطاقة، لكن هناك عديد من العوائق التي لا تزال تعوقه، حيث إن خام برنت قابع عند سعر يحوم حول 35 دولارا للبرميل، كما أن هناك هزة تلوح في أفق قطاع النفط في جميع أنحاء العالم، خاصة بين شركات إنتاج النفط الصخري المُثقلة بالديون في الولايات المتحدة.
أسعار النفط الضعيفة شجّعت الاندماج في موجة عمليات دمج ضخمة في نهاية التسعينيات، والظروف اليوم قد تبدو مواتية على نحو مماثل للقيام بعمليات استحواذ. لوضع قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة على أساس ثابت من أجل انتعاش مُستدام، يجب أن تكون هناك عمليات إعادة تخصيص للأصول بين المجموعات.
يقول فانس سكوت من شركة إيرنست آند يونج: “هناك شركات جيدة جداً من الناحية الفنية، لكنها مُجهَدة من حيث التزاماتها المالية. يجب أن تحصل الصناعة على عمليات دمج واستحواذ لإعادة هيكلة رأسمالها”. على أنه حتى الآن، كان تدفق الصفقات كان أبطأ مما كان متوقعاً، مع بعض العوامل وراء عدم وجود معاملات من المتوقع أن تتباطأ في المستقبل.
يعتقد كثير من المسؤولين التنفيذيين في مجال النفط أن أسعار النفط الخام سترتفع في الأعوام القليلة المقبلة، وأن الوقت الحاضر سيكون وقتاً مناسباً لشراء الأصول التي يُمكن أن تستفيد من التحسّن.
جاي هورين، رئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية للطاقة لأمريكا الشمالية في بنك جيه بي مورجان، يُجادل بأن الشركات ذات المراكز المالية القوية “ستحاول الاستفادة من التغيير في أسعار النفط” من خلال القيام بعمليات استحواذ.
مع ذلك، يُضيف أنه من الصعب التنبؤ بتوقيت تلك التحرّكات. التوقّعات منذ العام الماضي أنه ستكون هناك موجة في عمليات الاستحواذ بحلول نهاية عام 2015، لم تتحقق، حيث انخفض عدد الصفقات وتم الاتفاق عليها في قطاع النفط والغاز في الولايات المتحدة بنسبة 30 في المائة العام الماضي، وذلك وفقاً لوكالة ديلوجيك.
التقلّب في أسعار النفط كان إحدى العقبات. عندما تتغيّر الأسعار بسرعة، والتوقّعات بشأن المستقبل تختلف على نطاق واسع، يُصبح من الصعب على البائعين والمشترين الاتفاق على التقييمات.
هناك عقبة أخرى هي أن أسهم شركات النفط والغاز لا تزال لا تعكس تماماً أحدث انخفاضات أسعار السلع الأساسية. جريج وينبرجر، الرئيس المُشارك لعمليات الدمج والاستحواذ العالمية في بنك كريدي سويس، يقول إن العائق الرئيسي أمام عقد الصفقات في الشركات، هو أن الشركات التي تملك أصولا جذّابة لا تزال تقوم بالتداول، كما لو أن أسعار النفط مرتفعة.
بنك أمريكا ميريل لينش، حسب في وقت سابق من هذا الشهر أن أسعار الأسهم في شركة إي أو جي ريسورسيز وشركة كونوكو فيليبس، توحي بسعر متوقع للنفط الخام في الولايات المتحدة يبلغ 50 دولارا للبرميل، وسعر أسهم شركة بيونيير ناتشورال ريسورسيز توحي بسعر نفط يبلغ 55 دولارا، وأسهم شركة أوكسيدنتال بتروليوم توحي بسعر نفط يبلغ 65 دولارا.
شركة رويال داتش شل كان عليها العمل لإقناع المساهمين فيها بأن استحواذها على مجموعة بي جي، التي أبرمت هذا الأسبوع، لا تزال تستحق المتابعة مع أن الأسعار قد انخفضت منذ الاتفاق على الصفقة.
في الوقت نفسه، بعض البائعين لا يرغبون في التخلص من الأصول بسبب انخفاض الأسعار، كما أن عدداً من الشركات ذات الموارد المالية المُرهقة تحاول في نفس الوقت القيام بالتخلّص لجمع المال.
