Site icon IMLebanon

تفاقم الأزمة الغذائية باليمن مع قطع البنوك لخطوط الائتمان

Yemen-Bank
تقول مصادر مطلعة إن البنوك قطعت خطوط الائتمان التي تمول شحنات السلع الغذائية لليمن حيث تحولت الموانئ إلى ساحات للمعارك ويواجه النظام المالي بالبلاد شبح التوقف التام فيما يخنق الامدادات إلى البلد الفقير الذي قد يواجه مجاعة.
وتقول مصادر مصرفية وتجارية إن البنوك تعزف بشكل متزايد عن تقديم خطابات الائتمان- التي تضمن سداد المشتري الثمن للبائع في الوقت المحدد- للشحنات إلى البلد الذي يعاني من حرب أهلية بين الحكومة وجماعة الحوثي فضلا عن تمرد لتنظيم القاعدة.
وقال مصدر في تجارة السلع الأولية العالمية له نشاط في اليمن “البنوك العالمية الغربية لم تعد تشعر بالارتياح لمعالجة المدفوعات ولم تعد مستعدة لقبول المجازفة.”
وأضاف المصدر “معنى ذلك أن التجار أصبحوا مقيدين بمخاطر أكبر وعليهم أن يضمنوا فعليا الشحنات كاملة وعادة ما تصل قيمتها لملايين الدولارات وذلك قبل احتمال حصولهم على المال. العوائق تتزايد الآن أمام جلب السلع إلى اليمن.”
وغالبا ما يكون التجار الذين يشترون الغذاء لليمن من الشركات الصغيرة والخاصة التي تتخذ من اليمن أو المنطقة المحيطة به مقرا لها وتشتري البضائع من السوق العالمية. وتحدثت رويترز مع عدد من المصادر التي طلبت عدم الكشف عن أسمائها لأسباب أمنية.
وقالت مصادر إن الوضع تدهور سريعا الشهر الماضي بعدما أوقف البنك المركزي اليمني تزويد التجار المحليين بعملات أسعار صرف ملائمة لشراء السكر والأرز من الأسواق العالمية وهو ما زاد العوائق أمام شراء الغذاء الذي يشكل جانبا كبيرا من واردات البلاد.
ويهدف قرار البنك اقتصار توفير خطوط الائتمان على القمح والأدوية إلى دعم الاحتياطيات.
وقالت المصادر إن الصعوبات المالية هي أحد العوامل وراء انخفاض الشحنات المتجهة إلى اليمن. وأظهرت بيانات للأمم المتحدة أن نحو 77 سفينة رست في موانئ باليمن في يناير كانون الثاني مقارنة مع حوالي 100 في مارس اذار الماضي عندما تصاعدت الحرب الأهلية ومقارنة مع مئات السفن التي كانت تصل شهريا في السنوات السابقة.
وقد تكون التداعيات خطيرة على اليمن- أفقر دول شبه الجزيرة العربية- الذي تقول الأمم المتحدة إنه “على حافة الكارثة” وإن 21 مليونا من سكانه البالغ عددهم 26 مليون نسمة في حاجة لمساعدات إنسانية وأكثر من نصف السكان يعانون من سوء التغذية.
ويشهد اليمن حربا بين الحوثيين المتحالفين مع إيران ويسيطرون على العاصمة صنعاء وبين قوات حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي التي يدعمها تحالف عربي بقيادة السعودية.
وقال محمد الشميري المسؤول بشركة تكرير السكر الوحيدة في اليمن والواقعة في مدينة الحديدة الشمالية على البحر الأحمر إن عملية جلب الشحنات للبلاد كانت معقدة حتى قبل القيود التي فرضها البنك المركزي.
كانت العملية معقدة بالفعل بسبب تدهور الوضع الأمني فضلا عن عمليات التفتيش التي تجريها السفن الحربية التابعة للتحالف العربي لمنع تهريب الأسلحة للحوثيين.
وقال الشميري “لابد أن تكون على اتصال دائم بشركات الشحن وتطمئنهم أن كل شيء على ما يرام بل وترسل صورا أحيانا للمكان ليعرفوا أنه بأمان.”

