ذكرت الوكالة “المركزية” أنّه خلافاً للاجواء التشاؤمية ازاء تضييع لبنان فرصة الهبة السعودية لتسليح الجيش، يبدي نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل تفاؤلا حذرا في اتجاه عودة المياه الى مجاريها وزوال التشنج في العلاقات بين لبنان والسعودية، منطلقا من كلام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير من فرنسا السبت الماضي لجهة تسليم سلاح الهبة المستمر تصنيعه في فرنسا الى الجيش السعودي. ويستند وزير الدفاع في تفاؤله الى علاقات الاخوّة بين الدولتين الشقيقتين التي لا يمكن الا ان تستوي والى المدى الزمني لتسليم سلاح الهبة وفق لائحة مطالب قيادة الجيش بعد ثلاثة أشهر ستكون خلالها “غيمة الصيف” عبرت والعلاقات عادت الى سابق عهدها.
بيد ان مقبل لا ينفك يؤكد ان على اللبنانيين ان يتكلوا على أنفسهم لقيام دولتهم من خلال تحقيق الوفاق الوطني بين جميع المكونات والالتفاف حول مصلحة لبنان العليا قبل اي بلد آخر استنادا الى مقولة “ساعد نفسك اولا فيساعدك الله”، واذا لم نبدأ بمساعدة انفسنا عبثا نحاول. فالتفاف اللبنانيين حول المؤسسة العسكرية يمدها بالدعم المعنوي البالغ التأثير في حربها ضد الارهاب خلافا لمحاولات اقحامها في بازار السياسة وتداعياته السلبية، ويقول انه بحث مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أهمية التعاون بين اللبنانيين و”الاتكال على أنفسنا لنهضة الوطن”، من هنا كان اقرار مشروع القانون الذي اعدته قيادة الجيش في عهد الرئيس ميشال سليمان متضمنا خطة مالية لتويل المؤسسة العسكرية من اجل شراء السلاح من الخارج تمتد على خمس سنوات بلغت قيمتها نحو 1،6 مليار دولار بما يتيح للمؤسسة عقد صفقات لشراء الاسلحة وفق حاجاتها، وعدم انتظار مساعدات الخارج.
ويجزم وزير الدفاع بأنه لم يراجع قرار وقف الهبة مع اي مسؤول في الخارج، ما دام يدرك ان خلفياته سياسية وليست عسكرية او تقنية، ويراهن في هذا المجال على محبة الخليجيين وفي شكل خاص السعوديين للبنان لتبديد الالتباس واستعادة الجيش هبة المملكة. واذ يشدد على ان ايران عرضت مرارا تقديم مساعدات عسكرية للجيش، يعتبر ان موقفه واضح في هذا الخصوص فهو لا يمكن ان يبحث في الشأ، ما دامت العقوبات لم ترفع بالكامل عن طهران، وهو حينما يتبلغ رفعها كاملة، يبادر الى وضع مجلس الوزراء في اجواء الرغبة الايرانية لاتخاذ القرار، مشددا على انه نقل موقفه هذا الى نظيره الايراني.
ولا يفوت الوزير مقبل مناسبة الاشادة بالدعم العسكري الاميركي للجيش اللبناني الذي لولاه لكان الوضع سيئا جدا وتحديدا في مجال مواجهة التنظيمات الارهابية على الحدود الشرقية، شاكرا للولايات المتحدة مساعداتها المستمرة للمؤسسة العسكرية. ويكشف عن تسلم دفعة جديدة من السلاح الاميركي للجيش بعد نحو ثلاثة اشهر من بينها طائرات “سوبر توكانو” الهجومية الخفيفة المختصة بالاسناد الجوي للعمليات البرية.
وفي الاسبوع المقبل، يعقد عدد من وزراء دفاع الاتحاد الاوروبي في النمسا اجتماعا للبحث في ملف النازحين السوريين وسبل مساعدة الجيش اللبناني، وُجّهت الدعوة الى الوزير مقبل للمشاركة فيه، لكنه ابلغ نظيره النمساوي، انه لن يشارك ليس لتسجيل موقف، لكن ترقبا لما قد يصدر عن المجتمعين من نتائج، فاذا كانت عملية وايجابية لمصلحة لبنان، يشارك في اجتماع وزراء الدفاع الاوروبيين في 15 الجاري، فتكون مشاركته مجدية وبناء على قرار واضح بالدعم، لان المطلوب افعال لا اقوال خصوصا ان حاجيات الجيش معروفة ولا مجال للغوص في تفاصيلها مجددا. ويلفت الى انه سيعرض بالتفصيل هذا الملف مع امين عام الامم المتحدة بان كي مون الذي يزور بيروت في 24 الجاري فيستقبله في وزارة الدفاع ويقيم غداء على شرفه .
وفي سياق متصل، يكشف مقبل لـ”المركزية” ان موفدا من وزارة الدفاع الفرنسية يرجح ان يكون مستشار الوزير لوي فاسي سيزور بيروت قريبا لمتابعة ملف الهبة السعودية للبنان.
لكن في المقابل، يركز وزير الدفاع على أهمية ابقاء الجيش في منأى عن الخلافات السياسية، ليتسنى له التفرغ لقضاياه المركزية وفي شكل خاص حفظ الامن ومواجهة الارهاب وضبط الحدود،مستغربا بعض المحاولات الهادفة الى اقحامه في ملفات لا تمت الى المؤسسة بصلة، كأزمة النفايات من زاوية تأمين المواكبة الامنية للشاحنات التي تقل النفايات الى المطامر، وداعيا الى حصر المهمة بقوى الامن الداخلي.
وينظر وزير الدفاع بكثير من التعجب الى ما يشيعه البعض عن خلافات مع قائد الجيش العماد جان قهوجي على خلفية التعيينات الاخيرة في المجلس العسكري، ويؤكد ان التعيينات صدرت بالاجماع وحملت توقيعه، داعيا الى عدم اللعب على هذا الوتر لانه يؤذي اللبنانيين جميعا، و”اجتماعاتي المستمرة مع القائد كفيلة بدحض هذه الشائعات المعروفة اهدافها”.
وفي معرض اجابته عما اثاره رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط حول بيع القاعدة البحرية للجيش اكتفى مقبل بالقول ان القاعدة للجيش منذ العام 1950 وستبقى كذلك لاسباب أمنية واستراتيجية ووطنية، ولا يمكن في اي شكل الغاؤها.
ويطمئن الى ان لا خوف على الاستقرار فالساحة الداخلية مضبوطة والجيش في كامل جهوزيته لمواجهة اي خرق او محاولة للعبث بالاستقرار، مشيرا الى انه في مجال متابعته للمساعدات العسكرية الخارجية من الدول الصديقة سيزور بريطانيا قريبا للتشاور مع المسؤولين في امكانات مد الجيش بالدعم العسكري علما ان بريطانيا قدمت سابقا ابراج مراقبة حدودية مجهزة بأحدث التقنيات واثبتت فاعليتها، غير ان لبنان ما زال يحتاج الى الكثير منها لضبط الحدود بالكامل.