تؤكد أوساط نيابية بارزة في قوى 14 آذار للوكالة “المركزية”، أنّ لا قرار بتفجير الوضع المحلي لكنّ المواجهة مع خصومنا في الاقليم مفتوحة ولا تراجع فيها، يختصر هذا الموقف بتناقضاته موقعَ “حزب الله” في المرحلة المقبلة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
فالامين العام للحزب السيد حسن نصرالله فصل في خطابه الثلاثاء، بين الوضعين اللبناني والاقليمي. في الاول، طمأن الى أن لا 7 أيار جديدا ولا قمصان سوداء وأكد أنه ماض في الحوار مع تيار المستقبل وأنّ لا مصلحة له باسقاط الحكومة، ما يعني باختصار انه لا ينوي قلب الطاولة اليوم. والحال انّ نصرالله أراد تخفيف وطأة اعمال الشغب التي عرفتها شوارع العاصمة في نهاية الاسبوع وحصر مفاعيلها عند هذا الحد. فالحزب، الذي يكاد يكون الطرف الداخلي الوحيد القادر على توتير الساحة اللبنانية بفعل امتلاكه دويلته الخاصة والسلاح، حسب الاوساط، قرّر أنه لا يريد تعكير الامن في الوقت الحاضر، على قاعدة “أستطيع، لكن لا أريد”.. لكن لماذا؟ أولا، لأن معاركه الاساسية تدور في الخارج من سوريا الى اليمن فالعراق وليس متفرغا للواقع اللبناني. وثانيا، لأن المشهد السياسي المحلي، على علاته وأبرزها الشغور الرئاسي، يناسبه تماما ويفضل ابقاءه على حاله وعدم الاقدام على اي خطوة غير محسوبة النتائج. وثالثا، لأن الحزب قد يكون بدأ يعدّ الأرضية اللبنانية المناسبة للحظة الانسحاب من سوريا التي تعيش منذ السبت هدنة في الميدان. وبالتالي، فان التهدئة مع الأطراف السياسية “الشريكة في الوطن” ضرورية لتأمين عودة سلسة لمقاتليه وعناصره الى لبنان.
غير أنّ الليونة والمهادنة محلياً، قابلهما قصف عنيف من نصرالله تجاه الرياض اذ لم يتردّد في اتهامها بالوقوف خلف السيارات المفخخة التي أُرسلت الى لبنان. واذ توقفت الاوساط عند دعوته السعودية الى مواجهة “حزب الله” وتحييد اللبنانيين خاصة المغتربين العاملين في الخليج، تماما كما لفتها تأكيد نصرالله أن أهم خطاب أطلقه في حياته كان ذلك الذي أعقب انطلاق عمليات “عاصفة الحزم”، رأت أنّ خطاب الامين العام لحزب الله كرّس الحزب فصيلاً اقليميا يغرّد خارج السرب اللبناني ويقدم الواجب الجهادي الذي يفرضه عليه مرشد الثورة الايرانية، على المصلحة الوطنية، بدليل ان الحزب لا يكترث لكل الجهود الرسمية التي تبذل لترميم العلاقات اللبنانية ـ الخليجية، ولا يأبه لتداعيات التأزم الذي تمر به، طالما المواجهة القائمة بين ايران والسعودية تتطلب منه التصعيد.
في غضون ذلك، اعتبرت الاوساط انّ سياسة كسر الحدود الجغرافية والقتال على أراضي الغير، التي يعتمدها “حزب الله” اليوم، تعدّ انتهاكا موصوفا لسيادة الدول المعنية واستقلالها، سائلة “أين المنطق في ما يفعله “الحزب” بذرائع متعددة من حماية المقامات الدينية الشيعية في سوريا مثلا، الى حماية الشيعة من المدّ السعودي في اليمن؟ وماذا لو قررت فصائل سنية مثلا الانتقال الى لبنان بسلاحها، اذا رأت ان السنة مغبونون”؟ وأشارت الاوساط الى انّ انخراط “حزب الله” في المواجهات الدائرة في الساحات الاقليمية وأغلبها مذهبي الطابع، نزع عنه صفة “المقاومة” وقد ضاع صراعه مع اسرائيل وسط غبار حروبه في المنطقة، بعد ان ضاع إثر استخدامه سلاحه في شوارع بيروت في 7 أيار 2008، دائما وفق الاوساط.
وفي انتظار الاطلالات المقبلة لنصرالله، والتي يبدو ستتكثف مواكبة للتطورات الاقليمية المتسارعة، دعت الاوساط الى رصد ارتدادات موقف نصرالله التصعيدي إزاء المملكة، وقد ردّ مجلس التعاون الخليجي سريعاً اليوم بتصنيف “حزب الله” منظمة ارهابية بكافة قادته وفصائله والتنظيمات التابعة له والمنبثقة عنه، محذرةً من أن تنعكس سلباً على الاتصالات الجارية لبنانيا لرأب الصدع مع المملكة عموماً، وعلى الجواب الذي ينتظره رئيس الحكومة تمام سلام على الرسالة الى الديوان الملكي السعودي خصوصاً.