نقلت صحيفة “النهار” عن أوساط وزارية حديثها عن اجواء ايجابية يفترض ان يكون اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة ملف النفايات الأربعاء 2 آذار 2016 برئاسة رئيس الوزراء تمّام سلام محكا بارزاً لها في رسم اطار الحل المطروح لأزمة النفايات.
وقالت المصادر لـ”النهار” ان ثمة تقدماً أحرز في التهيئة للاجتماع بحيث يستكمل فيه البحث في خيار اعتماد المطامر في موازاة اجراءات أخرى على طريق الحل المستدام وذلك عشية جلسة مجلس الوزراء غدا بما لا يعرض الحكومة لهزة حادة جراء تهيؤ وزراء لاثارة مصير الحكومة في حال تمادي العجز في حل هذه الازمة الخانقة.
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة “الجمهورية” أنّ النيابة العامة المالية ادّعَت منذ أسبوع على شركة “سوكلين” ومستشاريها بتهمة هدر المال العام، وأنّ اللجنة الوزارية المختصة بمعالجة ملف النفايات إذا لم تتوصّل إلى نتيجة في اجتماعها المقرر الأربعاء كما يصِرّ رئيس الحكومة لكي يقدّم الخطة النهائية في مجلس الوزراء الخميس 3 آذار، فلا يُستبعَد أن يعطي سلام مهلةً جديدة لا تتعدّى أياماً قليلة قبل أن يتّخذ موقفَه حيال الحكومة، لأنه غير مستعدّ لأن يتحمّل أكثر ممّا تحمّل في استمرار مراوحة ملفّ النفايات.
ويبدو أنّ رئيس الحكومة لن يتّخذ موقفاً يقضي بتعليق عمل مجلس الوزراء لأنّ هذا الأمر لا يكفي، إنّما قد يذهب أبعد من ذلك في الأيام اللاحقة.
من جهتها، كتبت صحيفة “السفير”: تأكد في اجتماع “لجنة المال والموازنة”، الثلثاء 1 آذار، ما كان مؤكداً. دفع اللبنانيون ثمناً باهظاً في ملف النفايات. نحو ملياري دولار كانت الحصيلة خلال 17 عاماً، بحسب الورقة الرسمية التي قدمها “مجلس الإنماء والإعمار”.
الثمن كان تصاعدياً إلى حد مخيف. في العام 1997 كانت قيمة العقد مع “سوكلين” 41 مليون دولار، لكنها صارت في العام 2013 تتخطى الـ181 مليون دولار. لا أحد يملك سبباً مقنعاً لهذا التضخم بالأسعار بين عام وآخر، وعلى سبيل المثال، هل يعقل أن تتضاعف قيمة العقد بين العامين 1997 و1998 فتصل إلى 73 مليون دولار؟
مهما قيل عن توسع نطاق عمل “سوكلين” مع تقدم السنين، فإنه لا يفسر دفع 575 مليون دولار بدل المعالجة، فيما القاصي والداني يعرف أن ما يزيد عن 85 بالمئة من النفايات تطمر بدون معالجة (تعترف “سوكلين” بطمر 80 بالمئة من النفايات بدون معالجة). والأخطر من ذلك، أن ثمة من يحصل على بدل “إشراف على المعالجة”، ما قدر خلال “فترة سوكلين” بـ26 مليون دولار (2,5 مليون دولار في العام 2013)، هذا من دون الإشارة إلى المبلغ الضخم الذي دفع على الطمر (56 مليون دولار في العام 2013)، والذي يضاف إليه بدل إشراف على العقد يقدر بـ 25 مليون دولار.
أموال طائلة تدفع بدل خدمات غير موجودة فعلياً، علماً أن هذه الأموال ازدادت في السنتين الأخيرتين، كما أضيف إليها أخيرا 30 مليون دولار نجحت “سوكلين” في تحصيلها بسبب تعمد السلطة تمييع مسألة الحسم الذي كان مقرراً في العام 2010 ونسبته 4 بالمئة من قيمة العقد. وهو مبلغ كان يمكن على الحكومة اللبنانية توفيره بشحطة قلم.. حرفيا.
