أطلق وزير العمل سجعان قزي في مؤتمر صحافي عقده ظهر اليوم في مكتبه في اللعازارية دراسة سوق العمل في المؤسسات التجارية والخدماتية التي وضعتها المؤسسة الوطنية للاستخدام بالتعاون مع جمعية تجار بيروت، وبنك سوسيته جنرال في لبنان.
وقال: “نلتقي اليوم لنتحدث عن إنجاز وضع في أحلك الازمات الاقتصادية والمالية والمعيشية والتجارية في لبنان، وهذه الدراسة لليد العاملة في المؤسسات التجارية والخدماتية، هي نور أبيض يشع في سماء لبنان السوداء ويدل على ان هناك اناسا في هذا البلد يهتمون بمصير الشباب والشابات والعمال، وأن هناك وزارات تعمل خلافا لما يظن البعض.
هذه الدراسة تعطي صورة واضحة للشباب والشابات في لبنان عن إمكان وجود فرص عمل لهم عندما يتخرجون في المعاهد والمدارس المهنية والجامعات في قطاع التجارة بكل تفرعاته، وقد تبين من خلال الدراسة أنه رغم الازمة الاقتصادية التي يعانيها قطاع التجارة، فإن هذا القطاع ما زال قادرا على الوقوف وان يكون في خدمة الاجيال اللبنانية”.
وأكد قزي “وجوب أن تشجع الدراسة قطاعات المصارف، الصناعة، والحكومة، ومنظمة العمل العربية، ومنظمة العمل الدولية في ان يقدموا المساعدة لوزارة العمل في وضع دراسة شاملة وراقية عن سوق العمل اللبناني بشكل عام”.
ولفت الى وجود أسباب كثيرة للبطالة في لبنان، أحدها وجود قطاعات لديها تخمة موظفين وعمال وليست في حاجة اليهم، وقطاعات أخرى تعاني النقص في التوظيف لأنه ما من كفاءات ومهارات لبنانية تعمل لديها.
أما ثاني هذه الاسباب فهو عدم وجود أسس ومعايير لدى الشباب لكي يختاروا على اساسها التوجه العلمي بعد انتهاء الدراسة، خصوصا أننا اليوم بحكم العادات اللبنانية والثقافة اللبنانية نجد أن كل الناس تريد ان تكون محامين واطباء ومهندسين الخ… في حين انه يوجد مهن اخرى غير هذه المهن التقليدية لها قيمتها الثقافية والحضارية والاجتماعية والمهنية، يمكن ان تغير المجتمع اللبناني”.
وأكد ضرورة “تعزيز التعليم المهني، لأن لا خروج للبنان من أزمة البطالة دون تعزيز التعليم المهني، وكل المهن الوسطية مفقودة في صفوف الشعب اللبناني”.
وشدد على “ضرورة وجود تنسيق ما بين الجامعات في لبنان ومؤسسات العمل. فالجامعات المحترمة في الدول ترافق تلاميذها بعد نيل شهاداتهم، من هنا على الجامعات اللبنانية أن تولي موضوع العمل لطلابها وأن تبدأ العلاقة مع الطلاب بعد التخرج وليس فقط اثناء وجودهم على مقاعد الدراسة”.
وقال: “فيما نبحث عن فرص العمل للبنانيين ولا نجدها بسهولة، هناك من يطرح علينا مشاريع مشبوهة لتوظيف النازحين السوريين في لبنان. نحن لسنا ضد النازحين السوريين او اي اجنبي يعمل في لبنان، لان لبنان من دون اليد العاملة الاجنبية لا يكون لبنان، لكن لا نريد أن يكون تشغيل النازحين جزءا من خطة تثبتهم على الاراضي اللبنانية، مع ما يمكن أن يؤدي ذلك الى توطين إذا تغيرت الحدود والانظمة والكيانات والجغرافيا في سوريا. نريدهم ان يعملوا بحسب حاجات سوق العمل اللبنانية في قطاعات محددة وليس بحسب مشاريع مشبوهة”.