الأسعار ترتفع
قال مصدر مصرفي أوروبي إن بعض البنوك قررت الانسحاب بالكامل من تقديم خطوط الائتمان لتجارة الغذاء إلى اليمن.
وأضاف المصدر “حتى إذا كان بنك يرغب في إتمام إجراءات السداد لصفقة تتعلق بالغذاء فعليه أن يتوخى الحذر.”
وقالت المصادر التجارية إن البنوك التي كانت مشاركة في تجارة المواد الغذائية في اليمن بينها كومرتس بنك ودويتشه بنك واتش.اس.بي.سي بالاضافة إلى بنوك إقليمية في الشرق الأوسط.
وامتنع كوميرتسبنك ودويتشه بنك عن التعليق. وقال بنك اتش.اس.بي.سي إنه يواصل دعم عملائه في تعاملاتهم عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بما في ذلك اليمن “حسب الأحكام التنظيمية والتجارية ذات الصلة”.
كذلك فإن البنوك اليمنية المحلية تشعر بالضغوط. وقال عيدروس محمد المسؤول بالبنك الأهلي اليمني التابع للدولة إن البنك توقف منذ نهاية العام الماضي عن فتح خطابات الاعتماد للسلع عموما “لأن البنوك الخارجية توقفت عن التعامل معنا”.
وقال واثق علي أحمد مدير أحد المتاجر في صنعاء إن خطوة البنك المركزي سيشعر بها رجل الشارع العادي في اليمن.
وأضاف “الأسعار ترتفع بالفعل بسبب الحرب والزيادة في تكلفة تأمين السلع. ستكون الآثار الكاملة لذلك القرار محسوسة مستقبلا. ولحسن الحظ أنه مازال لدينا بعض المخزونات.”
وقد يسبب تباطؤ الواردات وارتفاع الأسعار مشكلات كبيرة لليمن حيث تواجه بعض المناطق خطر المجاعة.
وقال تقرير لوكالة تابعة للأمم المتحدة في يناير كانون الثاني إن اليمن يفتقر إلى أمطار موسمية كافية كما أن المناطق المزروعة محدودة هناك وتواجه الدولة ارتفاعا في تكاليف الامدادات الزراعية.
وقتل أكثر من 6000 شخص نحو نصفهم من المدنيين في الحرب.
وأصبحت الموانئ الرئيسية نقاطا مشتعلة في القتال ومنها ميناء عدن الجنوبي. وتعاني عدن من العنف منذ أن انتزع أنصار الرئيس هادي السيطرة عليها من قوات الحوثيين في يوليو تموز. ويشن التحالف الذي تقوده السعودية ضربات جوية أيضا قرب ميناء الحديدة.
ويزيد من الاضطرابات أيضا أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يوسع وجوده في اليمن. ففي فبراير شباط سيطر التنظيم على مدينة أحور في جنوب البلاد بعد شهور من سيطرته على مدينة المكلا الساحلية إلى الشرق.
وقال مصدران مصرفيان في اليمن إن القيود على التحويلات المالية للخارج أدت إلى زيادة المشاكل.
وقال مصرفي يمني “عندنا مشكلة كبيرة في تحويل المال للخارج … لذلك لا نستطيع فتح خطابات اعتماد للتجار من أجل الاستيراد.”
وقالت المصادر التجارية والمصرفية إن هناك غموضا حول من يسيطر على البنك المركزي اليمني الذي يوجد مقره في صنعاء وهو ما يدفع البنوك لمزيد من الحذر.
وقال مصدر مصرفي في الشرق الأوسط إن بعض المؤسسات تتجنب الدخول في صفقات ما دامت صنعاء تحت سيطرة الحوثيين.
ولم يتسن الوصول إلى البنك المركزي للحصول على تعليق.
وأظهر تقرير أصدرته في 11 فبراير شباط وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية أن إجمالي الاحتياطيات الأجنبية بالبنك المركزي اليمني انخفض إلى 2.1 مليار دولار بنهاية عام 2015 من 4.7 مليار في نهاية عام 2014.
وقال التقرير إن تدهور قيمة العملة الوطنية وندرة النقد الأجنبي يجعلان من الصعب تمويل الواردات.
وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي محمد الميتمي إن القطاع الخاص يمر بصدمات مؤلمة في ضوء استمرار الصراع.
وأضاف أن مئات الآلاف من العمال فقدوا وظائفهم ومصدر دخلهم.