كتب ايلي الفرزلي في صحيفة “السفير”:
لم تكن زيارة “حزب الطاشناق” إلى بيت الوسط مفاجئة. العلاقة بين الحزب الأرمني الأكبر في لبنان وبين تيار “المستقبل” قديمة، وإن شهدت بعض الفتور منذ العام 2005. لكن بالرغم من كل المطبات التي شهدتها العلاقة بين الطرفين، لا سيما تبنّي “المستقبل” لحزبَي “الهانشاك” و”الرامغفار” وأخذهما تحت جناحيه في بيروت، حيث واجه معهما لوائح “التيار الوطني الحر” و”الطاشناق” وحلفائهما، وأدى عملياً إلى غياب التمثيل النيابي للحزب في بيروت، منذ العام 2005، إلا أن العلاقة بينهما ظلت هادئة. لم تنحدر يوماً إلى مستوى علاقة “المستقبل” مع كل قوى “8 آذار”، حيث الصراع يأخذ طابعاً علنياً وحاداً.
في الانتخابات البلدية، لم يستطع “المستقبل” تخطي حيثية الحزب الأرمني الأكبر، ولأن “التيار” حافظ على ما أرساه الرئيس رفيق الحريري من مناصفة في المقاعد البلدية، فقد كانت اللوائح الائتلافية المعبر الإلزامي للانتخابات، التي أسفرت عن فوز “الطاشناق” بمقعدَين بلديين من أصل ثلاثة للأرمن.
في زيارة بقرادونيان إلى بيت الوسط، أمس الأول، حضرت ثلاثة عناوين. وبالرغم من أن ملف النفايات، لا سيما مسألة فتح مكب برج حمود كانت بوابة اللقاء ومبرره الأبرز، إلا أنها كانت مناسبة لإثارة كل الملفات المشتركة، لا سيما منها الانتخابات البلدية والرئاسية.
في ملف النفايات، تم الاتفاق، مبدئياً، على فتح مكب برج حمود. وإن رفض بقرادونيان التأكيد أن الأمر صار بحكم المنجز، إذ اعتبر أن فتحه مرتبط بتقديم الحكومة لاقتراحات عملية توضح مدى الجدية والمهل الزمنية المعتمدة، قبل إعطاء الموافقة النهائية عليه.
أما في موضوع الانتخابات البلدية، فعلمت “السفير” أن الطرفين أبديا استعدادهما لتكرار تجربة 2010، بحيث يصار إلى إعلان لائحة ائتلافية يحافظ فيها “الطاشناق” على حصته السابقة (مقعدان)، علماً أن بقرادونيان نقل عن الحريري، بعد اللقاء، تشديده على ضرورة المحافظة على المشاركة والمناصفة في بلدية بيروت”.
ولأن الحريري لا يزال يحافظ على اندفاعته لانجاز الاستحقاق الرئاسي، فقد جرى النقاش في ضرورة توحيد كل الجهود لإنهاء الشغور الرئاسي والتوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أقرب فرصة ممكنة، مع تأكيد بقرادونيان أن “الموضوع يحتاج الى نضوج أكثر”.
وعملياً، فقد باع الأخير لمضيفه سمكاً بالماء، معلناً أن “الطاشناق” مستعد للنزول إلى الجلسة إذا كان حضوره يؤمن النصاب. وقد أشار، رداً على سؤال، إلى أنه “عندما يصل عدد النواب الحاضرين الى 84 نائبا، عندها من المؤكد ان الوزير ارتور نزاريان وانا سنكمل النصاب ليصل الى 86 نائبا”. يعرف بقرادونيان، كما الحريري، أنه عندما يتأمن حضور 84 نائباً، فذلك يعني أن الاتفاق قد أنجز وأن العدد سيتخطى المئة نائب، ولن يكون النصاب مرهوناً بحضور نائبي “الطاشناق”. وبالرغم من أن “المستقبل” يعتقد، دفترياً، أن بإمكانه أن يؤمن حضور 85 نائباً، في حال شاركت كتلة النائب سليمان فرنجية، لكنه عملياً لا يزال هذا الرقم هو شيك من دون رصيد يحمله الحريري بيده، لكنه لن يستطيع صرفه، إلا برضى الجميع، بغض النظر عن أدوار كل طرف من أطراف “8 آذار”.