وكشف قزي عن وجود منظمات دولية رسمية، وبعض السفارات في لبنان وخارجه تدفع ملايين الدولارات لبعض الجمعيات ومراكز الدراسات لتنظيم ندوات ومؤتمرات حول فوائد توظيف النازحين في لبنان، وهذا الامر بدأ يظهر قبل نحو ستة أشهر، ولكن تعزز بشكل فاضح وفضائحي بعد مؤتمر لندن للنازحين السوريين الذي عقد في 4 شباط الماضي. كما أن هناك منظمات وضعت ريبورتاجات صحافية توزعها على وسائل الاعلام اللبنانية، لإشاعة جو مؤات لتوظيف النازحين السوريين في لبنان، وجو اتهامي، وخصوصا لوزير العمل والوزارة، بأننا عنصريون ولا نقبل بتوظيف النازحين، فإذا كانت المحافظة على اليد العاملة اللبنانية هي ذنب فأنا اكبر مذنب ولكن سأتناول القربان من دون اعتراف”.
أضاف: “نحن مع إخواننا السوريين والفلسطينيين، وسوق العمل اللبنانية مفتوحة في القطاعات التي نحتاج اليهم فيها، ولكن خارج هذه القطاعات الأولوية هي لليد العاملة اللبنانية من شباب وشابات ورجال ونساء، لأننا نعيش أزمة غير موجودة في أي دولة في العالم. ففي افريقيا ليس هناك نسبة بطالة مثل لبنان، ولا نسبة فقر مثله، مع فارق ان اللبناني لا يظهر فقره وبطالته ومأساته كما المجتمعات الاخرى التي تبرز ذلك”.
ولفت وزير العمل الى وجود “25 في المئة بطالة في لبنان، في حين أنها في صفوف الفلسطينيين 23 في المئة، وهذه الأرقام أضعها بين يدي الرأي العام. نحن لم يعد في مقدورنا الاستمرار في الحياء، استحينا في ال1948 و1975 و1978 و1990، فلن نخجل سنة 2016، ولم نعد نستطيع ان يبقى لبنان مفتوحا وشبابه يهاجرون”.
وقال: “كان هناك مشروع رفعنا رأسنا به واعلنا عنه، هو فرصة العمل الاولى للشباب، وقيمته عشرة مليارات ليرة لبنانية، أي ستة ملايين ونصف مليون دولار، وقد تقرر في مجلس الوزراء منذ عام وخصصت له الاموال، ووزير المال علي حسن خليل وافق على تحويل أول مليارين باعتبار أن المشروع على خمس سنوات، لكن خطأ إداريا حصل بين البنك الدولي وأمانة سر رئاسة مجلس الوزراء أطاح المشروع الذي الغاه البنك الدولي”.
وسأل: “هل هناك بلد يحترم نفسه يفوت على شبابه 4800 فرصة عمل خلال خمس سنوات بسبب خطأ إداري وروتيني في الوقت الذي يدعوننا فيه الى تشغيل غير لبنانيين؟ هذا الامر يستحق النزول الى الشارع كما يحصل بالنسبة الى النفايات التي باتت بمثابة الحرب الكيمائية التي تشن على اللبنانيين”.
شماس
ثم تحدث رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، فشدد على “أهمية مواضيع سوق العمل والبطالة والعمالة في كل دول العالم والتي تهز عروش وتسقط حكومات”.
وقال: “إن وزير العمل لدى تسلمه مهمات الوزارة قال إن لديه ثلاث أولويات كوزارة عمل: الضمان الاجتماعي، حماية القوى العاملة اللبنانية، وتفعيل المؤسسة الوطنية للاستخدام، ونحن أبدينا الاستعداد للتعاون في هذه المواضيع، وقدمنا مشروع التغطية الصحية الاختيارية للتجار اللبنانيين الذي هو قيد الدرس في الضمان، اما على صعيد القوى العاملة اللبنانية فنحن داعمون لما يقوله معالي الوزير من وجود حملات تبشيرية لتوظيف غير اللبنانيين انما نحت على رأس حربة لحماية القوى العاملة اللبنانية”.
أضاف: “إن توظيف العمال غير اللبنانيين على المدى القريب يمكن ان يوفر نوعا من جرعة الاوكسيجين خلال الايام الصعبة، انما على المدى المتوسط والبعيد هو بمثابة جرعة سم للاقتصاد اللبناني، لأن الأموال تخرج من النظام الاقتصادي المركزي اللبناني، وبالتالي سيضرب الاستهلاك من خلال ضرب القدرة الشرائية اللبنانية، ولذلك علينا الاستمرار في التمسك باليد العاملة اللبنانية”.
