IMLebanon

لهذه الأسباب لن يعود رئيس “المردة” إلى الوراء

 

sleiman-frangieh

 

 

كتبت كلير شكر في صحيفة “السفير”:

ليس مستغرباً أن يقف سليمان فرنجية أمام «شريكه الجديد» سعد الحريري الذي يطالبه بالنزول الى البرلمان ورفع منسوب المشاركة النيابية لتصيب حجر النصاب القانوني وافتتاح الجلسة المنتظرة منذ ما يقارب السنتين، فيردّ الطلب بوضوح وشفافية، مع أنه بات في مصاف المرشحين الجديين، رابطاً قراره بموقف حلفائه.. وتحديداً «حزب الله».

الرجل ليس من قماشة المراوغين ولا الملتفّين على الكلام والتعابير، لا بل يفضّل قول الأشياء كما هي حتى لو أوقعته في مطبات اللغة. ولهذا لم يكبد نفسه حتى عناء تجميل «رفضه»، لأنّه قرار استراتيجي يتصل بالتحالف السياسي الذي ينتمي اليه، وهو لن ينقضّ على تفاهمه مع رفاق الدرب.

أن ينال «البيك» دعم الحريري الذي يسجّل معه تاريخاً حافلاً من الخصومة، لا يعني أبداً أنّه سيغمض عينيه عن ثوابته وخياراته السياسية وسيغضّ الطرف عنها، ولا يعني أبداً أنّه قرر الانتقال الى مربع وسطي يكسبه ودّ المحورَين الخصمين.

ها هو يعيد التذكير أنّه «ابن المقاومة» و»ابن هذا الخط» في عزّ الحملة التي تشنها السعودية على «حزب الله» حيث يفترض أنّ الرياض في صفه أو بالحد الأدنى لا تمانع انتخابه. هناك من اعتقد أنّ فرنجية قد تحمله رياح المسايرة الى التطنيش عن بعض المواقف الأساسية.. واذ به يثبت العكس.

ولكن في الوقت عينه، لا يُفهم من هذا الكلام أنّ فرنجية قرر العودة الى صفوف الاحتياط ولا التخلي عن ترشيحه كما تشتهي الرابية عملاً بقاعدة رفضها تجاوز «الميثاقية» التي أعاد تفاهم معراب ترسيم حدودها.

في ميزان المتحمسين لمبادرة باريس، النظرة مختلفة كلياً، والاعتبارات التي تدفع فرنجية للتمسك بترشيحه لا تسمح له بأن يخطو الى الوراء ولو تكتياً، وانما تدفع به ليثبت على هذه العتبة بانتظار تغيّر الظروف.

يقول هؤلاء إنّ الصفحة الجديدة التي فتحت مع الحريري لا تتصل بشخصه ولا بالتيار الذي يمثله فقط، وانما بكل محيط فرنجية السنيّ. عملياً دفع البيك ثمن زلزال اغتيال رفيق الحريري من خلال سحب اللوحة الزرقاء عن سيارته، ولكن من دون أن تخطف مكانته بين المسيحيين الشماليين تحديداً.

اليوم، تمكنت مبادرة باريس من طي هذه الصفحة وأعادت المياه الى مجاريها التاريخية بين زغرتا ومحيطها ومن خلفها القيادة «الزرقاء»، وهذا تطور جوهري في العلاقة يرفض فرنجية أن يرمي به في سلّة النفايات أو أن يضعه خلف ظهره.

لم يطلب فرنجية الترشيح لنفسه، أسوة بكل أدائه خلال السنوات الأخيرة، ولم يعلن أبداً انتقاله الى مرتبة مرشح الا بعدما قدّم سعد الحريري هذه «الفرصة الجدية» التي يثبت يوماً بعد يوماً أنها خالية من «سمّ المناورة».

وهو لا يزال عند موقفه من الوقوف خلف ترشيح العماد عون طالما للأخير حظّ في الوصول، ولكن عدم ربط هذا «الحظ» بمهلة زمنية أو بخطة بديله، يعني تعريض الترشيحَين للحرق الذاتي.

كما أنّ ترشيح فرنجية يحظى بغطاء بكركي، وحماسة يبديها الكاردينال بشارة الراعي لصالحه، فضلاً عن انضمام شخصيات مسيحية مستقلة لها مكانتها في مناطقها الى قافلة المؤيدين.

وقد يكون بسبب هذه المعطيات مجتمعة لا يزال التباين بين الجنرال والبيك قائماً. فالأول يرى أنّ مسلسل التنازلات الذي بدأه الحريري ووصل به الى حدّ تبني ترشيح فرنجية، سيدفع به عاجلاً أم آجلاً الى وضع بطاقته على طاولة الرابية تأييداً لسيدها لأن لا مفر أمامه سوى القبول بهذه المعادلة، خصوصاً أنّ سمير جعجع صار شريكاً أساسياً فيها.

أما رئيس «المردة» فيرى أنّه طالما أنّ زعيم «المستقبل» دق بابه فهذا يعني أنّ احتمال ترئيس «المسيحي الأول» صار صعباً ان لم يكن مستحيلاً، ولهذا يريد منه اعترافاً بخطة بديلة توفر له غطاء التأييد في حال لم يتمكن الجنرال من اقناع الحريري بترشيحه.

يصرّ المتحمسون لمبادرة باريس على الإشارة الى أنّ فرنجية صار نقطة استقطاب وطني بعدما وضع أصوات «الزرق» في سلّته بفعل المصالحة مع هذا الجمهور، من دون أن يدير ظهره لتحالفه مع أهل المقاومة، لا بل على العكس، فقد تعزز التنسيق اليومي مع الرئيس نبيه بري، مع العلم وكما سبق وأشار السيد حسن نصر الله وفرنجية، فإنّ اللقاء في فرنسا كان منسقاً مع الحلفاء وليس على غفلة منهم.

كل هذه الخلاصة تضاف الى نقطة أساس، قد تكون «كل الفرق»، وهي عدم ممانعة الدول الغربية لترشيح فرنجية، كما يرى المتحمسون للمبادرة الباريسية.. فكيف يمكن له بعد هذه الجردة أن يحرق نفسه بيديه؟