Site icon IMLebanon

لبنان يعيش دورة الركود الإقتصادي

LebanEcon2
عصام شلهوب

حجم المشاكل السياسية التي تعيشها الساحة المحلية، والسخونة التي تتسم بها،بالاضافة الى المواقف الخارجية تجاه لبنان، وصعوبة الأوضاع الإقليمية، واستمرار تعطيل عمل المؤسسات الدستورية، أدّت جميعها إلى تشكيل عامل ضغط سلبي على الاقتصاد الذي دخل مرحلة عدم اليقين في ظل غياب أي أفق للحلول السياسية المحلية والإقليمية على حد سواء.
فالسياحة خسرت روّادها العرب، لا سيما الخليجيين منهم، والأسواق التجارية افتقدتهم أيضاً، والقطاع العقاري دخل مرحلة الركود مع غياب المستثمرين الخليجيين وإحجام المغتربين اللبنانيين عن الشراء بفعل الغموض السياسي في البلد. الاستثمارات الخارجية شحّت أوانعدمت، ويتلقى سياسياً وأمنياً واجتماعياً تبعات الأزمة الإقليمية، وهو أمر طبيعي في بلد يشهد هذا الكم من عدم الاستقرار سياسي، وأن أزمة النزوح السوري إلى لبنان خير دليل على حجم وعمق الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي واجهها لبنان في العام2015 وهي متواصلة الى تاريخ غير محدد حتى الان.
بولدوقيان
نائب حاكم مصرف لبنان سابقاً الدكتور مكرديش بولدوقيان اعتبر في لقاء مع «اللواء» ان الدورات الاقتصادية لها تأثير مباشر على الاقتصاد المحلي، فهو يشهد ركوداً في بعض الاحيان ونمواً في احايين أخرى.
وقال: لم تحمل سنة 2015 تطوراً اقتصادياً ونمواً مالياً كما كان متوقعاً، لكن من المستحيل ان تكون سنة 2016 كما كانت سنة 2015 بالنسبة لعدد من القطاعات الاقتصادية.
فالقطاع المصرفي هو الركيزة الاساسية للدولة والاقتصاد الوطني والعمود الفقري لكيان لبنان. وجذوره تعود الى ايام المتصرفية. وهذا النظام لم يبدأ منذ سنوات كما هي الحال في الدول المجاورة.
لقد لعبت المصارف دوراً صلباً ايام الحرب الداخلية، ولم يفلسف في تلك الفترة اي مصرف. معنى ذلك ان جذور هذا القطاع ساعدته على الاستمرار في اسوأ الايام وتساعده في الايام المقبلة. وهو يتمتع بأفضل الأنظمة الموجودة. خصوصاً وان القطاع مملوك من قبل عائلات تسعى الى المحافظة على ما تملك بكل الوسائل القانونية، وتحافظ على اموال المودعين والمساهمين.
واكد بولدوقيان ان هذا القطاع لن يهتز. وكان لدور المصارف اقتصادياً تأثير بارز فالقروض المصرفية شملت الدولة والقطاع الخاص والافراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وفي بعض الأحيان ساعد الاقتصادات المجاورة. ولا ننسى استفادة القطاع العقاري من التسهيلات المصرفية على مختلف المستويات.
وعن قطاع الانتاج؟ وكيف ينظر اليه؟
اجاب بولدوقيان: يعيش قطاع الانتاج مشاكل متعددة وهو يسعى عبر وسائل عديدة لتسهيل عملية تصدير الانتاج.
وتعمل المؤسسات المعنية مثل «ايدال» او غيرها ايجاد الحلول العملية التي تساعد قطاعات الانتاج الصناعية والزراعية على تصدير منتجاتها الى الاسواق العربية التقليدية والى اسواق جديدة في اوروبا وافريقيا ودول اميركا الشمالية والجنوبية.
ولا بد من الاشارة الى ان العالم يشهد دائماً دورات اقتصادية متنوعة فهناك دورات متميزة، ودورات أخرى سيئة لاسباب عديدة. ومن الطبيعي ان تشهد ركوداً في بعض الاحيان ونمواً في احيان أخرى. وهذه الامور طبيعية يعيشها العالم وليس لبنان فقط.
نعيش اليوم في لبنان دورة الركود الاقتصادي التي تحتاج فقط لكي تعاود نتائجها الى عوامل استقرار سياسي وثقة عالمية.
اما بالنسبة لدور الدولة فقال: للدولة واجب كبير ضمن هذه المعادلة، الوضع لا يقتصر على عمل المصارف، بل على الدولة واجب السعي الى ادارة جيدة. وذلك لا يتم الا عبر انتخاب رئيس للجمهورية الذي يؤمن انتظام عمل المؤسسات الدستورية الأخرى كعودة تفعيل العمل الحكومي وعودة المجلس النيابي الى لعب دوره التشريعي.