وتحدث شماس عن “هبوط مخيف لفرص العمل من المؤسسات التي لا توظف، بل تقوم بالاستغناء عن ألوف فرص العمل”، وفي المقابل ثمة زيادة صاروخية لطلب العمل من الشباب والقوى العاملة غير الشرعية، وهذا سيتفاقم مع عودة اللبنانيين من افريقيا والخليج بسبب الصعوبات الاقتصادية المتأتية من انخفاض سعر النفط وغيره من الموارد الأولوية”.
ولفت الى أن “القطاع التجاري هو أكثر من وظف في لبنان خلال ال25 سنة الماضية، حيث يتم تشغيل نحو 27 في المئة من القوى العاملة اللبنانية، لكن يا للأسف في الايام الصعبة فإن هذا القطاع اول ما يحصل فيه استنزاف للموارد البشرية”.
وأشار الى وجود “ثلاثة أنواع من البطالة في لبنان: البطالة الاحتكاكية، البطالة الظرفية، البطالة الهيكلية”.
وختم: “صحيح أن الصورة قائمة اليوم، إنما تفتح مجالات للأمل، واذا تكاملنا مع بعضنا البعض نستطيع إعادة تحريك سوق العمل لخير كل اللبنانيين”.
خوري
وتحدث مدير قسم الاستراتيجية والتسويق في بنك سوسيته جنرال حبيب خوري فقال: “لطالما أظهر بنك سوسيته جنرال في لبنان دعمه للتنمية المستدامة والنمو الاقتصادي للبلاد، إذ نؤمن بالسوق اللبنانية وبقدرتها على التطور والازدهار وتخطي العقبات.
لذلك، يقف SGBL الى جانب الأفراد والمهنيين والمؤسسات في لبنان ويدعمهم في تطوير أعمالهم ونموها. كما يشجع دائما الخريجين الشباب ويرافقهم في مختلف مراحل حياتهم. فلا بد من تشجيع عنصر الشباب على استثمار ما يملكون من معرفة ومواهب وإمكانات وابتكارات في لبنان، عوض هجرتهم الى الخارج، ليساهموا في نمو البلاد وتطورها.
ولأن جمعية تجار بيروت ترعى مصالح القطاع التجاري، وتشجع التجار على تطوير اعمالهم وصقل مهاراتهم وزيادة انتاجيتهم، فما كان لنا سوى مشاركتها العام الماضي في إطلاق مشروعها الواعد والداعم للتنمية المستدامة. وها نحن اليوم نعود لنؤكد دعمنا ونشكر للجمعية مبادرتها، تحت مظلة وزارة العمل وشخص معالي الوزير سجعان قزي، والمؤسسة الوطنية للاستخدام، ولا سيما أن هذه الدراسة تسمح للشباب المتخصصين وذوي المواهب بالاطلاع على سوق العمل ودخولها بعد استقطاب الفرص السانحة”.
أبي فاضل
أما المدير العام للمؤسسة الوطنية للاستخدام جان أبي فاضل، فقال: “أشكر معالي وزير العمل الاستاذ سجعان قزي على رعايته وإطلاقه نتائج “دراسة اليد العاملة في المؤسسات التجارية والخدماتية” التي قامت بها المؤسسة الوطنية للاستخدام بمبادرة وتعاون مع جمعية تجار بيروت وبدعم مشكور من بنك SGBL. هدفت هذه الدراسة الى معرفة مدى مواءمة متطلبات سوق العمل بالاختصاصات المخرجة بحيث يصار الى تدريب الشباب على اشياء تحتاجها الشركات مع تحديث النظام التعليمي بما يتلاءم مع متطلبات سوق العمل.
وآمل في النهاية أن يستمر هذا التعاون بين المؤسسة والقطاع الخاص، تجسيدا لما يحكى عنه الكثير، عنيت به الحوار والشراكة بين القطاعين العام والخاص”.
وختم: “لمناسبة يوم المرأة العالمي، تحية الى المرأة اللبنانية العاملة ودعوة الى زيادة نسبة العمالة الانثوية في مختلف القطاعات”.