جون واتسون، الرئيس التنفيذي في شركة شيفرون، قال الشهر الماضي إنها “سوق رهيبة إذا كنتَ تحاول بيع معظم الأصول فيها”.
تحاول شركة شيفرون جمع ما يرواح بين خمسة مليارات دولار وعشرة مليارات دولار من مبيعات الأصول في الأعوام 2017-2016، لكن واتسون قال إنه إذا تبيّن أن المعاملات صعبة، سيتم تأجيلها.
سكيب ماكجي، مؤسِس الشركة الاستشارية التي تُركز على الطاقة، إنتربيد بارتنرز، يقول إن الشركات التي لا تواجه أزمة سوف “تحاول الصمود لفترة أطول، لأن البيع في الأوقات المضطربة صعب”.
الشركات التي تعاني ضائقة مالية من غير المرجح أن تكون أهدافا جذّابة لعمليات الاستحواذ، وذلك وفقاً لتوم واترز، العضو المُنتدب للنفط والغاز في وكالة التصنيف الائتماني، ستاندرد آند بورز.
ويضيف: “إذا كانت الشركة تملك سندات يتم تداولها بمقدار 30 سنتا على الدولار، فلماذا نأتي ونشتريها، حين سيكون عليك سداد الدائنين؟ ستكون أفضل حالاً بالانتظار عند إعلان إفلاسها، ومن ثم شراء الأصول”.
مع ذلك، بيع الأصول يُمكن أيضاً أن يكون صعباً، بسبب الوقت الذي يحتاج إليه المشترون لتقييم الصفقات المحتملة. كثير من شركات الإنتاج ترفض بعناد النظر في بيع الأصول عندما تكون الأسعار منخفضة، وذلك وفقاً لتريفور والاس من الشركة الاستثمارية، بيترومارك إينرجي. ويقول “بعضها قد ألقت نظرة سريعة وأدركت أنها على وشك التعرّض لمتاعب”. قد تحتاج إلى بيع الأصول لتجنّب الإفلاس، لكن العثور على مشترين محتملين لن يجعلها قادرة على بذل قصارى جهدها بسرعة كافية.
مع مرور الوقت، ربما يُمكن التغلّب على كل هذه العوائق.
يقول ماكجي إن هناك عددا متزايدا من الشركات المُتعثّرة تتحمّس للفكرة بأنها قد تحتاج إلى بيع كل أو جزء من عملياتها لتجنّب الإفلاس. ويُضيف: “لقد تغيّر المزاج بشكل كبير. مع أسعار النفط حول أو أقل من 30 دولارا للبرميل، إنه وضع مختلف تماماً عن العام الماضي”.
الشركات التي كانت تحاول “تمديد مجالها”، تقطعت بها السُبل للوصول إلى الأسهم والسندات من الدرجة غير الاستثمارية بالنسبة لمعظم الشركات، والشركات المتوترة مالياً نفدت منها الخيارات.
تقول شركات الأسهم الخاصة إنها جمعت عشرات مليارات الدولارات للاستثمار في قطاع الطاقة الأمريكي، وقد تم الإعلان عن بعض الصفقات في الآونة الأخيرة.
في الشهر الماضي، تم شراء مساحة كبيرة من حوض بيرميان في غرب تكساس من قِبل شركة جديدة تُسمى لوكس إينرجي، المدعومة من شركة الأسهم الخاصة، إن جي بي إينرجي.
إذا كانت أنشطة عمليات الدمج والاستحواذ في قطاع النفط في الولايات المتحدة قد بدأت أخيراً بالانطلاق، فسوف يتبيّن أن إعادة الهيكلة قد بدأت.
يقول دينيس كاسيدي من أليكس بارتنرز، الشركة الاستشارية: “حيث إنه كان هناك كثير من رأس المال المتوفر، فإن بعض أولئك الرجال كانوا قادرين على الصمود لفترة أطول مما كان ينبغي لهم”. الارتفاع في عمليات الدمج والاستحواذ سيكون “علامة إيجابية بأن الانتعاش يحدث فعلاً”.