تستعدّ الحكومة ووزارة الخارجية لاجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، الذي يبدو أنّه يتّسم بأهمية كبيرة في سياق ما يتعرّض له لبنان من إجراءات خليجية بسبب تصنيف “حزب الله” منظمة إرهابية.
وقالت أوساط مطلعة لـ”الراي” إنّ التنسيق الذي سيحصل بين سلام ووزير الخارجية جبران باسيل قبيل اجتماع القاهرة ينطلق من تقديرات مسبقة بأنّ السعودية قد تطلب من الجامعة العربية اعتماد تصنيف “حزب الله” منظمة إرهابية، وأنّ الأمر سيعيد تالياً وضع لبنان أمام موقف حرج، الأمر الذي يتطلب موقفاً حازماً وواضحاً ومتوازناً لا يخرج فيه لبنان عن الإجماع العربي إذا تَحقق ولا يتسبّب بأزمة داخلية جديدة.
وإذ أشارت الأوساط في هذا السياق الى احتمال عقد اجتماع بين سلام وباسيل للإتفاق على الموقف اللبناني قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب، كشفت أنّ المعطيات المتوافرة عن الموقف الخليجي والعربي تشير الى تَشدُّد إضافي يتنافى مع البيان المتفائل الذي أصدره وزير البيئة محمد المشنوق أول من أمس، بعد لقائه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في جاكرتا.
وفسّرت ذلك بأنّ الوزير السعودي أعرب عن ارتياحه الى مبادرة سلام بإيفاد الوزير المشنوق الى المؤتمر الاسلامي بدل الوزير باسيل، ولكن ذلك لم يرقَ الى مستوى معالجة الأزمة المعقدة لمجرد حصول اللقاء بين الوزيرين، وإن كانت المساعي ناشطة من أجل توفير عقد لقاء مماثل بين الجبير وباسيل في القاهرة، ولكنها لم تصل بعد الى نتائج أكيدة، في حين تدعو دوائر مراقبة الى ترقُّب ما اذا كانت السعودية ودول الخليج ستعتمد سياسة تصعيد المعركة ضدّ “حزب الله”، ولكن مع الاكتفاء بـ”الدفعة الاولى” من الاجراءات العقابية بحق لبنان الرسمي، والتي شملت وقف المساعدات العسكرية ومنْع الرعايا من السفر الى بيروت.
وإذا كانت الأنظار تتّجه اليوم الى الدورة 138 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج التي تُعقد في الرياض حيث يفترض أن تتضح خريطة طريق التعاطي مع “حزب الله” في ضوء اعتباره منظمة إرهابية، والمسار الذي ستسلكه بلدان الخليج في اجتماع “الوزاري العربي” في القاهرة غداً، فإنّ موقف مجلس الوزراء السعودي (خلال انعقاده الاثنين) برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أعطى إشارة واضحة الى السقف الذي سيُعتمد، إذ شدّد على قرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اعتبار مليشيات “حزب الله” بقادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها منظمة إرهابية نظراً لاستمرار الأعمال العدائية التي تقوم بها (…) وتشكيلها تهديداً للأمن القومي العربي”.
وفي سياق متصل، أكدت مصادر “الخارجية” لصحيفة “السفير” أن الاستراتيجية التي يعتمدها الوزير جبران باسيل تقوم على قاعدة “تمغيط” حبل الدبلوماسية اللبنانية ومرونتها حتى حدود المصلحة اللبنانية التي لا يمكن القبول بالمساومة عليها او المجازفة بها، مشيرة الى انها تشكل المعيار الوحيد الذي يبني على أساسه باسيل مواقفه وخياراته.
وشددت المصادر على ان “الخارجية” لا تريد للبنان ان يكون في حالة صراع مع الجامعة العربية، بل تتطلع الى ان يتكامل معها حيث يستطيع، وان ينأى بنفسه حيث يكون هناك تناقض.
وتبعا لأجواء “الخارجية” فان هناك اجماعا لبنانيا على رفض تصنيف “حزب الله” بانه ارهابي، وهذا أمر لا يحتمل الاجتهاد والنقاش، وبالتالي فان وزير الخارجية لا يمكن ان يوافق على اي طرح من هذا النوع في المحافل العربية والدولية، انسجاما مع سياسة الحكومة وتطبيقا لها.