IMLebanon

زغرتا: زمن الصوم يرفع أسعار الحشائش

herbs
حسناء سعادة

«سليق، هندباء، خبيزة، هليون»، يعلو صوت ميشال في الأحياء والشوارع الضيقة في زغرتا، حيث يجول بين المنازل ليبيع غلة ما جنته عائلته من خيرات أرض الضنية المجاورة لزغرتا، وهو في الأساس من عاصون قضاء الضنية، إلا ان تجارته رائجة في زغرتا، ولا سيما في زمن الصوم حيث لا يأكل الأهالي اللحوم.
يعتبر «السليق» الأكلة المفضلة عند الزغرتاويين في زمن الصوم. لا يخلو منزل منها ولا يطيب الأكل من دونها، إنها أكلة مؤلفة من مجموعة من الحشائش وهي كانت حتى الأمس القريب «أكلة الفقراء»، لكنها باتت على كل طاولة من طاولات زغرتا، فيما يرتفع سعرها باطّراد نظراً للإقبال عليها، فمن ثلاثة آلاف ليرة للكيلو لامس اليوم السبعة آلاف ليرة، فباتت تجارة رابحة، ولا سيما للنازحين السوريين الذين يتوزعون في الحقول لجمع السليق على أنواعه، فمن القريصة إلى الكرات إلى الخبيزة إلى القرصعني تتنوّع الأسماء، لكنها أكلة واحدة تتم إضافة البصل والزيت إليها، فتغدو من ألذ الأطعمة، ولا سيما أنها تنبت طبيعياً ولا تحتاج الى أسمدة أو مبيدات.
تتفحّص سلمى أكياس النايلون على عربة ميشال وتختار الكيس الذي تعتبر أن الكرات فيه أكثرية، تقول انه يعطي طعماً ألذ للطبخة وتسأل عما اذا كانت الغلة من أماكن عالية كي لا تصلها مياه المجارير ما يدفع ميشال الى رفع صوته، مؤكداً أن حشائشه لا يعلو على أصنافها أي صنف آخر وأنها من أعالي جبل عاصون، حيث ترتوي بمياه الأمطار فقط.
أكثر من دكان خضار بات يبيع السليق على انواعه في زغرتا، وتقول أم يسر وهي نازحة سورية في زغرتا انها تقصد الحقل يومياً لتأتي بما يوازي 5 كلغ من السليق أي بما يعادل 25 ألف ليرة تضعها في دكان ابو منصور ليبيعها مع بعض الزيادة عليهم لربحه، وتشتري بالمقابل بثمنها ما تحتاجه عائلتها، مشيرة الى انه إضافة الى السليق يفضل الزغرتاويون الهليون والخبيزة التي تعتبر شافية للكثير من الالتهابات بنظرهم، مشيرة الى أن للهليون أربابه فهو مرتفع السعر بعكس السليق الذي يباع منه الكيلو بخمسة آلاف ليرة، فيما ربطة الهليون الصغيرة بخمسة آلاف ليرة، شاكرة الطبيعة التي تغدق خيراتها من دون منة فتسمح للفقراء بتأمين قوتهم، مشيرة إلى أن هذا العمل موسمي وأنها تعتاش من أعمال أخرى بقية السنة.
سيدة زيدان تقول إنها تتكل على الطبيعة لتؤمن معيشتها، مشيرة إلى أنها تهتم ربيعاً وصيفاً ببيع أوراق العريش وشتاءً ببيع السليق الذي لا تقبل إلا أن يكون صنفه «باباً أول»، وعندما نسألها كيف يكون باباً أول وهو ينبت في الطبيعة تؤكد أن سليقها لا تأتي به من الأماكن المنخفضة بل من أعلى الجبال، لذلك فإن نوعيته أفضل وأطيب، مبدية أسفها كون الهجمة الباطونية طالت الاأراضي كافة «فبالكاد نجد اليوم مساحة خضراء كبيرة». وتوضح ان السليق من الأكلات المفضلة للزغرتاويين في زمن الصوم، لذا فإن بيعه سهل في هذه الأيام وان كان سعره مرتفعاً نسبةً إلى كلفته.
يشكل السليق مورد رزق للعديد من السيدات الزغرتاويات وللنازحات السوريات ايضاً، وهو اليوم موجود في معظم دكاكين الخضار، فيما كان جنيه في السابق يقتصر على عدد من السيدات اللواتي يعتشن من بيعه، إلا أن هذا الإقبال على الشراء وكثرة العرض لم يفلحا في تراجع أسعاره، فيما بات يعتبره البعض تجارة رائجة لا تحتاج الى رأسمال بل إلى سكين وعدد من أكياس النايلون لوضع الغلة المؤلفة من أعشاب برية والشطارة على ما تقول ام سيمون في اختيارها لأن البعض منها غير صالح للأكل.