IMLebanon

قزي: تقليص إجازات العمل للسوريين خفّض البطالة 7%

sejaan-azzi-new
عزة الحاج حسن

عند الحديث عن استضافة لبنان لأكثر من 150 ألف فلسطيني منخرطين في سوق العمل وأكثر من 600 ألف عامل سوري، يضاف إليهم نحو 350 ألف عامل آسيوي وأفريقي، في مقابل بلوغ مستوى البطالة عتبة الـ25% أي نحو ربع اللبنانيين، ومنهم نحو 36% بعمر الشباب، يصبح الحديث عن تقنين وقوننة إجازات العمل للأجانب أمراً ملحاً.
تقنين فرص العمل أمام النازحين السوريين لم تنتهجه وزارة العمل لمكافحة البطالة اللبنانية فحسب، إنما أيضاً لقطع الطريق على المنطق “المفخخ”، وفق توصيف وزير العمل سجعان قزي، وهو الذي انطوى عليه خطاب الدول المانحة خلال سعيها لمساعدة النازحين السوريين عبر ايجاد فرص عمل لهم في الدول المضيفة، لا سيما لبنان والأردن.
قزي وفي حوار مع “المدن”، وإن كان متأكداً من أن قسماً كبيراً من المهن والوظائف التي يمارسها العمال الأجانب ومنهم النازحون السوريون لا يمتهنها اللبنانيون، إلا أنه رغم ذلك يصرّ على أن تقنين إجازات العمل أتى بنتيجة إيجابية جداً على صعيد توسيع سوق العمل أمام اللبنانيين، وساهم في خفض مستوى البطالة بنحو 7% منذ بداية العام 2015. وفي الآتي نص الحوار:

* ما صحة المعلومات عن أن المساعدات المنتظرة من مؤتمر المانحين لمساعدة لبنان على مواجهة أزمة النزوح السوري، ستكون مشروطة بفتح سوق العمل أمام النازحين وإلغاء إجازات العمل؟
ان الأمم المتحدة بما فيها الدول المانحة تعتبر ان النزوح السوري طويل الامد في لبنان، وبالتالي بدأ البحث في كيفية ايجاد فرص عمل لهم في اماكن اقاماتهم، إن في لبنان او الاردن أو تركيا بهدف اكسابهم مهن تحضيراً لعودتهم الى بلادهم، ولكن هذا المنطق السليم نظرياً هو منطق “مفخخ” عملياً، فالنزوح السوري طويل الأمد في لبنان سيتحول بفعل الواقع توطيناً، لأن للتوطين معنيين، إما ان يستحصل الاجنبي على هوية البلد، وإما ان يستوطنه بفعل الواقع ويستمر فيه لعقود ويندمج فيه كما هي الحال مع الاخوة الفلسطينيين.
وبالتالي أنا رفضت هذا الأمر وأبلغت المعنيين في لبنان والمجتمع الدولي وممثلي الأمم المتحدة في لبنان بأن البلد غير قادر على استيعاب يد عاملة سورية جديدة، باستثناء ما كان يستوعبه في السنوات والعقود السابقة في قطاعات محددة كالزراعة والبناء والبيئة، وإذا كان المجتمع الدولي ينوي مساعدة الهيئات المحلية أو رجال الأعمال أو المجتمع المدني على استحداث مؤسسات صغرى أو متوسطة في هذه القطاعات، فليتقدم اليها سوريون أو غيرهم من الجنسيات.

