تحدث المحلل السياسي والعسكري الإسرائيلي تسفي بارئيل في تقرير له في صحيفة “هآرتس” عن خطة روسية مفصلة لتقسيم سورية الى دويلات عدة ضعيفة مهلهلة.
وكتب بارئيل أن الأكراد والأميركيين يؤيدون الفكرة الروسية لتقسيم سورية الى مناطق حكم ذاتي، لكن السعودية وتركيا تعتبران أن هدف موسكو هو اضعاف تأثيرهما في المنطقة، والشعب السوري سيدفع الثمن، مشيراً الى ان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ألقى في الأسبوع الماضي قنبلة سياسية، عندما قال: “اذا قرر السوريون أن تكون سورية دولة فيديرالية، فلا أحد يمكنه منع ذلك… آمل أن الاطراف المشاركة في المفاوضات تقوم بفحص فكرة الفيديرالية”.
فجأة الجميع يتحدثون عن الفكرة الروسية الجديدة، تقسيم سورية الى كانتونات على نمط سويسرا واقامة حكم فيديرالي مع مقاطعات فيها حكم ذاتي، كحل محتمل للأزمة السورية. التقديرات التي لم يتم نفيها حتى الآن هي أن الادارة الاميركية ايضاً، في ظل غياب خطط عمل بديلة، لن تعارض. هذا رغم تأييد الاميركيين حتى الآن لاقامة حكومة سورية تسيطر على سورية موحدة مثل العراق.
واضاف المحلل الإسرائيلي ان “المغزى الفعلي للاقتراح الروسي اذا تحقق، هو أنه ليس الاكراد في سورية فقط يمكنهم السيطرة على مقاطعة فيها حكم ذاتي والتي أعلن عنها، بل ايضاً تكون للعلويين مقاطعة خاصة بهم. والمقصود كما يبدو مقاطعة اللاذقية التي فيها ايضاً المعسكرات البحرية وغالبية المعسكرات الجوية لروسيا. ويبدو أن مقاطعة درعا ايضاً في الجنوب ستحظى بحكم ذاتي”.
وتابع ان “ميزة هذه الخطة، حسب مؤيديها في سورية، هي أن صلاحيات الأسد ستقلص وتقتصر سيطرته على السياسة الخارجية والدفاع عن الدولة في مواجهة الاعداء الخارجيين. في المقابل، خوف المعارضة، كما عبر عنه جورج صبرا وهو أحد الاشخاص البارزين، هو أن اهداف روسيا تلتقي مع اهداف اعداء سورية، من اسرائيل وحتى طهران. روسيا في حينه يمكنها البقاء في سورية بشكل دائم وبشكل رسمي تقريباً، أما ايران فستستمر في فرض الاجراءات السياسية داخل الدولة عن طريق الاسد”.
وحسب بارئيل فان “الأمر الطبيعي أن الاكراد في سورية الذين يحظون في الأيام الأخيرة بالهدوء من هجمات الجيش السوري ويظهرون كمتعاونين مع النظام، يؤيدون الفكرة. وحدات حماية الشعب نجحت خلال الايام الماضية في السيطرة على أحد الطرق المهمة التي تربط بين حلب المحاصرة وبين ادلب التي توجد تحت سيطرة المتمردين. وبهذا يستكمل الأكراد الحصار الذي فرضه الجيش السوري على حلب. هذه السيطرة لا تساعد الجيش السوري فقط بل تعطي الأكراد مناطق جغرافية تربط بين مناطق الحدود مع تركيا التي يسيطرون عليها وبين الجزء المركزي لسورية. هذا التطور يعتبر في نظر تركيا تهديداً حقيقياً لاستراتيجيتها التي تقضي بمنع سيطرة الأكراد على منطقة الحدود بين تركيا وسورية. هدف الاتراك هو منع الأكراد من انشاء تواصل يجد الأرضية لمنطقة كردية ذات حكم ذاتي مثل المنطقة الكردية في العراق”.
في المقابل، تجد تركيا نفسها الآن في صراع ثلاثي. أهمه ضد الأكراد وضد تعزيز العلاقات بين واشنطن والأكراد. حيث يحصل الأكراد على مساعدات مالية وسياسية من الولايات المتحدة، على أمل أن يكونوا هم القوة الحربية الأساسية ضد “داعش” في سورية، لا سيما طرد “داعش” من الرقة. الصراع الثالث لتركيا موجه الى روسيا التي تدهورت العلاقة معها في اعقاب اسقاط الطائرة الروسية في تشرين الثاني.