Site icon IMLebanon

“البنيان” البرتقالي يثبت “مشروعية” باسيل

 

 

 

كتبت غراسيا بيطار الرستم في صحيفة “السفير”:

اكتملت «عدّة الشغل» البرتقالية لدخول المعترك الحزبي والوطني من بابه المؤسسي الواسع. أصبح لكل عوني صفة حزبية محددة.

«هيدا نحن»، يقول العونيون بعدما خاضوا انتخاباتهم ومعاركهم وصراعاتهم. وكما يشغل ميشال عون الناس والدنيا بترشحه لرئاسة الجمهورية، شغل البرتقاليون الجمهور باستحقاقاتهم التي أفرزت، برغم كل ما قيل ويُقال عنها، فريقاً واحداً يقول بأنه سيكون «عون على الأرض»، على أن تكون الانطلاقة الحقيقية للورشة في المؤتمر الوطني العام الذي ينظمه التيار في 12 و13 آذار الحالي.

بعد ليلة الاستحقاق الانتخابي الأخير، الأحد الفائت، والتي لم تخلُ من دموع فرح وحزن وردات فعل انفعالية، استراحت الجبهات وأعطيت الكلمة للقراءات. ما يمكن تسجيله أولاً أن هذه العملية، اذا ما أضيفت الى كل ما سبقها من مراحل انتخابية قطعها العونيون، تساهم في «تثبيت الاعتراف» برئاسة جبران باسيل بعد موجة «صراع الأحلاف». فمجرد أن ترشحت أسماء معارضة وقبلت بميزان الربح والخسارة، فهذا يعني أنها معترفة بقواعد اللعبة كاملة وانتفت بالتالي، أو من المفترض، كل الخطابات التي كانت قائمة على معارضة أو موالاة.

ما ساهم أيضاً في إنجاح التجربة البرتقالية هو اعتمادها النظام النسبي الذي لم يُبْعد أحداً بل احتوى الجميع. فاذا كان البعض قد شعر بالغبن، أتت النسبية ومنحته حجمه الحقيقي من دون أن تلغي أحداً.

مع انتخابات المجلس السياسي منذ يومين والذي تقتضي مهمته الاولى رسم سياسة التيار الحر، يكون البنيان البرتقالي قد اكتمل. من القيادة الى المجلس السياسي والمجلس الوطني وصولاً الى الهيئات المركزية وهيئات الأقضية واللجان المتخصصة. أي أن القواعد الذهبية الثلاث المفترض ان تكون في أي تنظيم سياسي طموح باتت متوافرة في الشورى والاقتراح والتنفيذ.

ولا بد من الاشارة الى ان انتخابات المجلس السياسي تحديداً خلقت ديناميكية خاصة، حيث عمد كل مرشح الى زيارة الأقضية والتواصل مباشرة مع قاعدته الانتخابية. فبعض الوجوه التي قد يعرفها برتقاليون عبر شاشات التلفزة تكفل هذا التواصل المباشر بإيضاح الصورة عنها سلباً أو إيجاباً من دون التباسات.

ومن دون إغفال الخرق الذي حققه التيار على مستوى التجارب الحزبية في لبنان والمتعلق بالمناظرة التي أقامها بين المرشحين قبل يوم من الاستحقاق الأخير. خلال المناظرة أعطيت لكل مرشح دقيقة ونصف لكي يعرّف عن نفسه وأسباب ترشحه. وكان لافتاً اعلان بسام الهاشم انسحابه من المعركة الانتخابية «منعاً لمزيد من الضغوط على هيئات الأقضية». آخرون انسحبوا كذلك بعدما تبين لهم أن حظوظهم بالفوز ليست كبيرة لينحصر عدد المرشحين يوم الانتخاب بـ 15.

هذا المشهد الذي من المفترض أن يكتمل مع التعيينات الثلاثة التي على باسيل أن يجريها في المجلس السياسي قبل موعد المؤتمر العام، يصبّ في الهدف الذي وضعه رئيس التيار أمامه وعنوانه «التفعيل»، أي تفعيل كل مفاصل التيار من اللجان الى الهيئات والمتابعة الدائمة مع الجميع، وخصوصاً «استعادة بعض الجمهور الذي ابتعد عن التيار كسلاً أو حرداً أو اعتراضاً…». وهذا التحدي اختصره باسيل بالأرقام عندما أعلن أن هدفه الانتقال بعدد المحازبين من 17 ألفاً الى 50 ألفاً، ويبدو ان هذه العملية قد بدأت فعلياً في ظل عودة «معتكفين» الى المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المتتالية ترشحاً واقتراعاً.

ليس اكتشافاً القول إن فوز ميراي عون الهاشم بالمركز الأول (275) يمثل «تحية» من العونيين لقائدهم العماد ميشال عون. كما كان من المتوقع أيضاً فوز زياد النجار (229). البعض يعيد ذلك الى كونه محسوباً على جبران باسيل وآخرون يسجلون له بأنه «من الأنشط والأكثر حماسة للعمل الحزبي». أما المقاعد الأربعة المتبقية فهي التي ترافقت مع موجات حرق الأعصاب والتوتر الى ان صدرت النتيجة: نعمان مراد (185) كما ناجي الحايك (184) من رموز المرحلة النضالية البرتقالية ولو كان فرز «صراعات الأحلاف» لم يوفرهما. ليسجل الحضور الفعال لكل من جيمي جبور (206) في عكار ورندلى جبور (186) في البقاع الغربي والتي بفوزها باتت تُعَدّ عضو المكتب السياسي الأصغر بين النساء اللواتي تدرجن في مناصبهن الحزبية في لبنان (مواليد 1985).

الصورة البرتقالية، في المقابل، لم تكن صافية كلياً بعد النتائج. فبعض وجوه التيار الحر التي لم يحالفها الحظ في انتخابات المجلس السياسي كأنطوان نصر الله (130) وإيلي حنا (178) وزياد عبس (153) وغيرهم تقبّلوا النتيجة على مضض. في الواقع، الأجواء المحيطة بهؤلاء تقول إن «النضال سيستمر من الداخل». لكنها تقول أكثر من ذلك: «أن يمضي الشخص 10 سنوات في العمل السياسي ويخسر في المجلس السياسي، فهذا يدعو الى التأسف على الماضي كله. المسألة لا تتعلق بالخوف من الكلام خشية إحالتنا الى المجلس التأديبي بل من القرف من هذه الأحوال كلها». ويبدو ان ردة فعل الخاسرين ستكون مفتوحة على احتمالات كثيرة قد تكون الطعن أو الاستقالة من العمل الحزبي، أو ربما خطوة غير مستحبة «برتقالياً».. قد تبدّدها برودة الأرض بعد المعارك الساخنة.