كل ذلك ليس جديداً، لكن الجديد أنه بعد 18 عاماً من الفوضى العارمة في القطاع، وبعد 7 أشهر من فشل الحكومة في رفع النفايات من الشوارع وتخبطها بحلول أفضلها سيء، قرر المجلس النيابي التدخل. وبحسب رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان، فإن الملف قد فتح ولن يغلق إلا بعد تبيان كل الحقائق التي تحيط به، آملاً أن لا يعيق أحد هذا التوجه.
وإذا أكملت اللجنة السياق الذي بدأته، فإنها ستنجح في ما لم يسبقها أحد إليه، حيث يفترض أن يقدم مجلس الإنماء والإعمار في جلسة الثلاثاء المقبل، كامل العقود التي وقعت مع “سوكلين”، وهي العقود التي ظلت لفترة طويلة سراً من أسرار الدولة، عبثاً حاول وزراء المعارضة الاطلاع عليه من دون أي نتيجة.
من المفيد فتح الملفات الماضية، لكن الأهم حالياً الضغط على الحكومة لإيجاد حل لأزمة النفايات. ويبدو أن مجرد انعقاد اللجنة قد ساهم في الضغط عليها، حيث تردد أن ثمة تصميماً على حسم الملف في جلسة الخميس، بحيث يحضر ممثلو الحكومة جلسة الثلاثاء متسلحين بالحل المفترض، والذي صار الجميع يعرف أنه يعتمد على “الطمر بالقوة”.
لكن بحسب كنعان، فإن اللجنة لن تقف عند حدود حل الأزمة، إذ أعلن أنه “كنواب قررنا الذهاب الى النهاية في أطر المحاسبة والهدف الأساسي منها الوصول الى حلول جذرية”.
وبعد أن طرحت عشرات الأسئلة التي تتعلق بكل جوانب الموضوع، من إدارة “سوكلين” للقطاع إلى شوائب المناقصات والترحيل.. ينتظر ان تكون جلسة الثلثاء المقبل جلسة الاستماع إلى الأجوبة، حيث تقرر دعوة اللجنة الوزارية التي كلفت معالجة ملف النفايات، والتي تردد أنها ستسعى إلى التغيب عن الاجتماع.
بعد الجلسة، التي شارك فيها الوزيران علي حسن خليل ومحمد المشنوق، وحضرها النواب فادي الهبر، انطوان زهرا، حكمت ديب، هنري حلو، احمد فتفت، وليد خوري، ناجي غاريوس، فادي الاعور، كاظم الخير، عباس هاشم، عاطف مجدلاني، وقف النائب سامي الجميل (من خارج عضوية اللجنة)، إلى جانب كنعان، مؤكداً أن “ثلث الكلفة ذهبت هدرا وسنطرح تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، ونذكر القاضي ابراهيم بالدعوى التي تقدمنا بها”. كما أشار إلى أنه “في موضوع محاربة الفساد لا وجود للسياسة ومستمرون في تصدينا لهذا الفساد”.
كذلك كان هنالك تأكيد على أن الحل لا بد أن يأتي من عند البلديات، التي لم يعد مقبولاً أن يصادر قرارها، وأن تفرض عليها حلول على حسابها ومن حسابها، كما حصل عند التعاقد مع “سوكلين”.
وعلى صعيد مستجدات البحث في الحلول المتاحة لطمر أزمة النفايات، تعقد اللجنة الوزارية المختصة اجتماعها “الأخير” بعد ظهر الأربعاء 2 آذار عشية جلسة مجلس الوزراء المقرر انعقادها غداً الخميس وسط مطالبات وطنية بقرار حاسم يضع الحل على سكة التنفيذ تحت طائلة كشف المعرقلين أمام الرأي العام.
وإذ أكد أكثر من عضو في اللجنة لـ”المستقبل” وجود بوادر “حلحلة” حيال خارطة مواقع “المطامر” المزمع اعتمادها، غير أنّ الصورة النهائية لهذه الحلحلة من المُفترض أن تتبلور خلال اجتماع اليوم على ضوء “الأجوبة” المنتظرة من قبل أعضاء اللجنة، من دون أن يخفي بعضهم خشيته من استمرار العرقلة بذريعة “التفاصيل” لافتين في هذا السياق إلى أنّ هناك “قوى تحاول توظيف الملف وإرجاء حله لأغراض سياسية”.