Site icon IMLebanon

البلديات مديونة للخزينة العامة لا لـ”سوكلين”!


حنان حمدان

على مدى أعوام، بقيت آلية دفع مستحقات شركة “سوكلين” مبهمة، وفجأة جاء القرار بأن على البلديات تسديد قسم من هذه المستحقات التي تراكمت على شكل ديون طوال مدّة العقد، من دون أن تحدد قيمة هذه الديون ولا حتى الآلية التي اعتمدت لتسديدها ماضياً، ومن دون أن تدرك البلديات تفاصيل هذا الموضوع. فما هي حقيقة ديون “سوكلين”، وما هي قضية الـ 33 مليون دولار التي حولّها “مجلس الإنماء والإعمار” مؤخراً الى الشركة؟
لقد إختلفت سيناريوهات دفع مستحقات “سوكلين”، بين من يقول إن للشركة أموالاً لم تقبضها بعد وستقتطع من مستحقات البلديات من “الصندوق البلدي المستقل” وعائدات الخلوي التي توزع حالياً، وبين من يقول إن الشركة قد حصلت على كامل مستحقاتها، وما ستدفعه البلديات سيذهب الى الخزينة العامة على اعتبار أن جزءا من أموال “سوكلين” كانت تدفع من الخزينة العامة طوال الفترة السابقة، أما الجزء الثاني فكان يقتطع تلقائياً من أموال البلديات في الصندوق البلدي المستقل لدى وزارة المال.
السيناريو الأول، بدء الترويج له منذ صدور مرسوم توزيع مستحقات البلديات من الصندوق البلدي المستقل ومن عائدات الخلوي نهاية العام الماضي، على أساس أن النسبة التي سيتم إقتطاعها من مستحقات بلديات جبل لبنان وبيروت هي لسداد أموال “سوكلين”. وهذا ما أكدته معظم البلديات التي تواصلت معها “المدن” خلال هذه الفترة.
أما السيناريو الثاني، فيؤكده وزير الداخلية السابق مروان شربل، إذ يقول لـ”المدن” إن “البلديات اليوم مديونة للخزينة العامة بمبالغ تفوق المليار دولار”، إذ كانت الدولة “تسدد مستحقات سوكلين باقتطاع نسبة 40 في المئة من الصندوق البلدي المستقل، و60 في المئة من الخزينة العامة”. وبالتالي فإن الأموال التي ستقتطع من مستحقات البلديات ستكون وجهتها الخزينة العامة.
غير أن أوساط “سوكلين” أوضحت لـ”المدن” أن “الأموال المستحقة لها، هي عن الفترة التي أعقبت إقفال مطمر الناعمة والعقود الجديدة التي أبرمت معها، على اعتبار أن الديون التي بدأت تتراكم لصالح الشركة هي عن عقود الكنس والجمع التي أبرمت معها في تاريخ 9 أيلول الفائت ولفترة 18 شهراً، ولم تتقاضَ الشركة أية أموال لقاء ذلك بعد”. ليؤكد هذا الرد ما قاله شربل بأن البلديات مديونة للخزينة العامة وليس لـ”سوكلين”، وبأن الأخيرة قد حصلت كامل مستحقاتها قبل أيلول الفائت.
وجهة نظر الوزير السابق شربل نحاس في شأن آلية صرف الأموال لـ”سوكلين” مختلفة قليلاً، إذ يقول لـ”المدن” إنّ “جميع الأموال التي حصّلتها الشركة بموجب أوامر دفع، وفقاً لمراسيم وزارية، هي مدفوعات غير نظامية”، إذ “كانت تُدفع في كل مرة من خزينة الدولة من دون إقفال المعاملة نهائياً ليعاد دفع مستحقات الشركة في المرات الأخرى”. ويؤكد على أن “الأموال لم تكن تقتطع من الصندوق البلدي المستقل، على اعتبار أن البلديات ليست طرفاً موقعاً على عقود النفايات، ولا يمكن لوزارة المال إقتطاع أموال من حساباتها من دون موافقة البلديات على ذلك”، ما يعني أن الحكومة، كما في كل مرة تحتاج فيها الى مخرج ما، كانت تلجأ إلى آليات غير واضحة ومبهمة وشاذة عن القواعد المعروفة أصلاً، ما اعتبره نحاس أمراً لا يمكن تصوره إلا في بلد “العجائب” لبنان. ويشير نحاس الى أن “سوكلين قد تقاضت مستحقاتها كاملة، ولم يكن ينقص سوى نسبة الـ 4 في المئة التي كانت قد حسمت سابقاً، ولكن تم صرفها لها مؤخراً”.
مجلس الإنماء والإعمار حول مبلغ 33 مليون دولار إلى شركة “سوكلين”، وهي عبارة عن نسبة الـ 4 في المئة من مستحقات الشركة، والتي كانت الأخيرة قد وافقت على حسمها في العام 2010 مقابل تمديد الحكومة للعقد الموقع معها، وفق ما توصلت إليه اللجنة الوزارية التي تشكلت آنذاك برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري. هذه الأموال كانت لا تزال محجوزة، إلى حين حصل مجلس الإنماء والإعمار في 19 كانون الثاني الفائت، على موافقة هيئة الإستشارات والقضايا في وزارة العدل على الإفراج عنها، ما اعتبره وزير الداخلية والبلديات السابق زياد بارود، “مخالفاً للقانون”، إذ إن “الحسم كانت قد أقرته الحكومة آنذاك، وقد كان شرطاً أساسياً للتمديد لسوكلين”، وبالتالي فإن إبطال هذا القرار “يتطلب إتخاذ قرار بصرف الأموال في الحكومة أيضاً”، وفق ما ينص عليه القانون الإداري العام بضرورة موازاة الأشكال والصيغ عند العودة عن أي قرار سابق.
في المحصلة، فتحت أزمة النفايات اليوم، الباب واسعاً أمام جملة من الثغرات التي شابت العقود المبرمة مع شركة “سوكلين”، لاسيما لناحية مستحقات الشركة والتي تقدر بـ 150 مليون دولار سنوياً، والتي كلفت خزينة الدولة أموالاً طائلة دفعت من جيوب اللبنانيين طوال مدة العقود. فيما لا تزال النفايات تراوح مكانها بعد مرور ثمانية أشهر على عمر الأزمة، ولا يزال البحث عن حلول مقبولة مستمراً!