تشهد صناعة الحبوب المخدرة المعروفة بالكبتاغون والاتجار بها ازدهارا لافتا في لبنان وسوريا خلال السنوات الأخيرة، فيما نجحت الأجهزة الأمنية في إحباط عمليات تهريب ضخمة من البلدين باتجاه الأسواق الخليجية تحديدا.
ويقول مصدر أمني لبناني “تحوّل كل من لبنان وسوريا إلى معبر لتهريب الكبتاغون إثر اندلاع الأزمة السورية”، موضحا أن “هذه المادة ليست وليدة السنوات الخمس الأخيرة لكن هذه التجارة الممنوعة ازدهرت خلال هذه الفترة وبات لبنان بلد تصدير”.
ورغم أن صناعة الكبتاغون ليست جديدة في البلدين إلا أنها باتت أكثر رواجا، واستخداما وتصديرا، منذ اندلاع النزاع السوري في العام 2011.
ويروي مقاتل سابق في سوريا موجود في لبنان أنه كان وزملاؤه يتعاطون هذه الحبوب المخدرة باعتبار أنها “تزيل التعــب والخوف وتجعلهم مستيقظين لفترة طويلــة”، مضيفـا أنها كانت تمنحهم “الشجاعــة وطاقة منقطعة النظير”.
ويشير إلى أن “بعض الفصائل المعارضة تُسهّل تصنيع حبوب الكبتاغون بشرط تهريبها إلى الخارج بقصد تمويل عملياتها، لكنها تمنع عناصرها من تداولها”.
وبحسب السلطات السورية، فإن مصانع الكبتاغون موجودة في المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام، لا سيما في منطقة حلب (شمال) الحدودية مع تركيا وريف دمشق.
أما في لبنان، فتنشط مصانع حبوب الكبتاغون في مناطق عدة أبرزها وفق المصدر الأمني، في البقاع (شرق) وخصوصا بلدتي عرسال وبريتال الحدوديتين مع سوريا، وفي شمال البلاد وتحديدا في منطقة وادي خالد الحدودية مع سوريا. كما كانت هناك مصانع معروفة تُنتج كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون في منطقة فليطا السورية الحدودية مع لبنان.
ويوضح مصدر أمني لبناني أن “مصانع حبوب الكبتاغون ليست بحاجة إلى مساحة كبيرة، ويُمكن إنتاج الملايين من الحبات داخل سيارة رابيد من دون إثارة أي ضجة”.
ونقل تجار الكبتاغون السوريون معدّاتهم إلى لبنان دون عناء، لأنّ تصنيع هذه الحبوب لا يحتاج إلى معدّات ضخمة، بل يحتاج فقط إلى ماكينة للشوكولاتة، يُخرط لها قالب خاص بالحبوب بدلا من القالب المخصّص للشوكولاتة، وتصبح صالحة للصناعة، فتنتج نحو 700 حبّة في الدقيقة، ومن السهل تهريبها من بلد إلى آخر لأنّها تُستورد لاستعمالات شرعية معروفة.
وترتكز عمليّة التصنيع على إضافة مادة كيميائية منبّهة مركّبة من مادَّتي “التيوفيلين” و”الأمفيتامين”، وهي مادتان مستعملتان في صناعة الأدوية.
ويعمد بعض التجّار والمروّجين إلى إدخال مكوّنات أخرى في تركيبة حبوب الكبتاغون لزيادة مفعولها النفسي والبيولوجي، كمادة الهروين أو المورفين أو الكوكايين. وتكمن خطورة هذه الحبوب في أنّها ليست نبتة تزرع وتُرى بالعين وتتلفها الدولة، بل إن تصنيعها أسهل من طبخ الكوكايين والهروين، والأخطر أنّ هناك صيادلة يستوردون المواد الأوّلية للتصنيع ويَبيعونها للمصنّعين.
ويقول أحد مصنّعي حبوب الكبتاغون في منطقة البقاع رافضا الكشف عن هويته إن “صناعة الكبتاغون تحتاج إلى مادة الأمفيتامين التي يتم الحصول عليها من أحد أنواع البنزين بعد تحويله كيميائيا إلى مازوت بإضافة السبيرتو ثم أسيد الستريك، ثم يتم تجفيف هذا السائل اللزج الذي يتحول إلى الأمفيتامين”.
ويشرح أن “12 لترا من البنزين تنتج نحو ثمانية كيلوغرامات من الأمفيتامين، ثم تضاف إليها مواد أخرى أبرزها كيلوغرامات عدة من الكافيين السائل واللاكتوز، وبعد طحن هذه المحتويات معا وتجفيفها مجددا، تنقل إلى آلة معدة لصنع السكاكر تنتج الحبوب عبرها”.
وتعتبر عملية تهريب حبوب الكبتاغون سهلة مقارنة ببقية أنواع المخدرات، لأنّ الكلاب البوليسية لا تشمّ هذه الحبوب، ولا يمكن أن يتم ضبط المهربين إلا عبر “السكانر” أو بعض المعلومات من المخبرين.
ويلجأ المهرّبون إلى أساليب ذكيّة لإخفائها وتهريبها من المطار والمرافئ، فيخفونها داخل حقائب السفر، أو في أكياس من البنّ أو داخل أرغفة خبز، أو في علبة حلوى، أوداخل شجرة ميلاد أو رجل ثلج من الفلّين.
وتؤكد بيانات مكتب الأمم المتحدة لمنع الجريمة ومكافحة المخدرات أن الشرق الأوسط ظهر في السنوات الأخيرة كسوق جديدة رئيسية يكثر فيها الطلب على حبوب الكبتاغون.
ويقول المصدر الأمني اللبناني “حبوب الكبتاغون ليست ذائعة الصيت في لبنان وحجم الطلب عليها لا يُقارن بباقي أنواع المخدرات، نظرا لارتفاع سعرها الذي يتراوح بين خمسة وعشرة دولارات للحبة الواحدة”.
ويوضح أن “معظم عمليات التهريب التي يجري ضبطها تكون متوجهة إلى الخارج، أما الموقوفون في عمليات التهريب هذه، فمعظمهم سوريون ولبنانيون”. ويضيف أن “سبب استهلاك هذا النوع من المخدر تحديدا يعود إلى الاعتقاد بأنه مقوّ ومنشّط جنسي فاعل جدا”.