Site icon IMLebanon

استقالة أم لا؟

كتبت صحيفة “النهار” ان هذه الحكومة التي تمكنت بشق النفس من التكيف والتعايش مع أقسى التجارب التي عرفها لبنان منذ أكثر من سنتين من عمرها وسط فراغ رئاسي يطل بدوره في ايار المقبل على استهلاك سنتين من الازمة الرئاسية بدت في الساعات الاخيرة مهددة فعلاً بالسقوط بالضربة القاضية، لا على خلفية أي من الملفات السياسية أو الامنية الكبرى الداخلية أو الخارجية، بل بسبب أزمة النفايات المستعصية على أي حل.

والواقع ان المعطيات التي تجمعت أبرزت سباقاً حقيقياً وجاداً مع الوقت، بل مع مهلة يبدو ان رئيس الوزراء تمام سلام قد حددها ضمناً لمختلف القوى السياسية سواء كانت مشاركة في الحكومة أو من خارجها وحدودها المبدئية الاثنين المقبل للحصول على الاجوبة القاطعة والواضحة عن خطة اعتماد المطامر وفق توزيع مناطقي يجري العمل على ترسيخه وجمع الموافقات السياسية عليه ضمن رزمة اجراءات أخرى منها وضع الحل المستدام الى جانب الحل المرحلي بما ينفي عن الخطة الاستكانة الى المطامر وحدها.

واذ تطرح مع خطة المطامر الحوافز التي تساعد القوى السياسية المترددة أو المتخوفة من استفاقة الردود الشعبية الرافضة للمطامر في هذه المنطقة أو تلك فان الحقائق التي تملكها اللجنة الوزارية المكلفة ملف النفايات والتي تعقد اجتماعاتها المتواصلة برئاسة الرئيس سلام باتت أمام وقائع كارثية لأزمة النفايات بكل المعاييرالصحية والبيئية والاجتماعية لن يكون ممكناً في ظلها المضي في مزيد من التأخير والمماطلة والمماحكة لان الاسبوع المقبل ينذر بتداعيات خطيرة وباشتعال الاحتجاجات مجدداً في الشارع في حال عدم حسم الامر مطلع الاسبوع.

أوساط قريبة من رئيس الوزراء قالت لـ”النهار” إن الرئيس سلام لم يتردد في التأكيد ان موضوع الحكومة سيكون مطروحا بجدية كاملة بما يتجاوز تعليق جلسات مجلس الوزراء وانه ما لم يخرج حل أزمة النفايات مع الموافقات المطلوبة فلن تبقى الحكومة وانه سيستقيل.
ولعل المفارقة الأخرى التي طبعت تطورات هذه الأزمة على مشارف الفصل النهائي من المحاولة الجديدة لحلها تمثل في تسابق عدد من الوزراء على اضفاء أجواء تشاؤمية على الاحتمالات التي تتجه نحوها الازمة. ذلك ان وزير الاتصالات بطرس حرب الذي سبق له ان لوح في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء بالاعتكاف عن حضور الجلسات، كرر ذلك أمس معتبرا انه لا فائدة من بقاء الحكومة وعليها الاستقالة اذا اعلنت عجزها عن حل المشاكل الحياتية. كما ان وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لفت الى ان الرئيس سلام اعطى مؤشراً واضحاً من خلال عدم تحديد جدول الاعمال أو موعد للجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، مضيفاً ان مصير الحكومة مرهون بحل أزمة النفايات. اما النائب أغوب بقرادونيان وفي ما يتعلق بموضوع مطمر برج حمود، فقال إن الايجابية لا تعني الموافقة وليطرحوا مشروع ازالة جبل النفايات مع سنسول ومطمر وحوافز ودراسة اثر بيئي وحينها ندرس خياراتنا.

وأكدت مصادر السراي الحكومي لـ”اللواء” أن لا تطورات جديدة حصلت خلال الساعات الماضية بشأن حل الأزمة، وبالتالي فإن الرئيس سلام لن ينتظر طويلاً، حيث من المتوقع أن يكون له موقف واضح قبل منتصف الأسبوع المقبل لتحديد خياراته، خصوصاً وأن الأمور لم تعد تحتمل، مشيرة إلى أن ما أعلنه خلال جلسة مجلس الوزراء هو إعلان جدّي بذهابه إلى أبعد من تعليق الجلسات، أي إلى الاستقالة، خاصة وأن الرئيس سلام تحمّل الكثير من خلال العواصف العاتية التي تعصف بالبلد، ولكن في النهاية للصبر حدود.

بدورها، أكدت أوساط الرئيس تمام سلام لصحيفة ”السياسة” الكويتية أن الاستقالة باتت أقرب من أي وقت مضى، إذا لم تتحمل القوى السياسية مسؤولياتها على صعيد التوصل إلى الحل المنشود لملف النفايات الذي يشكل فضيحة مدوية يتحمل مسؤوليتها جميع القوى السياسية.

من جهته، أكد وزير الاقتصاد والتجارة الان حكيم ان الرئيس تمام سلام لا يناور في تهديده بالاستقالة اذا لم يتوصل مجلس الوزراء الى حل جذري في ازمة النفايات، مشيرا الى ان الرئيس سلام ما عاد باستطاعته السكوت عن تحميل حكومته اخطاء البعض ومسؤولية فشلهم في استنباط الحلول، وهو بالتالي لن يتردد خلال الايام المقبلة في تلاوة بيان استقالة الحكومة وانتقالها الى تصريف الأعمال، خصوصا انها حكومة حبلى بالملفات المتفجرة التي لا حلول لها في ظل الانقسام السياسي والحادة بين الفرقاء اللبنانيين.

وسط هذه الأجواء، كشفت مصادر وزارية مطلعة في بيروت لصحيفة “عكاظ” السعودية أن استقالة الحكومة ورغم التلويح بها غير جدية حتى الآن، لأن مكونات الحكومة تدرك مخاطر الأوضاع التي تعصف بلبنان هذه الفترة. لافتة إلى أن ملف النفايات سيجري التوافق حوله ما يشكل غطاء لاستمرار الحكومة.