يواجه المنتجون السوريون، لاسيما العاملون في قطاع الألبسة، مشكلة تتمثل في أنّ التجار في الخارج يتخوفون من التعامل معهم لظنهّم أنهم غير قادرين على تأمين ما يحتاجونه من بضائع للتصدير، وهذا ما أدى إلى انخفاض نسبة تصدير الألبسة السورية بنسبة تفوق الـ70 في المئة.
وكخطوة نحو إعادة تنشيط الأسواق الخارجية، تتّجه الجهات والهيئات المعنية بدعم المصنعين السوريين نحو إقامة المعارض داخل سوريا وخارجها في دول مثل لبنان والأردن وغيرهما، ومن بينها معرض “موداتكس” الذي أقيم في دمشق يومي 24 و25 شباط الجاري، بدعم من “اتحاد المصدرين السوري” و”هيئة تنمية وترويج الصادرات”، وبمشاركة عدد من الشركات العاملة في إنتاج الألبسة والجلديات. وتؤكد مثل هذه المعارض مكانة المنتج السوري في الأسواق أو أقلهّ استمرار وجوده فيها بالرغم من الحرب، كما تساعد على جذب زبائن جدد يستفيد منهم المشاركون في المعارض.
تخوف التجار من التعامل مع المصنعين في السوق السورية بسبب ظروف الحرب، أمر يجمع عليه المصنّعون المشاركون في المعرض، حيث انخفض تصدير الملبوسات السورية خلال الفترة الماضية لعدم ثقة بعض التجار بقدرة المنتج السوري على تأمين الألبسة المطلوبة. ومن هنا تأتي أهمية المشاركة في معارض الألبسة “ليتأكد الزبائن من استمرارية عملنا، فالمعرض يستقبل زواراً من جميع المحافظات، كما أنه فرصة لتعارف التجار بعضهم على بعضهم الآخر، وبالتالي هو مكسب للطرفين”، كما يقول لـ”المدن”، أحد منتجي الألبسة، محمد خير.
وفي السياق، يتحدّث أمين سر لجنة الصناعات النسيجية في حماه هيثم الخضري، لـ”المدن”، عن “خوف التجار من المجيء إلى سوريا بشكل دائم، ومع ذلك نشارك في المعارض، وهناك معرض الشهر المقبل في إيران سنشارك فيه أيضاً، ما يسهّل علينا الدخول إلى السوق الإيرانية، مستفيدين من توقيع اتفاقيات جديدة لتسهيل التبادل، وتفعيل ما تم الاتفاق عليه من إعفاءات في فترات سابقة”. ويشير الخضري إلى أنّ “حجم التبادل التجاري بين ايران وسوريا يصل الى نحو مليار ليرة (أكثر من 3 مليون دولار)، وهذا يعطي صورة عن المنتج السوري الذي استمر بتشغيل منشآته بالرغم مما يتعرض له من خسائر، وحافظ على ما بقي من اليد العاملة التي هاجر قسم كبير منها، وهذا الأمر في حد ذاته كان عائقا أمام تطور الصناعة”. ويضيف أن هذا الواقع “أدى إلى انخفاض صادراتنا بين 20 و30 في المئة، حيث يرفض الزبائن أن تشحن البضائع عبر الجو لأن ذلك يزيد الكلفة عليهم، ونحن عموما نلجأ للشحن الجوي كبديل من البري، لأن شركات الشحن البري غير مسؤولة عن البضائع المشحونة”.
وبالرغم من ايجابية عودة الحركة الانتاجية، إلا أنّ ذلك “يشكّل عبئاً كبيراً على بعض الصناعيين الذين يحتاجون لتفعيل أعمالهم إلى رأسمال غير متوفر لديهم، إذ أن توفره مع آخرين سيساعدهم على عقد صفقات مع زبائن في الخارج تؤمن لهم تصريف بضائعهم”. وفق ما يقوله لـ”المدن” منتج الألبسة، هشام صباغ، الذي يشير الى ان “المشاركة في المعارض، وخصوصاً الخارجية منها، هي الأهم، لأن البيع فيها يكون بالدولار، ومع هبوط قيمة العملة السورية تبقى البضاعة السورية أرخص من غيرها. ولكن ما نواجهه عند مشاركتنا في المعارض الخارجية، هوعدم تمكننا من تنفيذ التعاملات التجارية بالدين بالنظر إلى رأسمالنا الصغير، وهذا يجعلنا غير قادرين على الاستمرار وتلبية طلبات التجار”. أما على صعيد المعارض التي تقام في الداخل السوري، “فهي تفتح أمامنا أسواقاً لتصريف البضائع في محافظات يعدّ وضعها أفضل من دمشق في الوقت الحالي، مثل محافظات اللاذقية، طرطوس، السويداء، وذلك بسبب اعتبارها محافظات آمنة أكثر من غيرها، والكثافة السكانية فيها كبيرة نتيجة النزوح إليها”.
يتفق جهاد زيات، وهو منتج لألبسة أطفال، مع الرأي القائل إن “التصدير هو الأكثر فائدة للمنتج، لأن المنتَج يباع في السوق الداخلية بسعر الكلفة ومن الصعب رفع سعره، مع الأخذ في الاعتبار وجود صعوبات في التصدير منها إغلاق المعابر الحدودية (معبر نصيب الحدودي الذي كان شريانا رئيسيا للتصدير)، واستغراق وصول البضائع إلى التجار وقتاً إضافياً قد يمتد لـ4 أو 5 أشهر، ما قد يجعل المستورد يرفضها”.
من جهته، يرى أمين سر غرفة صناعة دمشق فراس الجاجة، في حديث لـ”المدن”، أنّه “لا يمكن المقارنة بين الفائدة التي تعود على التاجر من السوق الداخلية وتلك العائدة إليه من السوق الخارجية، فلكل منها وضعه الخاص، بمعنى أن السوق الخارجية تدخل الدولار إلى البلد ما يحسن الاقتصاد، وإقامة المعارض في الداخل من شأنها أن تعيد التواصل بين المنتج الذي يتوجه نحو السوق الداخلية والزبون، بالنظر إلى تغيّر خريطة الأسواق المهمة، إذ غدت أسواق حمص وحماه ودرعا الجنوبية أسواقاً ناشطة على عكس ما كانت عليه حالها ماضياً”.