IMLebanon

الأشجار تزهر وتثمر خسائر.. المزارعون قلقون

almonds-blossom

باسكال صوما

لم يعد مشهد الأزهار المتفتّحة باكراً، غريباً، ففي الواقع هذه الظاهرة تتكرر في الأعوام الأخيرة مع تغيّر المناخ وتأثير الاحتباس الحراري على الطبيعة ومكوّناتها. فمن يمشي بين بساتين اللوز والدراق والجرانك وغيرها من الأشجار المثمرة، يشعر أنه في أواخر نيسان مثلاً، لا في بداية آذار، إذ إنّ معظم الأشجار أزهرت وتكاد تكون جاهزة لتثمر عمّا قريب.
هذا الربيع المبكر، يبعث المزارعين على القلق، ويضعهم في حالةٍ من الترقّب وانتظار ما ستؤول إليه الأحوال الجوية في الأيام المقبلة، إذ يتخوّفون من موجة صقيع وجليد من شأنها أن تقضي على مزروعاتهم، لا سيما الخضار الشتوية والاشجار المثمرة التي أزهرت. فمن الجنوب إلى البقاع وصولاً إلى الشمال، مروراً بكلّ المناطق الزراعية، المشهد السورياليّ واحدٌ أوحد، أشجارٌ مزهرة في غير أوانها وخضرٌ شتوية زُرعت أيضاً باكراً هذا العام بسبب الحرارة المرتفعة التي وصلت في شباط، على خلاف التوقعات.
نقيب الاشجار المثمرة عمر الخطيب يشارك المزارعين خوفهم ويقول لـ «السفير» إنّ «هناك خوفاً كبيراً على المزروعات هذا العام، لا سيما بعض الاشجار المثمرة كالتفاحيات والدراق والخوخ المعتادة على المياه، ومع موجة الجفاف وقلّة الامطار، هناك قلق كبير بشأنها وعلى ثمارها، خصوصاً أنّ هناك آباراً جوفية قد جفّت وهناك مشكلة حقيقيّة في الريّ، وقد نقلنا هذه المخاوف إلى الحكومة، على أمل أن تشعر بمعاناتنا». ويشير الخطيب إلى أنّ «اللوزيات مثلاً تتحمّل هذا الطقس أكثر من غيرها»، محذّراً في الوقت نفسه «من موجات الصقيع والجــــفاف التي إذا حصلت ستســــبب أضراراً كبيرة». ويخلص في حــــديثه للقول: «هذا العام هناك مشكلة زراعية كبيرة وعلى أكثر من صعيد».
في سياقٍ آخر، يفيد المدير العام لمصلحة الابحاث الزراعية العلمية ميشال افرام «السفير» بأن «الاسبوع المقبل سيشهد تغيراً في أحوال الطقس وسيصل منخفض جويّ محمّل بأمطار بكميات جيدة، متوقعاً «تساقط الثلوج على ارتفاع 1800 متر». ويؤكّد في الوقت نفسه أنه «لا يمكن تأكيد التوقعات 100 في المئة، فالاحوال الجويّة تتغيّر، وعلينا أن ننتظر لنرى ماذا سيحدث في الفترة المقبلة، وما اذا كانت منخفضات جوية أخرى ستصل إلينا».
فالسؤال الكبير يطرَح: ماذا سيجري بالمزروعات في حال حصول صقيع وبرد؟ ومن يعوّض خسائرهم المحتملة؟
تغيرات مناخية
في المقابل، يطمئن رئيس منطقة الجنوب في «جمعية المزارعين» رامز عسيران عبر «السفير» إلى أن «ارتفاع درجات الحرارة في وقت مبكر بات واقعاً مألوفاً، وعلى المزارعين أن يتأقلموا معه، فهناك تغيرات تشمل كل البلدان، نتيجة ارتفاع حرارة الأرض وغيرها من العوامل، ونحن نشهد الزهور المبكرة منذ أكثر من عام، ولا داعي للهلع، بل على المزارعين أن يفهموا هذه الحوادث الطبيعية وألاّ يبالغوا في خوفهم»، محذّراً في الوقت نفسه من «موجة بَرَد أو جليد ممكن أن تأتي في المرحلة الراهنة وتسبب خسائر زراعية كبيرة». ويستدرك بالقول: «لكن حتى الآن، لا يمكن اعتبار الخسائر التي تسببها الحرارة المرتفعة، كبيرة، بل هي محدودة، والأمر يعتمد على الرياح الخمسينية التي تأتي عادةً في أواخر آذار وأول نيسان، فإذا استمرت هذه الرياح أكثر من 3 أيام، يمكن حينها الخوف على المزروعات التي يمكن أن تتضرر». ويلفت الانتباه الى أن «المزارعين يعتمدون في خوفهم على مفاهيم قديمة كالمستقرضات، وفي الواقع التغير المناخي غيّب هذه الاخيرة منذ سنوات». ويرى عسيران أن «القطاع الزراعي يحتمل المخاطرة في أي وقت لأنه معرّض للظروف الطبيعية التي لا يمكن الجزم في توقعها، وهي مليئة بالمفاجآت التي يمكن أحياناً أن تضرب كل التوقعات».
ويوضح: المسألة في أنّ «الاحتباس الحراري أثّر على مجرى الرياح ورفع درجات الحرارة درجتين أو ثلاثا صعوداً، كما بكّر مواعيد الزرع الشتوي بين 10 و15 يوماً»، مؤكداً أنه «حتى الآن لا داعي للهلع، بل علينا انتظار الايام المقبلة لنرى كيف سيكون الطقس».