كتبت منال شعيا في صحيفة “النهار”:
في جلسة 2 آذار لانتخاب رئيس للجمهورية، بلغ عدد النواب الذين حضروا 73 نائبا، وهو رقم قياسي، بمن فيهم رئيس المجلس نبيه بري.
نجح الرئيس سعد الحريري في “استقطاب” العدد الاكبر من الحضور النيابي، لكن انتخاب الرئيس لا يزال بعيد المنال.
نحو عامين على الفراغ الرئاسي، و36 جلسة حتى الان من دون نتيجة. في الاسبوع الماضي، اوصل نواب 14 آذار رسالة الى المقاطعين مفادها أنهم قادرون على الحشد، حتى لو عجزوا عن تأمين النصاب الدستوري للانتخاب، وهو 86 نائبا. هم اثبتوا بحضورهم ان الفريق المقاطع من “تكتل التغيير والاصلاح” وكتلة “الوفاء للمقاومة” يشكل “ثلثاً معطلا” لاستحقاق ديموقراطي يفترض ان يمر في وقته. الا ان المرشحين النائب العماد ميشال عون ورئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية، يريدان ضمان النتيجة سلفاً، وهما من الفريق نفسه يخوضان “المعركة – المواجهة”.
الجميع يتذكر الجلسة الاولى لانتخاب الرئيس، والتي جرت في 23 نيسان 2014. يومذاك، انتهت النتيجة بـ48 صوتا للمرشح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، في وجه سبع “اوراق ملغومة” و52 ورقة بيضاء و16 صوتا للمرشح هنري حلو، ولم تكن التحالفات السياسية قد فعلت فعلها بعد، ليصبح فرنجية مرشح الحريري، وعون مرشح جعجع.
وما دامت الجلسة الاولى لانتخاب الرئيس قد اتمت فعلها، فما الذي يمنع احتساب النصاب القانوني للجلسات التي تلت، على اساس النصف زائد واحد؟ اكثر من صوت يطالب باعتماد هذه الآلية، ما دامت متوافرة.
وفق الدستور، فان الفصل الرابع منه افرد بابا لانتخاب رئيس الجمهورية، وحدد في المادة 49 منه طريقة الانتخاب، اذ نصت المادة على ان “ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الاولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي”.
من هنا، اذا كان بري يواظب على الدعوات المتتالية لجلسات الانتخاب، فلمَ الاصرار على احتساب النصاب بـ 86 نائبا؟
يجيب الخبير الدستوري المحامي هادي راشد معتبرا ان “المادة الدستورية ليست واضحة مئة في المئة، فهي اشارت الى نصاب الثلثين، انما بشكل غير واضح”.
ويشرح لـ”النهار”: “عادة عندما تكون النصوص غير واضحة، يتم اللجوء الى المحاكم لتفسير النص الدستوري. انما في غياب المجلس الدستوري المنوط به اعطاء التفسير، تمّ الاستناد الى التجارب السابقة، بحيث باتت السوابق هي التي تحكم”.
ويضيف: “في كل المرات السابقة، انتخب رئيس الجمهورية على قاعدة الثلثين، وابلغ مثال جلسة انتخاب الرئيس بشير الجميل، اذ على رغم الظروف الامنية الخطرة يومها، بقي النواب في المجلس ينتظرون، تحت القذائف، اكتمال نصاب الثلثين لإتمام عملية الانتخاب”.
من هنا، فان السابقة الدستورية هي التي لا تزال تتحكم بنصاب انتخاب رئيس الجمهورية. ولكن، من يطالب باعتماد نصاب النصف زائد واحد، انما يستند الى كون الدورة الاولى لانتخاب الرئيس قد اتمت، وبالتالي بتنا امام دورة ثانية.
يعلق راشد: “انتخاب رئيس الجمهورية مرتبط بمبدأ الميثاقية ايضا، لانه اذا اعتمدنا على النصف زائد واحد، فهذا يعني انه يمكن 64 نائبا مسيحيا ونائبا واحدا مسلما ان يؤمنوا النصاب، او العكس ايضا، مما يعني اننا ضربنا ميثاقية الجلسة”.
واذ يرى انه في الظروف الصعبة لم ينتخب رئيس للجمهورية بالنصف زائد واحد، فكيف بالاحرى اليوم، وسط ظروف امنية هادئة وعدم اندلاع حرب، يؤكد ان الميثاقية ليست بالامر الثانوي، لافتا الى ان تفسيرها واضح، فهي تعني “الرقم الذي تعتمده كل المؤسسات لإضفاء صفة الشرعية على اجتماعاتها، فكيف اذا كانت هذه الاجتماعات هي لانتخاب الرئيس الاول في الدولة؟”.