كشف التهديد الأمني الذي تلقاه موقع “جنوبية” الإلكتروني المعارض لـ”حزب الله”، عن “مجموعات إلكترونية خاصة بالحزب يديرها مسؤولون إعلاميون من داخل التنظيم الحزبي لإدارة الرأي العام الشيعي عموما”، ما يعكس أداء حزب الله الإعلامي، وقدرته على تحريك الرأي العام وصناعته والتأثير به ضمن بيئته.
وأعلن موقع “جنوبية” تلقيه تهديًدا واضًحا، وبالأمن هذه المرة، “بعدما فشلت كل المحاولات لكّم أفواه المستقلين الشيعة العاملين في موقع (جنوبية)”، مشيًرا إلى أن التهديد ينتشر على وسائل التواصل الاجتماعي والمجموعات الإلكترونية الخاصة بحزب الله، وذلك بعد سلسلة تحقيقات نشرها الموقع الذي يرأس تحريره الصحافي علي الأمين، منذ تفاقم الأزمة بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي على ضوء خطابات حزب الله، ليس آخرها “حزب الله بين الانتصارات الوهمية والهزائم الواقعية”.
وُتدار تلك الشبكات، بحسب الأمين، من قبل مسؤولين إعلاميين في الحزب. ويشرح لـ”الشرق الأوسط” أن هناك “مئات الشبكات في تطبيق (واتساب) تتسرب عبرها كثير من المناخات والأخبار باتجاه قاعدة الحزب، من غير أن يتبناها الحزب بشكل رسمي”، مشيًرا إلى أن تلك الأنباء غير الرسمية “يتستر فيها وراء أسماء مجهولة، وتعفيه من المساءلة، رغم أن الجمهور يعرف أن تلك الأنباء هي جو الحزب وتتناغم معه”.
ويشير الأمين إلى أن تلك المجموعات في “واتساب”، “تبث عبرها أخبار معينة مثل الإعلان عن سقوط قتلى في سوريا”، مشدًدا على أن تلك الحسابات الإلكترونية “هي من الأشكال التي يعتمدها حزب الله للإعلان والإبلاغ، ولا ترتبط بالأطر الحزبية، بل ترتبط بالعلاقة مع الجمهور والرأي العام الشيعي في مواقع انتشار الحزب”. ويؤكد أن تلك الأنباء “تعتمد على توجيهات الحزب”.
وبحسب “جنوبية”، انتشر خبر عبر مجموعات التواصل العائدة لجمهور حزب الله في “واتساب”، ينقل عن “مصادر أمنية لبنانية” قولها إن “الناطق الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي بات يشرف بشكل دوري على ما ينشر في موقع (جنوبية) لصاحبه الصحافي علي الأمين”، ويضيف: “أكدت المصادر أن الأمين ينسق مع أدرعي بشكل مباشر عبر بريده الإلكتروني، من جهة أخرى أكدت المصادر أن السفارة الأميركية في بيروت توقفت عن تمويل الموقع المذكور، فلجأ الأمين إلى أدرعي طالًبا منه الدعم، وجاءه الرد بالإيجاب بعد أيام مشروًطا بعدة شروط، وأهمها إشراف أدرعي وفريقه الإلكتروني على ما ينشر في موقع (جنوبية)”.
والمفارقة، أن إعلان “جنوبية” عن تلقيها التهديد، تزامن مع خطاب نصر الله مساء أول من أمس، جنح فيه إلى التهدئة، وانتقد جمهوره على خلفية تظاهرات نظموها بعد بث مشهد تلفزيوني عبر قناة “إم بي سي”، يظهر فيه ممثل يقلد نصر الله.
وعادة، لا يتبنى حزب الله وإعلامه الرسمي، مداولات إلكترونية أو تحركات من قبل أنصاره، رغم أن معارضيه يقولون إنها “منسقة مع الحزب”، وإنه “لا يتبناها بشكل رسمي كي يتمكن من التنصل منها ساعة يشاء”.
ولعل أبرز مثال إلكتروني، هو أناشيد يطلقها المنشد المحسوب على حزب الله علي بركات الذي تقدم أخيًرا وزير العدل أشرف ريفي بدعوى قضائية ضده، على خلفية “الإساءة للملكة العربية السعودية”. ولا يبث إعلام الحزب الرسمي أناشيده، لكنها تنتشر عبر موقع “يوتيوب” وتحظى بانتشار في صفوف أنصار الحزب.
وكما في النشاط الإلكتروني، هناك تحركات شعبية يقول معارضو الحزب إن منسقة مع قيادات فيه، وكان آخرها التحركات الاحتجاجية على بث مقطع هزلي في قناة “إم بي سي” يظهر ممثل يقلد نصر الله، وسرعان ما تنصل الحزب منه، بل ذهب نصر الله إلى تقريع جمهوره على خلفية التحركات الاحتجاجية، طالًبا من العناصر الحزبية ضبطها ومنعها في مناطق وجوده.