لمياء نبيل
في خضم مواجهتها المشتعلة مع مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي حول فك تشفير هاتف محمول من منتجاتها، استثمرت شركة «آبل»، التي تعد إحدى أكبر الشركات الأميركية من حيث القيمة السوقية، المواجهة لتسويق صورتها كشركة تحافظ على سرية بيانات عملائها، إلى جانب صعوبة فك تشفيرها، وهو ما يصب في مصلحتها لرفع الأرباح.
وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي طلب من «آبل» التعاون من أجل اقتحام بيانات هاتف محمول يخص مطلق النار في هجمات سان برناردينو في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بولاية كاليفورنيا الأميركية، وذلك خشية إجراء محاولات اختراق عشوائية قد تسفر عن محو كل البيانات وفقدانها.
ورفضت «آبل» التدخل، خصوصا بعد شهادة جيمس كلابر مدير الاستخبارات الوطنية أن مستقبل أجهزة الاستخبارات، سيستخدم إنترنت الهواتف الذكية لتحديد ومراقبة ورصد وتتبع المواقع. وقال تيم كوك، المدير التنفيذي لـ«آبل» إن «إف بي آي» طالبت بـ«فتح باب خلفي» يمكنها من اختراق الجهاز، وإن خطوة مثل تلك ستمثل «سابقة خطيرة» من شأنها تعريض أمن مليارات من عملاء الشركة للخطر.
واستفادت «آبل» من الضجة في شكل دعاية لمنتجاتها، حيث رسخت تلك المواجهة فكرة أن «آيفون» عسير على الاختراق، حتى على جهاز مختص ومحنك مثل «إف بي آي»، معززة ثقة المستهلكين في أجهزتها بشكل كبير.
وتقدر تكلفة فك شفرة الهاتف المحمول بنحو مائة ألف دولار في حال قامت به «آبل» بنفسها، وهي تكلفة العمالة الإضافية التي ستدفعها لخبرائها. أما في حالة رفضها وترك الأمر إلى «إف بي آي» للاستعانة بقراصنة محترفين آخرين، فستتكلف الشركة ما يقرب من 50 مليون دولار من أجل وضع برامج تشفير جديدة بدلا من تلك التي جرى اختراقها.. وإلا فإنها ستعرض لفقدان سمعتها وثقة المستهلكين.
ووفقا لإحصائيات مكتب العمل الأميركي، فإن متوسط راتب كبير مهندسي البرمجيات في «آبل» يبلغ 147 ألف دولار سنويا، في حين متوسط راتب مدير مشروعات في «آبل» 108 آلاف دولار سنويا، ومتوسط راتب مهندس جودة البرمجيات 102.8 ألف دولار سنويًا.
وسعت «آبل» خلال الأيام الماضية لإقحام الرأي العام بقوة في القضية، عبر إعلانها شعارات «حرية التعبير أولا» و«لا تضرني»، من أجل الحفاظ على خصوصية المستهلكين والملكية الفكرية من مخاطر الاختراق الأمني. وهو ما وجد تفاعلا كبيرا من الرأي العام، ما يدعم بقوة موقف الشركة ويمثل ركيزة كبرى للدفاع عن موقفها في مقابل موقف «إف بي آي». ووصل الأمر إلى تنظيم وقفات تأييد للشركة أمام مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي في العاصمة الأميركية واشنطن، بينما ينتظر أن يدلي مسؤولون من كلا الطرفين بشهادتهما أمام الكونغرس يوم الثلاثاء المقبل من أجل حسم القضية.
وانقسمت شركات التقنية الكبرى وأبرز رجال الأعمال في هذا المجال بين من أعلن موقفه المؤيد لـ«آبل»، على غرار «غوغل» و«فيسبوك» و«تويتر». بينما دعا بيل غيتس، مؤسس «مايكروسوفت»، على الجانب الآخر «ابل» للانصياع لطلب «إف بي آي»، كونها «حالة خاصة» تتعلق بالإرهاب.
وشهد سهم «آبل» ارتفاعا ملحوظا خلال الأسابيع القليلة الماضية، إذ أنهى تداولات الأسبوع الماضي بارتفاع بنحو 0.16 في المائة، ليبلغ السهم 96.9 دولار. إلا أن مبيعات آيفون، الذي يعد «المنتج الفاخر» في شريحة الهواتف المحمولة، هبطت للمرة الأولى، على الرغم من نمو سوق الهواتف الذكية حول العالم، ليبلغ أبطأ معدل في ثماني سنوات. إذ انخفضت المبيعات في الربع الرابع من العام الماضي بنحو 4.4 في المائة على أساس سنوي، كما انخفضت مبيعات منافسه الأبرز «سامسونغ» بنحو 2.2 في الفترة نفسها على أساس سنوي، ولكن انخفاض العملاق الكوري لم يزعزع مكانته كمزود الهاتف الذكي «الأكثر شعبية» في العالم.
وشحنت «سامسونغ» ما يقرب من 320 مليون وحدة في جميع أنحاء العالم في 2015، مقارنة 225 وحدة من «ابل» في الفترة نفسها. ما أسفر عن انخفاض حصة «سامسونغ» السوقية من الهواتف الذكية بنحو 15.9، في حين انخفضت حصة «آبل» السوقية بنحو 17.7 في المائة.
وقالت «آبل» في بيان لها في منتصف الشهر الحالي إنها تتوقع انخفاض مبيعات هاتفها «آيفون» للمرة الأولى منذ إطلاقه الأول في 2007 وحتى النصف الثاني من 2016، في حين رجحت المؤشرات تراجع مبيعات الهواتف الذكية كنتيجة لضعف العملات المحلية أمام الدولار ومخاوف تباطؤ الاقتصاد العالمي وخصوصا في الصين.
وجرى شحن ما يقرب من 1.4 مليار وحدة من الهواتف الذكية والتابلت خلال العام الماضي، بزيادة قدرها 9.4 في المائة مقارنة بالعام الأسبق، وهو ما يعد المعدل الأسوأ في نمو هذا القطاع منذ عام 2008.
وقالت شركة «آبل» قبل نحو أسبوع إنها تعتزم طرح سندات دولارية للبيع، بهدف إعادة جزء من مكاسبها إلى المساهمين في صورة عائدات مالية. وتعتزم الشركة تقديم عائد على سنداتها التي يبلغ مداها 30 عاما، قدره 2.15 في المائة فوق سعر الفائدة على الفئة نفسها من سندات الخزانة الأميركية، وهذا العائد يزيد بمقدار 0.15 في المائة عن متوسط سعر العائد على السندات التجارية المماثلة، وفقا لمؤشر بنك أوف أميركا ميريل لينش.
من جانب آخر، احتلت ساعة «آبل ووتش» الذكية مركز الصدارة في سوق الساعات الذكية في العالم خلال عام 2015، حيث استحوذت على ثلثي جميع المبيعات، وفقا لبحث مؤسسة كانليس للأبحاث التسويق الصادر أول فبراير (شباط) الحالي. وباعت «آبل» ما يقرب من 12 مليون قطعة من هذه الأجهزة القابلة للارتداء، وبلغت مبيعات «آبل» خلال فترة العطلات حتى ديسمبر 2015 أكثر من 5 ملايين قطعة.
وتجاوزت شركة «ألفابت» الشركة الأم لـ«غوغل»، القيمة السوقية لشركة «آبل» الشهر الحالي، لتصبح ألفابت الشركة الأعلى قيمة في العالم بنسبة نحو 8 في المائة، حيث وصلت قيمتها السوقية إلى 570 مليار دولار، مقابل 533 مليار دولار لـ«آبل».