عزة الحاج حسن
تعصف تصنيفات الوكالات الدولية باقتصادات دول الخليج العربي، فتُخفض نظرتها لمعظم دول الخليج بين درجتين أو درجة في أفضل الأحوال، دون أن تنفد منها أي دولة تعتمد بموازنتها على إيرادات النفط.
فالإنخفاض الحاد لسعر برميل النفط واستمرار مراوحته مؤخراً في محيط 30 دولاراً والنظرة السلبية التي أحاطت بمستقبل سوق النفط العالمية، انعكست سلباً على موارد اقتصادات دول الخليج وهدّدت معدلات نموها وبعض موازناتها، الأمر الذي دفع بوكالات التصنيف الدولية الى تعديل نظرتها في تلك الدول بشكل دراماتيكي.
وقد استندت وكالات التصنيف الدولية في خفض نظرتها لاقتصادات دول الخليج العربي، على تراجع الفائض المالي في موازنات تلك الدول، وتوجّه بعضها الى الإستدانة من الأسواق الدولية، وسط توقعات بارتفاع الدين العام في بعضها الآخر لاسيما أن الدول النفطية مستمرة في إتمام مشاريعها التنموية والإقتصادية عموماً، وهو ما يشير الى تسجيل عجز حتمي في بعض موازناتها خلال السنوات المقبلة.
وكالة “ستاندرد اند بورز” للتصنف الإئتماني (S&P) كانت اكثر قسوة في تقييم اقتصادات دول الخليج العربي من نظيرتها وكالة موديز (Moody`s) ، إذ عمدت ستاندرد اند بورز الى خفض تصنيفها للدين السيادي طويل الأجل للمملكة العربية السعودية نقطتين من A+ إلى A-، كما خفضت الوكالة نفسها (S&P) تصنيف اقتصاد البحرين من BBB- الى BB، واقتصاد سلطنة عمان من BBB+ الى BBB-.
أما دولة قطر فغرّدت خارج سرب دول الخليج، نوعاً ما، إذ نالت من وكالة ستاندرد آند بورز تأكيد لتصنيفها الإئتماني عند AA/A1+ مع نظرة مستقبلية مستقرة، وفي حين توقعت الوكالة تحول الوضع المالي الخارجي لقطر إلى العجز بدءاً من العام 2016، رأت أنه يمكن لقطر أن تمول العجز المالي، الناتج عن انخفاض أسعار النفط والغاز والإنفاق الكبير على البنية التحتية، من خلال الديون فقط، وتحسم الوكالة نظرتها باقتصاد قطر بعبارة “أن الاقتصاد القطري سيظل صامداً”.
اما كالة موديز الدولية فقد بدّلت نظرتها الى اقتصاد المملكة العربية السعودية، ووضعت تصنيفها لهاAA3 قيد المراجعة من أجل احتمال خفضه في حال خلصت المراجعة إلى أن الخطط الحكومية لن تكفي على الأرجح للحفاظ على قوة الاقتصاد والميزانية العمومية، كما توقعت الوكالة ارتفاع عجز ميزان المعاملات الجارية بالمملكة إلى نحو 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.
كما وضعت موديز تصنيفها للإمارات العربية المتحدة AA2 قيد المراجعة أيضاً من أجل خفض محتمل، مستندة على أن الإمارات تعتمد على الهيدروكربونات بشكل أساسي لدعم النمو الاقتصادي وتمويل الانفاق الحكومي.
كذلك وضعت وكالة موديز تصنيف الكويت AA2، وقطرAA2 قيد المراجعة من أجل الخفض، وتوقعت أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لقطر في المتوسط نحو 3.6 في المئة حتى العام 2019 أي بانخفاض كبير مقارنة مع متوسط نمو تجاوز 6 في المئة بين عامي 2011 و2015، في حين أنها رأت أن تركيز الحكومة القطرية على مشروعات البنية التحتية من الممكن أن يدعم النمو الحقيقي في السنوات الأربع المقبلة.
خفض تصنيف اقتصادات دول الخليج وإن كان يشير الى أزمة حقيقية ويستلزم خفضاً في الإنفاق العام، غير أنه لا ينفي نظرة البعض الى أن تلك الدول لا زالت تمتلك المقومات الداعمة لاقتصاداتها والتي ستمكّنها من مواجهة أزمة النفط.