كتب أحمد الزين في صحيفة “السفير”:
إذا كانت استقالة الوزير أشرف ريفي قد أصبحت نافذة حكماً وتعويمها مستحيلا قانوناً، فإن تعيين وزير أصيل لوزارة العدل مستحيل أيضاً قانوناً، وبالتالي فإن مهام الوزير ستكون في عهدة الوزيرة اليس شبطيني بالوكالة عملاً بالمرسوم الرقم 11260 تاريخ التاسع من نيسان 2014 الذي حدد من يمارس اعمال الوزارة “عند غياب الوزير الأصيل لأي سبب كان”.
لماذا يستحيل تعيين وزير أصيل بدل ريفي قبل انتخاب رئيس الجمهورية؟
يمارس مجلس الوزراء اليوم صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة لتعذر انتخاب رئيس جديد بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، ليل 24 ـ 25 أيار 2014، وذلك عملاً بالمادة 62 من الدستور. من الملاحظ أن هذه المادة جاءت مطلقة بنصها لجهة إناطة صلاحيات الرئيس وكالة بمجلس الوزراء في حال خلو سدة الرئاسة.
هناك صلاحيات لرئيس الجمهورية خاصة بشخصه وبالتالي تكون محكومة بتقديره الشخصي ولنقل “مزاجيته” إذا صح التعبير، وهي بالتالي لا توكل لأحد وهي تتجاوز أحكام المادة 62 كما في منح العفو الخاص أو قبول اعتماد السفراء أو منح الأوسمة وتعيين الوزراء الذي يتم بموجب المادة 53 ـ دستور “بالاتفاق بينه وبين رئيس مجلس الوزراء”، وفي هذه الصلاحية ما يكفي للحؤول دون تعيين وزير أصيل لملء شغور الوزارة الناتج من استقالة ريفي. فالتوافق لا يكون إلا بين طرفين، فإذا كان تعيين الوزير يتطلب صدور مرسوم يوقع من قبل رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، فهل يمكن لرئيس مجلس الوزراء ان يوقع مرسوم تعيين الوزير بصفته رئيساً لمجلس الوزراء وبوكالته عن رئيس الجمهورية وفق ما تشير إليه المادة 62 ـ دستور؟
ولكن إذا كان تعيين وزير جديد يستحيل قانوناً ويشكل اعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية الأساسية ويعتبر تجاوزاً للدستور، هل يمكن تعديل المرسوم الرقم 11260 المتعلق بتعيين وزراء بالوكالة عند غياب الوزراء الأصيلين؟
من حيث المبدأ لا يجوز ذلك، باعتبار ان توكيل وزير بصلاحيات وزير آخر عند غيابه صدر بمرسوم موقع من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وهو يلامس تشكيل حكومة جديدة بالنسبة لتوزيع الحقائب ويقترب من ذلك أكثر فأكثر كلما اضطر وزراء للتغيب.
ومن المعروف ان الوزارة خاضعة في تشكيلها للمادة 95 ـ دستور بنصها على ان “تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة”. وبالتالي فإن الوزير يكمل تظهير عدالة التشكيل، ويكون في الإطار نفسه ممثلاً لحزب أو كتلة سياسية تكتمل به التوازنات السياسية التي كانت في صلب تشكيل الحكومة.
من خلال هذه المعطيات التي ترتبط بمفهوم الصيغة اللبنانية والعيش المشترك كما النظام البرلماني الديموقراطي، يتبين ان إمكانية تعديل مرسوم التوكيل متاحة لجهة إناطة ممارسة الوكالة في أعمال الوزارة التي استقال من كانت في عهدته، بتسمية وزير من الوزراء المستمرين في الوزارة، على ان يكون ممثلاً لمذهب الوزير المستقيل وما يمثل سياسيا عند تشكيل الوزارة.