لا مفر من الاعتراف بأن الراحل ستيف جوبز، باني عرش شركة “أبّل” الأميركية، يمثّل حالة فريدة من نوعها، إذ كان واحدًا من قلّة في هذا العالم تهز التقنية بيمينها وتهز العالم بيسارها. فهذه التقنية التي أسس لمجدها جوبز جعلته ملكًا متوجًا على مؤسسة وصل حجمها المالي إلى مئات المليارات من الدولارات.
نه رجل يصلح فعليًا ليكون مثالًا أعلى لكل طالب مجد، لذا تشكل كلماته عبرًا وأمثولات يتمسك بمقاصدها كل من يروم العلى. ومن منايا هذا العصر أن شهدنا جميعًا مرضه وموته.
قبل وفاته، نقل عنه الآتي: “وصلت قمة النجاح في عالم الأعمال، وفي عيون الآخرين، حياتي مثال للنجاح. لكن، بغض النظر عن العمل، لم أفرح إلا قليلًا. وفي النهاية، والثروة ليست سوى حقيقة من حقائق هذه الحياة التي اعتدتها”.
أضاف: “في هذه اللحظة، أنا ممدد على سرير المرض وتتراءى لي حياتي كلها أمامي، أدرك أن الشهرة والثروة التي أفتخر بأنني حققتهما تبدوان شاحبتين بلا معنى في مواجهة موت وشيك. في الظلام، أنظر إلى الضوء الاخضر في هذه الأجهزة التي تبقيني حيًا، وأصغي إلى همهمتها، وأستطيع أن أشعر بأنفاس إله الموت تقترب مني… الآن أعلم أننا راكمنا ثروة كافية لتعيلنا في حياتنا، لكن كان علينا متابعة أمور أخر لا علاقة لها بالثروة، أمور أكثر أهمية: ربما هي علاقاتنا الانسانية، أو الفن، أو حلم من أحلام الشباب، فملاحقة الثروة بلا توقف تحوّل الانسان إلى كائن ملتوٍ، مثلي تمامًا”.
وتابع: “وهبنا الخالق حواسًا كي نشعر بالحب تعمر به القلوب، لا الأوهام التي تقدمها لنا الثروة. فأنا لا أستطيع أن أحمل معي الثروة التي جمعتها في حياتي، ولا يمكنني أن أحمل إلى العالم الآخر إلا ذكريات مفعمة بالحب. وهذا هو الغنى الحقيقي الذي يتبعكم، ويرافقكم، ويتيح لكم القوة والنور لتستمروا. الحب يسافر آلاف الأميال، فلا حدود للحياة، فاذهبوا حيث تريدون، وحاولوا الوصول إلى الارتفاع الذي تريدون بلوغه. إنها إرادتك في قلبك”.
وقال: “ما هو السرير الأغلى ثمنًا في العالم؟… إنه سرير المرض. ربما توظّف شخصًا ليقود لك السيارة، وآخر ليكسب لك المال، لكنك لن تجد شخصًا يمرض عنك. يمكنك أن تفقد الأشياء المادية ثم تعثر عليها لاحقًا، لكن ثمة شيء واحد لا يمكن أبدًا أن تستعيده حين تفقده… الحياة! فحتى أولئك المؤمنون بالنعيم يطمحون الى الخلود، لكن حين يدخل المرء إلى غرفة العمليات الجراحية، يدرك أن ثمة كتاب واحد، فقط لا غير، عليه أن يقرأه حتى النهاية، إنه كتاب الحياة الصحية. ومهما كانت المرحلة التي نمر فيها راهنًا، فبمرور الوقت، سنواجه ذلك اليوم الذي يسدل فيه ستار حياتنا. فأحبوا عائلتكم، وزوجاتكم، وأصدقائكم، واعتمدوا حسن المعاملة مع أنفسكم ومع الآخرين”.