* تعتمد وزارة العمل سياسة تقليص إجازات العمل للأجانب و”تقنينها”، ماذا كانت نتيجة هذه السياسية في ما يخص مستويات البطالة؟
نحن نعمل على الحدّ من إجازات العمل للجنسيات جميعاً ونعتمد إجراءات صارمة في منحها، وأنا مرتاح الضمير إزاء ذلك، لأني ساهمت بخفض البطالة بين اللبنانيين بنسبة 7%، بدليل اننا اخذنا عينة من 25 مؤسسة كانت تحوي في العامين 2012 و2013 عمالاً أجانب بنسبة 30%، وفي أواخر العام 2015 ومطلع العام 2016 تقدمت الشركات نفسها بجداول موظفيها، وتبيّن ان نسبة الاجانب انخفضت عن 8% مقابل ارتفاع نسبة العمال اللبنانيين لديها من 70% الى 92%.
وفي حصيلة استطلاعية وليس احصائية نكون قد وفرنا فرص عمل مباشرة للشباب اللبناني بنحو 7% كنسبة تقديرية، وذلك عبر تقليص وضبط اجازات العمل للأجانب لاسيما السوريين منهم.
وهنا لا بد من الإشارة الى أن غالبية طلبات إجازات العمل التي يتم رفضها هي طلبات غير قانونية، فقد تقدم للحصول على اجازات عمل خلال العام 2015 نحو 1659 شخصاً سورياً تمت الموافقة على 975 منهم وتم رفض 684، ولم يحصل الرفض لأنهم سوريون بل لأن طلبات اجازات العمل كانت تحمل تزويراً بصفة العمل، بمعنى أنهم يقدمون طلب لإجازة عمل لعامل تنظيفات في حين أن الشخص يكون فعلياً مطلوباً لإشغال مركز مهندس أو طبيب أو معلم أو خبير فني أو خبير تقني أو استاذ جامعي أو مدير تسويق او عامل ارشيف أو تنضيد أو عامل في الكهرباء وغيرها من المهن. من هنا عمدت الوزارة الى التشدد بمنح اجازات العمل إفساحاً في المجال امام اللبنانيين من دون المس بانفتاح لبنان على الخبرات والكفاءات الأجنبية أكانت سورية أو غير سورية. ونعتبر أن إلغاء إجازات العمل للسوريين سيشكل كارثة على الشباب اللبناني ومن شأنه رفع نسب البطالة بشكل كبير.

* تتعارض نسب البطالة التي تعلنها وزارة العمل مع تلك التي تتبناها مديرية الإحصاء المركزي، ما هي حقيقة مستوى البطالة في لبنان؟
جميع الأرقام في ما خص البطالة ليست دقيقة، لأن لبنان يحتاج الى مؤسسة تستقبل العاطلين من العمل على غرار الدول الأوروبية التي تستقبلهم لتزويدهم بإعانات بطالة، وبالتالي نحن نفتقد لاحصاء دقيق، فتبقى أرقام البطالة دائماً تقريبية. والبطالة وفق الإحصاء المركزي هي 11% ولكنها في حقيقة الأمر كانت تتراوح بين 10 و 15% قبل النزوح السوري أما بعد العام 2012 فارتفعت النسبة فوراً الى 25%، ومنهم نحو 36% بعمر الشباب.

* هل من حلول أو خطط للتخفيف من البطالة، الى جانب الحد من إجازات العمل؟
الحل للعاطلين من العمل لا يكون في منع اليد العاملة الاجنبية من العمل، رغم أن هذا الحل ضروري لكنه غير كافٍ، فالحل يكمن في إرساء السلام الحقيقي في لبنان وليس في الاستقرار النسبي، ومن الضروري استتباب الامن في جميع المناطق الى جانب عودة الحركة التجارية والسياحية إليها، لأن لبنان لا يعيش على نشاط ابنائه فحسب، وإنما على الحركة السياحية لاسيما انه بلد خدمات وليس بلداً صناعياً.
وبالإضافة الى ضرورة عودة النمو وخلق مقومات اقتصادية للنهوض، لا بد من إعطاء الإمكانات الضرورية لوزارة العمل من خلال المؤسسة الوطنية للإستخدام كي تقوم بواجباتها في إيجاد فرص عمل للبنانيين انطلاقاً من دورها.

* لماذا تغيب المؤسسة الوطنية للإستخدم كلياً في الوقت الراهن عن قيامها بواجباتها؟
من المفترض أن يكون عديد العاملين في المؤسسة الوطنية للإستخدام 109 موظفين لكن حالياً لا يوجد فيها اكثر من 29 شخصاً وميزانيتها لا تتعدى 2 مليون و300 الف دولار، معظمها يذهب الى قضايا غير إنتاجية كإيجار المكتب والموظفين والتعويضات والعقود مع بعض الجمعيات المدنية والإنسانية، أما على صعيد ايجاد فرص عمل فالمؤسسة بإمكانياتها الحالية لا تستطيع مواكبة هذه النسبة المرتفعة من البطالة أي الـ 25%. ومع الاسف فإن الحكومات المتعاقبة في لبنان لم تولِ وزارة العمل والمؤسسة الوطنية للاستخدام وكذلك معهد التدريب المهني في الدكوانة التابع للوزارة، الاهتمام الكافي ولم توفر لها العديد ولا التمويل.
وفي المحصلة نحن نعمل بالحد الادنى أمام ازمة في حدها الأقصى، فالامكانات المطلوبة بالنسبة الى العاملين في الوزارة هي نحو 800 شخصٍ وليس العدد الحالي أي 123 شخصاً فقط، كما أننا بحاجة الى 3 ملايين دولار تضاف الى الموازنة الأساسية، اي ما مجموعه 5 ملايين ونصف المليون دولار.