IMLebanon

ماذا بعد “غزو” قطر لاستوديوهات هوليوود؟

Bein-Miramax
استحوذت مجموعة بي-إن الإعلامية القطرية على استوديوهات الإنتاج السينمائي ميراماكس، ومن ثم اقتحام للصناعة السينمائية الأمريكية من بابها الواسع، ما سيمكن الدوحة من توسيع نفوذها الناعم كما فعلت ذلك في مجالات أخرى ككرة القدم.

أعلنت مجموعة بي-إن الإعلامية القطرية، التي تتخذ من الدوحة مقرا لها أنها استحواذت على استوديوهات ميراماكس الهوليودية دون الكشف عن قيمة الصفقة. وأكدت بي-إن التي تملك قنوات تلفزيونية رياضية بما فيها بي-إن سبورت، وسينمائية في 24 بلدا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة، إن ميراماكس ستواصل العمل كأستوديو مستقل للسينما والتلفزيون بإدارة المالك الجديد.
وتسعى قطر من خلال استثماراتها الهائلة في قطاعات الثقافة والإعلام والرياضة إلى تكريس نفسها كقوة إقليمية ناعمة في الشرق الأوسط، تساعدها في ذلك ثروتها المالية والبترولية. وتظهر ملامح هذه السياسة من خلال الدور الذي تلعبه محطة الجزيرة، بالإضافة إلى عدد من المشاريع الأخرى منها مشروع متحف الفنون الإسلامية العملاق أو مهرجان “ترابيكا” للأفلام أو الاستثمار في مجموعة واسعة من التظاهرات الرياضية، ككأس العالم لكرة القدم أو الألعاب الأسيوية أو الألعاب العربية أو الاستثمار في كبريات الفرق الأوروبية لكرة القدم وكلها تظاهرات تعمل على نشر صورة إيجابية عن الإمارة الخليجية الصغيرة.

ميراماكس و”غزو” هوليوود

وقال رئيس مجلس إدارة بي-إن الإعلامية ناصر الخليفي، رئيس نادي باريس سان جيرمان لكرة القدم أيضا “نحن سعداء جدا لأننا حققنا هذا الهدف الأساسي في إستراتيجيتنا”. وأنتجت ميراماكس أكثر من 700 فيلم فاز 68 منها بجوائز الأوسكار، من بينها “المريض الإنكليزي” و”شكسبير عاشقا” (شكسبير ان لاف) و”لا مكان للعجائز” (نو كانتري فور اولد مين)، إلى جانب “شيكاغو” وغيره. وكان الإخوان بوب وهارفي وينستين أسسا استوديوهات ميراماكس في 1979 ثم قاما ببيعها في 1993 إلى شركة والت ديزني لقاء ستين مليون دولار.
وفي 2010 اشترت مجموعة مستثمرين بقيادة قطب العقارات رون تيوتر بالاشتراك مع مجموعة كولوني كابيتال وسلطة الاستثمار القطرية، الشركة بعشرة أضعاف هذا المبلغ. وتخلى تيوتر بعد ذلك عن حصته للقطريين. وكانت كولوني كابيتال وسلطة الاستثمار القطرية تسعيان منذ أكثر من عام لبيع الشركة لكن لم يتقدم أي زبون مهتم بالسعر المعروض وهو مليار دولار. وقال الخليفي إن “ميراماكس شركة سينمائية وتلفزيونية ناجحة تمثل اسما قويا ومعترفا بكفاءته، ولديها إنتاج فريد وخبرة في الصناعة يمكن أن يشكل تتمة جيدة لخطط بي-إن الإعلامية بتوسيع صناعة الترفيه وتطوير محتويات جديدة”.

تعزيز القوة الناعمة

الاستثمارات القطرية في هوليود تدخل في إطار إستراتجية الدولة الخليجية في تنويع مجالات استثماراتها الخارجية من جهة، ومن أجل تعزيز إشعاعها كقوة ناعمة في منطقة الشرق الأوسط. وإذا كان من الصعب قياس علاقة الإشعاع الإعلامي والثقافي لدولة ما بجاذبيتها الاقتصادية، فإن قطر نجحت في السنوات الأخيرة رغم صغرها الجغرافي والديموغرافي في أن تتحول إلى لاعب إقليمي على المستويات الاقتصادية والدبلوماسية والإعلامية، وإن وقع نوع من التغير في هذا الدور بعد تحول “الربيع العربي” إلى خريف دام.

وتسعى قطر، التي ظلت لفترة طويلة تلعب دورا متواضعا على المستوى الإقليمي، لزيادة نفوذها وإشعاعها. وسعت لرسم مسار إستراتجي مستقل عن السعودية، وكان رهانها الفاشل على الإخوان المسلمين في مصر نقطة تحول سجلت انتكاسة في مسار السياسة الخارجية لقطر. بيد أن استحواذ الإمارة النفطية على مزيد من الشركات العالمية أو المساهمة فيها، ليس دونه أهداف سياسية ودبلوماسية حصرية، بل يدخل أيضا في سياسة تنويع اقتصاد البلاد واستثمار الموارد المالية الهائلة للاستعداد لمرحلة ما بعد النفط والغاز.