غسان ريفي
تخيم حالة من الغضب على العاملين في مرفأ طرابلس بسبب التعطيل المتعمد اللاحق به، مصحوباً باستغراب شديد من قبل القيمين عليه حول عدم وجود أية تبريرات أو تفسيرات لأحجام المسؤولين المعنيين عن تعيين كشافين جمركيين جدد لتسهيل الأعمال التي تتنامى باضطرد، بعد افتتاح محطة الحاويات.
وما يلفت الانتباه هو أن مرفأ بيروت يعاني من تخمة كشافين جمركيين، حيث يبلغ عددهم 24 كشافاً، في حين يقوم موظف جمركي واحد في مرفأ طرابلس بمهام ثلاث وظائف من بينها وظيفة الكشاف، ولعل ما نُقل عن لسان أحد كبار المسؤولين من كلام يسيء الى مرفأ طرابلس ويدعو الى إغلاقه، بدأ يثير المخاوف لدى كثيرين من قيادات المدينة ومسؤوليها من وجود نية رسمية مبيتة لإهمال هذا المرفق العام تمهيداً لتفريغه من موظفيه، وإضعافه وتعطيله وتهميشه، ودفع الشركات إلى مغادرته، وذلك بعد سنوات طويلة من المتابعة اليومية وصرف الأموال على مشاريع التطوير والتحديث التي جعلت مرفأ طرابلس واحداً من أهم المرافئ في المنطقة بغاطس يبلغ أكثر من 15 متراً.
هذا الواقع دفع عائلة المرفأ من إدارة ووكلاء بحريين ومخلصين جمركيين وشركات وعمال، إلى اللجوء للإضراب التحذيري أمس، حيث تعطّلت حركته باستثناء تلك المتعلقة بالمواد الغذائية السريعة العطب، فيما سارع المجتمع المدني الطرابلسي إلى الالتفاف حول المرفأ من خلال المشاركة بالاعتصام الذي جرى تنفيذه أمام دائرة الجمارك في الميناء، لرفع الصوت عالياً للمطالبة بتعيين كشافين جدد، ودعوة السلطة السياسية الى تغطية قرار مدير عام الجمارك بتعيين كشافَين اثنين لم يلتحقا بعملهما حتى الآن.
وجاء الاعتصام الحاشد تحت عنوان: «24 كشافاً في بيروت مقابل كشاف واحد في طرابلس.. طفح الكيل ناس بسمنة وناس بزيت»، وهو يعتبر مقدمة لسلسلة تحركات تصعيدية سيلجأ إليها المرفأ مدعوماً من المجتمع المدني وصــــولا الى إعلان الإضراب العام بعد عشرة أيام في حال لم تســــرع الدولة الى معالجة النقص الحاد في عدد الكشافين الجمركيين.
ويشير مدير المرفأ الدكتور أحمد تامر الى ان المرفأ يعاني منذ اكثر من سنتين من عدم وجود كشافين جمركيين، اذ لا يوجد الا كشاف جمركي واحد فقط، لافتاً الانتباه إلى أن «الحركة أصبحت بمقدار 2 مليون طن، وكشاف واحد على 2 مليون طن فيه ظلم كبير مما يكبل العمل داخل المرفأ، ويجعلنا نعاني من أزمة كبيرة، فالبضائع تتأخر كثيراً، ونحن بهذا الخصوص نناشد رئيس الحكومة تمام سلام والرئيس نبيه بري وكل الوزراء المعنيين بتعيين كشافين جمركيين في مرفأ طرابلس بأسرع وقت».
ويقول تامر: «مرفأ طرابلس خطا خطوات مهمة ومتطورة وأصبح لدينا محطة حاويات، وبات المرفأ منافساً لكل المرافئ الموجودة على حوض البحر المتوسط وهذا يتطلب احتضانه من القيادات اللبنانية ليتمكّن من القيام بالدور المنوط به».
وختم تامر شاكراً كل الداعمين وفي مقدمتهم توفيق سلطان الذي يتابع أعمال المرفأ بشكل يومي، مشيراً الى توصية الوكلاء البحريين وعمال المرفأ باللجوء الى الإضراب المفتوح إذا استمر الوضع على ما هو عليه من التعطيل.
ويرى عضو مجلس إدارة المرفأ محمود سلهب أن «ثمة حرباً تشنّ على المرفأ وعلى طرابلس ولا يجوز السكوت عن ذلك»، لافتاً الانتباه الى أن «مساحة المرفأ أكثر من مليوني متر ويوجد فيه كشاف واحد فقط وهو رئيس دائرة أيضاً، هذا أمر غير مقبول ويجب الإسراع في معالجة هذه الفضيحة».
ويؤكد نقيب العمال احمد السعيد أننا لن نسمح بعد اليوم بتعطيل المرافق الحيوية، وسننفذ إضراباً مفتوحاً بعد عشرة ايام في حال لم يتم التجاوب مع حقوق المدينة.
من جهته يقول أمين عام جمعية تجار طرابلس غسان الحسامي: «لطالما سعينا وناشدنا المسؤولين بضرورة تفعيل دور مرفأ طرابلس وتطويره لما يشكل من رافعة للحركة التجارية في طرابلس والشمال، مما يشكل قوة إضافية لتكامله مع سائر المرافق اﻻقتصادية ومنها محطة القطار والمعرض والمنطقة اﻻقتصادية الخاصة ومطار رينيه معوض، لذلك ﻻ يجوز ولن نسمح باﻻستخفاف بحقوقنا ومطالبنا البديهية التي نراها من واجب الدولة»، مطالباً بالإسراع في تعيين كشافين جمركيين، بما يتناسب مع واقع المرفأ المتنامي، ﻻن ثمن التأخير في تخليص البضائع يدفع ثمنه التاجر اوﻻً، كما ينعكس ذلك سلباً على حركة الشحن في مرفأ طرابلس والحركة الاقتصادية الشمالية.