Site icon IMLebanon

عودة الحريري…النتائج والمآلات

 

 

كتبت صحيفة “الأنباء” الكويتية:

عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت الشهر الماضي شكلت نوعا من المفاجأة السياسية لأنها لم تقتصر على المشاركة في إحياء الذكرى السنوية لاغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري وإنما تعدت ذلك الى الإيحاء بأنها «عودة نهائية» وأنه في صدد إقامة مستقرة في بيروت تقطعها من حين الى آخر زيارات الى السعودية، بحيث صارت بيروت هي قاعدة التمركز والزيارة الى الرياض هي الاستثناء، بعدما كان العكس حاصلا في السنوات الخمس الماضية.

في خلال فترة وجيزة لا تتجاوز الأسابيع، نجح الحريري في إضفاء حيوية سياسية على وضع غارق في الرتابة والملل، وفي خلق دينامية حركة لم تصل الى حد تغيير الواقع واختراق جدار الأزمة.

ولكن بدا أن الحريري يحمل معه برنامجا سياسيا محليا يتوزع في أربعة اتجاهات أساسية وعلى أربعة عناوين:

1- إعادة بناء الوضع السياسي والشعبي في تيار “المستقبل” وإزالة كل ما تراكم من مراكز قوى ومحاور مناطقية وتصنيفات بين معتدلين وصقور.

وهذه المهمة كانت الأسهل والأسرع وكان الوزير أشرف ريفي من أولى ضحاياها.

2- احتواء الوضع الناشئ داخل تحالف “14 آذار” بعد الاصطدام الرئاسي العنيف بين الحريري وسمير جعجع، وحيث ذهب كل واحد في اتجاه وترشيح ولكن تحت سقف 8 آذار.

وظهر من حركة الحريري السياسية أنه لا يعمل على إعادة وضع 14 آذار الى ما كان عليه وعلى قاعدة إعطاء الأولوية لتحالفه مع جعجع بقدر ما يتصرف من خلفية أن العلاقة بين المستقبل والقوات أصابها «كسر وعطب» وأن الأولوية باتت لتطويق مفاعيل اتفاق معراب بين جعجع والعماد ميشال عون.

وكل ما فعله الحريري مسيحيا يصب في هذا الهدف بدءا من احتفال البيال الذي خص فيه الكتائب بالتفاتة مميزة وتكريم خاص، وصولا الى زيارة زحلة التي بنى فيها تحالفا محليا مع الكتلة الشعبية (ميريام سكاف)، مرورا بالاهتمام الذي يبديه بالقوى والشخصيات المستقلة والتفهم المفرط لظروف فرنجية وموقفه.

3- الانتخابات البلدية التي شكلت استحقاقا شعبيا وسياسيا داهما وفي الوقت غير المناسب لأسباب كثيرة منها الأزمة المالية وعدم جاهزية الماكينة الحزبية، والبلبلة في الشارع السني، واختبار القوى الذي لا يحتمل مفاجآت سلبية في زمن الاستحقاقات الرئاسية والحكومية والحاجة الى موقع تفاوضي قوي.

وإذا كان الحريري يتصرف كما لو أن الانتخابات البلدية حاصلة في موعدها وبدأ يصول ويجول مناطقيا من طرابلس الى زحلة فالبقاع الغربي لاحقا، وبدأ يعقد التحالفات شمالا وبقاعا، فإن هذه الحركة على الأرض لا تلغي واقع أن تيار المستقبل متهم من “حزب الله” بأنه يريد تأجيل الانتخابات من دون أن يتحمل مسؤولية ذلك.

4- الانتخابات الرئاسية، حيث أراد الحريري تكريس الاختراق الذي أحدثه مع ترشيح سليمان فرنجية وإنضاج ثمرة الاستحقاق الرئاسي.

وكانت جلسة 2 اذار الماضية بمثابة جلسة مفصلية في سياق هذه الخطة.

هذه الجلسة سجلت رقما قياسيا في عدد الحاضرين (أكثر من النصف زائد واحد) وبعثت برسالة معبرة مفادها أن أي جلسة انتخاب يتوافر لها النصاب ستكون جلسة انتخاب سليمان فرنجية رئيسا.

ولكن الوجه الآخر لهذه الجلسة سلبي بالنسبة للحريري وفحواه أن ترشيح فرنجية وصل الى طريق مسدود وأن قرار الرئاسة في يد حزب الله وأن التمسك بفرنجية، لم يعد مجديا، خاصة انه اثبت التزامه بحلفه مع حزب الله وقاطع الجلسة.