ولكنه عبر عن نظرة تفاؤلية حين اكد انه يملك نظرة واقعية ويعتقد ان النمو الاقتصادي مثلاً يمكن ان يشهد تحسناً خصوصاً وانه لا يمكن ان ينخفض الى ادنى مما هوعليه اليوم اي الى ما دون 1 او1،5%.
واضاف: لا يمكن الاستمرار على ما نحن عليه لفترة طويلة والا سنعيش حالة استمرارية الركود لذلك فأنا متفائل بانتخاب رئيس جمهورية في فترة قريبة وعودة الامور الى طبيعتها.
ولا ننسى ايضاً قطاع الغاز والبترول الذي اذا ما احسن التعامل معه يؤمن للبنان مستقبلاً جيداً. ونأمل الا يدخل في البازار السياسي وتقاسم الحصص، والصفقات السياسية.
وشدد على ان هذا القطاع يجب ان تحكمه الشفافية المطلقة خصوصاً واننا سنعتمد عليه لتخفيف الدين العام. واستمرار الدين يخفف النمو الاقتصادي كما يقول بول فوكر الرئيس السابق للمؤسسة الفيدرالية الاميركية.
وتابع بولدوقيان:ان انخفاض النمو الاقتصادي في لبنان يعود الى الدين العام الذي يعتبر من الاسباب الرئيسة لهذا الانخفاض. ولا ننسى موضوع العجز المالي الذي تؤكد مؤشراته انه يتجه الى مزيد من الانخفاض. ومن الملاحظ ايضاً انخفاض حجم الاستيراد من الخارج واسباب ذلك تعود الى انخفاض الطلب العام على الاستهلاك، وانخفاض النمو الاقتصادي في لبنان له اسبابه الاقليمية ايضاً فجميع البلدان المحيطة بنا تعيش حالة من الاضطراب السياسي والحروب الامنية التي لم تعيشها منذ مئات السنين.
بالاضافة الى انخفاض سعر البترول الذي اثر بشكل مباشر على اوضاع الدول المنتجة. فقد اثرت هذه المعطيات على عمليات النمو في تلك الدول. ولبنان يتأثر حكماً بما يجري حوله نظراً لارتباط اقتصاده باقتصاد تلك الدول من نواح عديدة. بالاضافة الى مشاكل دول العالم، كوجود دول تعاني من الافلاس، وانعدام السيولة لدى البعض الآخر، وحرب العملات الاجنبية والركود اقتصادي طال غالبية الدول الاوروبية. انها اسباب مجتمعة تؤثر بشكل أو بآخر على واقعنا الاقتصادي.
ولا بد من الاشارة الى ان النزوح السوري الضخم جداً الذي حل بلبنان له تأثير سلبي على الواقع الاقتصادي والحياتي والاجتماعي والأمني وتداعياته كبيرة جداً. نأمل بإيجاد حلول سريعة له.
وحدد نقاط نظرته التفاؤلية مؤكدا على نقطة هامة وهي «الدورات الاقتصادية». مشيرا الى اننا اليوم نعيش حالة الركود المرتبطة بالاسباب التي ذكرتها. لكن دورة الانتعاش آتية لا محالة عندما نحقق فقط الاستقرار السياسي وتعود الدولة الى وضعها الطبيعي، وهذا امر مهم جداً على الجميع الانتباه اليه. بالاضافة الى اننا نتمتع بوضع امني ممسوك من المسؤولين وهناك ايضاً جانب مهم وهو الوفر الذي حققه تراجع اسعار المشتقات النفطية للمجتمع اللبناني، مما ساعد القوة الشرائية للمواطن والدولة على الانتعاش.
ومن الايجابيات ايضاً الارباح التي تحققها عدة قطاعات اقتصادية كالمصارف وشركات التأمين وشركة الطيران المحلية.
ومن الملاحظ ان حركة المسافرين هي دليل على الحيوية داخل المجتمع اللبناني خصوصاً وانه قد سجلت حركة المطار دخول وخروج 6،6 مليون مسافر عام 2015، مقابل 3،6 ملايين عام 2008.
وفي النهاية ان تمرير القوانين المالية من قبل المجلس النيابي ساعد بإحراز اليوروبوندز التي كانت تستحق عام 2015. وقد سجلت «يوروموني» مؤسسة التصنيف الدولية تحسنا باسم لبنان.
وهذه النقاط هي مصدر التفاؤل الذي اراه خلال هذه السنة على الرغم من البراكين المتفجرة المحيطة بلبنان وبالمختصر الوضع الاقتصادي اليوم مستقر لكنه يتجه نحو الأحسن.