حمل الوفد النيابي، العائد من الولايات المتحدة، رسائل تطمينات من المسؤولين الأميركيين، بشأن القطاع المصرفي اللبناني والحفاظ عليه بعد اقرار الكونغرس القانون منتصف كانون الأول الماضي، حيث لمس تشددا منهم بالفصل بين القطاع المصرفي الذي تجري فيه الأموال بحركة طبيعية، وبين تلك المؤسسات المالية، التي تقوم بمعاملات مع «حزب الله» أو تبييض أموال لفائدته أو لدعم عمليات ارهابية.
وكان الوفد الذي قام بجولة خلال الأسبوع الماضي، على مجموعة من المسؤولين في الادارة الأميركية، قد بدأ بالتقاطر الى بيروت، بعدما خاض محادثات تتعلق باوضاع القطاع المصرفي ومسألة النازحين السوريين، بالإضافة الى دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية.
وقد تقرر تشكيل هذا الوفد بدعم من الرئيس نبيه بري وذلك بهدف تلميع صورة لبنان بعد سلسلة القرارات التي اتخذت والتي من شأنها ان تفرض المزيد من الضغوط على القطاع المصرفي اللبناني. وبناء عليه، فان وزير المالية علي حسن خليل سيتوجه بدوره إلى واشنطن في التاسع عشر من الشهر الجاري على ان تليه زيارة لوفد جمعية مصارف لبنان في التاسع عشر من نيسان المقبل.
النائب محمد قباني الذي كان في عداد الوفد، قال لـ»المستقبل» بعيد وصوله الى بيروت «ذهبنا الى واشنطن، بوعي واندفاع شاملين، رغم ادراكنا سلفا عدم قدرتنا على تغيير اي حرف في القانون الذي اصدره الكونغرس في كانون الاول الماضي والذي نال اجماعاً«.
أضاف ان محادثات الوفد النيابي الى الولايات المتحدة، شملت ثلاثة أهداف هي:
-القطاع المصرفي اللبناني.
-الجيش اللبناني والارهاب.
-الوضع الداخلي في لبنان وثقل النزوح السوري الى لبنان.
وأوضح انه «في الموضوع المصرفي، أكدنا أننا لم نأتِ الى الولايات المتحدة للدفاع عن أحد أو عن فريق معين، بل للدفاع عن القطاع المصرفي الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد اللبناني، وابقائه صامدا كي يبقى قادرا على تأمين مستلزمات الصمود. والتقينا لهذه الغاية نائب وزير الخزانة الأميركي المسؤول عن ملف العقوبات دانيال غلايزر، المهتم بالموضوع، وهو المرجع في هذا الصدد. وأكد لنا خلال المحادثات أن واشنطن مهتمة بالقطاع المصرفي والنأي به عن أي أضرار من الممكن أن تلحق به من جراء القانون الأميركي«. ولفت قباني الى ان غلايزر اشاد بالمصرف المركزي وبعدد من المسؤولين الماليين في لبنان وفي طليعتهم الحاكم رياض سلامه، وأكد ثقة المسؤولين الأميركيين بالمصارف اللبنانية وعملها الدؤوب للفصل بين الأموال ذات الحركة الطبيعية، وتلك التي تعود الى تبييض وتمويل عمليات الارهاب. طبعاً هم اعطوا تطمينات مؤكدة، بعدم الإضرار بهذا القطاع، وانهم لا يريدون أن يخلقوا ذعراً في الاوساط المالية«.
أما في ما يتعلق بالجيش اللبناني، فقد أكد المسؤولون الأميركيون، بحسب قباني، أنهم على اطلاع بما يقوم به الجيش من الدفاع عن الحدود الشمالية والشرقية لمواجهة «داعش« وبقية التنظيمات الارهابية، وبالتالي أكدوا حرصهم على دعم الجيش إن بالعتاد او بقطع الغيار أو السلاح.
ورغم عدم اثارة الوفد النيابي لمسألة الهبة السعودية الى الجيش والقوى الامنية، الا ان هذا الموضوع تطرق اليه المسؤولون الأميركيون، حيث سمع الوفد تأكيدا اميركيا من ان واشنطن ستسعى لدى القيادة السعودية من اجل ايجاد حلٍ للموضوع، ولاعادة النظر في الهبة.
وقال قباني: «ان الوفد طالب بالمساعدة الأميركية للجيش وقوى الأمن الداخلي وسائر القوى الامنية التي تتصدى للارهاب، وقلنا إن القوى الامنية في الداخل تقوم بجهد جبار للحؤول دون تغلغل ظاهرة الارهاب، ونوهنا بما قامت به إن على صعيد كشف الشبكات الارهابية أو في سرعتها بالامساك بالمجرمين ولا سيما عقب التفجير الارهابي الذي طال منطقة برج البراجنة«.
اما في مسألة الوضع الداخلي والنزوح السوري الى لبنان، فقال قباني ان الوفد ابلغ المسؤولين الاميركيين الذين التقاهم، ان لبنان يؤوي 1.5 مليون نازح سوري، يشاركون اللبنانيين حياتهم اليومية، في مختلف جوانبها. و«قلنا لهم: تخيلوا لو ان لديكم 120 مليون نازح من المكسيك، فكيف ستكون الأوضاع لديكم؟، بالطبع ستحصل كارثة«. اضاف «بعد مداخلات الوفد سألنا الاميركيون عمّا نريده في هذا الصدد، أكدنا أننا أولاً نريد مساهمة مالية للتخفيف من عبء النزوح السوري، وطلبنا أيضاً ايجاد حل للمشكلة السورية، لا سيما في المفاوضات بينهم وبين الروس، وان أي حل سياسي في سوريا، من شأنه أن يخفف عن لبنان مسألة النازحين، الذين سيعودون تلقائياً الى سوريا، وهذا أهم ما يمكن ان تقوم به الادارة الأميركية«.
وأشار قباني بنوع من الارتياح، الى سياق محادثات الوفد «التي حضرها كل من مساعدة وزير الخارجية الأميركي جان كيري، آن ريتشارد، والمسؤول السياسي عن ملف الشرق الأوسط لورنس سيلفرمان، الذي يشارك في المفاوضات حول سوريا مع الجانب الروسي. وقال سيلفرمان ان الوقت الان لانهاء العداوات القائمة لتثبيت موضوع وقف النار، الذي كان يجب أن يبدأ السبت (أول من أمس)، مشيراً الى ان الوزير كيري يقوم بجهد كبير، لايجاد حل في موضوع الازمة السورية، واكد سيلفرمان امكان زيارته لبنان«.
الى ذلك، أوضح قباني «أن الوفد اجتمع مع ادارة البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط في واشنطن، مرتين، وقد استغرب المسؤولون هناك، عدم قدرة الحكومة اللبنانية على حل أزمتي النفايات والكهرباء، ولاسيما الأخيرة التي تكبد لبنان نحو ملياري دولار سنوياً. واجاب الوفد: ماذا نفعل في ظل الشلل الذي تشهده الدولة.. وبالتالي طلبنا منهم العمل معنا على مختلف القطاعات، ولا سيما تلك التي تتطلب دعماً مالياً، لأن البنك الدولي جهة دولية ليس عليه شُبهةُ الفساد، وأن الاتهامات التي سيقت ضده هي محض اتهامات يسارية، وشكرنا البنك الدولي على دعمه لانشاء سد بسري، واعربنا عن املنا في دعمه موضوع الاوتوستراد الدائري حول بيروت، وفي موضوع النقل العام، لتخفيف الازدحام الذي تشهده العاصمة، ومع أي حل لانجاز هذا الأمر«.
واكد قباني أن زيارة الوفد النيابي الى الولايات المتحدة كانت ناجحة، خصوصاً وأن الحفل الذي أقامته السفارة الاميركية في واشنطن، على شرف الوفد أتاح اللقاء مع النواب الاميركيين من اصل لبناني، ولا سيما دافيد عيسى، ونيك رحال ودارين لحود. و»كان طلب لمساعدة الدولة اللبنانية في توجيهها في الملفات التي تهم لبنان والتي يحتاج الى دعم فيها».
واشار قباني الى امكان تشكيل نواة نيابية لاستكمال المواضيع التي طرحها الوفد الأميركي، لكن «هذا لن يكون قبل عودة كامل أعضاء الوفد من واشنطن، والاجتماع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي سيعطي رؤيته بعد أن يستمع الى ما قام به الوفد والمحادثات التي أجراها«.